بين كثبان رملية يمضي شارع اسفلتي يقاوم زحف الرمال المتطايرة بفعل الهواء، في صحراء لا يقطع صفارها سوى قرى متناثرة بين ولايات سلطنة عمان. الطريق يمضي إلى منطقة تسمى الأشخرة، وهي محاذية للبحر وتمتاز بطقسها الجميل على رغم أن الصحراء القريبة منها تمدها بمؤشر حرارة يتجاوز 50 درجة مئوية. هذا المصيف يجذب السياح من داخل السلطنة، ومن مواطنين خليجيين يستمتعون بالطقس المعتدل مع أن المكان ليس إلا قرية ساحلية يعيش غالبية أهلها على صيد السمك والترحال كشأن البدو دائماً. على مقربة من الشاطئ يمكن رؤية مبنى أنيق يختلف تماماً عمّا يحيط به من منازل الصيادين الذين يمضون نهارهم يجهزون قوارب الصيد أو يفرغون حمولتها من خيرات البحر بعد أمسية من البحث عن السمك بين الأمواج المتلاطمة. ويسمى ذلك المبنى «بيوت الشباب» وهي بيوت أنشئت قبل أعوام، لكن الهدف المعلن منها لا يمت إلى الشباب بصلة. فالفكرة منها «تشجيع المواطنين والمقيمين على زيارة المواقع السياحية في السلطنة»، أي دعم السياحة الداخلية في مناطق تمتلك مقومات الجذب. وأقامت عمان مبنيين سمتهما «بيوت الشباب» في منطقة الأشخرة (المنطقة الشرقية وتبعد من مسقط نحو 300 كلم) وصحنوت في محافظة ظفار (تبعد من مسقط ألف كلم) بهدف «توفير المرافق الايوائية بأسعار معقولة للراغبين في زيارة هذه المواقع المتميزة» مع التركيز على العائلات. والدخول إلى المبنى الذي تحيط به رمال الصحراء وليس ببعيد من البحر، يعطي انطباعاً بأنه يحمل اسماً ليس له. فهو استراحة فندقية أنيقة مستحقة للنجمات الثلاث التي تحملها. غرفة واسعة وأمامها صالة أوسع، وتصل تكلفة الليلة إلى ما يقارب 100 دولار. أما العائلة التي لا يكفيها الأثاث المخصص للنوم فيمكنها دفع نحو 20 دولاراً إضافياً لكي يجد النائم شيئاً ينام عليه. وبدأ إنشاء «بيت الشباب» بفكرة أقرب إلى الروح الشبابية، اذ ان المكان مهيأ للرحلات والصيد، والاسعار بدأت بأقل من 30 دولاراً لليلة. لكن في أيام العطل يصبح الحصول على شقة أمراً شاقاً، فيما الرغبة في الافادة من الإقبال الكبير عليها حركت أسعارها لتتواكب مع الارتفاعات التي شهدها القطاع الفندقي في سائر البلاد. ويقول مسؤول عن الشركة التي تدير المبنيين الحاملين مسمى «بيوت الشباب» في صلالة، انها تأتي لتقديم خدمة إيوايئة خلال موسم خريف صلالة وإفادة أكبر عدد من «العائلات في هذا الموسم المميز والمزدهر»، مشيراً إلى أن هذه البيوت «تستقبل الأسر العمانية التي ينصب التركيز عليها، أما غير العمانية فعليها أن تدفع أكثر، ففكرة اقامة بيوت الشباب لا تتمثل في مجرد اقامة فندق أو مرفق بقيمة ميسرة، انما الهدف تحفيز العائلات العمانية على التنقل في ربوع البلاد وتشجيع السياحة الداخلية والافادة من الاسعار المدعومة من الحكومة بهدف تقليل الأسعار العالية للفنادق خصوصاً في المواسم السياحية». ويميل الشباب في عمان غالباً الى الابتعاد من المباني الإسمنتية بحثاً عن الترحال في الأماكن الطبيعية بخاصة لمحبي التخييم. وتوفر الصحراء مساحات لإقامة مخيمات صغيرة خاصة بالرحلة أو اللجوء إلى مخيمات سياحية تقدم خدمات سمر وأنشطة تحفز على المبيت فيها. ويجد آخرون في الأودية التي تتوافر فيها مياه، فرصة لقضاء أكثر من ليلة في أحضان الطبيعة، ساعين قدر الإمكان لتوفير مستلزمات الرحلة لما يكفي الوقت المحدد لها. وغالباً ما يرافق هؤلاء المغامرين عازفون يطلقون نغماتهم ليلاً، ما يضفي أجواء مميزة على الرحلة، ويجعل الشاب غير مكترث بما يسمى «بيوت الشباب»...