رحلت زوجة جوليان بارنز بعد ثمانية أشهر على نشره تأملات في الموت «لا شيء يخيف» في 2008. قضى مرض سريع على بات كافانا الجميلة وزواج طال ثلاثة عقود، وخلّف وحشة تبرزها مجموعته الأخيرة «نبض» الصادرة عن دار جوناثان كيب. في قصة «خطوط الزواج» يقصد أرمل جزيرة مال في سكوتلندا حيث أمضى عطلاً سعيدة مع زوجته الراحلة حديثاً التي شاركته التنزه ومراقبة الطيور. يستخدم صيغة المثنى في حديثه، ويفطن كلما أخطأ إلى ضرورة اعتياده صيغة المفرد التي باتت قاعدة حياته. يعصاه العزاء ويعرف أنه لا يسيطر على حزنه بل يخضع له « وفي الشهور والسنين المقبلة يتوقع أن يعلمه الحزن أشياء أخرى. كان هذا أولها وحسب». يدرك مضيفه قبله أن هذه زيارته الأخيرة حين يبكي. على أن الدمع لم يهطل حزناً عليها أو على نفسه أو ذكرياته. «سال على غبائه. وافتراضاته أيضاً». في قصة أخرى يجلس موظف في مكتب عقاري لندني في مقهى ريفي وتجذبه النادلة البولندية بكل ما تكنه. لم تثرثر أو تغازل أو تلح، ولم تهتم بكونه مطلقاً أو موظفاً في مكتب عقاري. تغفل حتى بعد تواعدهما على إفساده الأمور دائماً، وتفهم عجزه عن النوم معها عندما يعيد طفليه إلى زوجته السابقة ويعود حزيناً. رغم كل ذلك يدمّر ماضي الاثنين العلاقة، ويقضي على أي أمل بالمستقبل. «عالم البستاني» عن زوجة تعوض عن عدم إنجابها بالاهتمام الشغوف بالحديقة. تمضي وقتها بشراء النبات وزرعه، لكن بحثها المسعور عن «ثمر» حياتها ينتهي بخواء عاطفي آخر. «عند فيل وجوانا» ترصد عشاء لأبناء الطبقة الوسطى في شمال لندن حيث يكثر المثقفون. يحصي الراوي مواضيع الحديث من أثر الشتاء النفسي والأزمة المالية وارتفاع البطالة واحتمال ازدياد التوتر الاجتماعي إلى خبو أوباما واحتمال السعادة والفارق بين التشبيه والمجاز وتطور المبالغات الجنسية. يقول أحدهم إننا لا نتحدث عن الحب فيصمت الحضور بعض الوقت ثم يعودون إلى الحديث عن أثر الشتاء النفسي والأزمة المالية وارتفاع البطالة. «النوم مع جون أبدايك» عن كاتبتين ظريفتين، لاذعتين تخطتا ذروتهما، تدعيان معاً إلى المهرجانات الأدبية، وتبوحان باستيائهما في رحلة العودة في القطار. فيما تمد إحداهما الجبنة على شريحة الخبز في بيتها تتخيل نفسها تموت وحيدة في مقصورة قطار شبه خالية، وتشعر بالحاجة إلى كلمات رفيقتها المطمئنة. رغم ذلك تتابع فطورها وشجنها، ولا ترد على الهاتف حين يرن. القصص الخمس الأخيرة عن الحواس. يفاقم رجل فظ إحساس فنانة صماء بكماء بالإحباط، فتزيل اللمسات التجميلية لهيئته. تسترجع عازفة بيانو نمساوية عمياء خارقة الموهبة نظرها لتفقده مجدّداً. تعاني طبيبة من سوء الدورة الدموية الذي يصيبها بالبرد الدائم، وتضع القفازات باستمرار، فيهجس صديقها بيديها ويرغب في لمسهما. في «نبض» يخسر رجل مسن حاسة الشم ويخبر ابنه بأسى أنه لم يعد يشم والدته. «تقصد عطرها» يصحح الابن، فيصر الأب: «جلدها. هي». تصاب الأم بمرض عصبي حركي يقضي على حواسها تباعاً فيغسل زوجها ملابسه ويكويها لكي تراه نظيفاً مرتباً كما كان. حين يكتشف أن السمع والشم يصمدان أكثر من سائر الحواس، يأتي بحفنة من الصعتر والحبق وإكليل الجبل ويسحقها تحت أنفها لكي يفرحها قبل أن تغيب. فرويد في الصين يعود سيغموند فرويد إلى الصين كما كان. معالجاً نفسياً للأفراد لا وسيلة للإصلاح الاجتماعي كما حدث بعد عودة شبان درسوا في الخارج وعادوا بأفكاره بعد 1910 في القرن العشرين. يهتم صينيو اليوم خصوصاً بالجنس والأحلام، ويعرض التلفزيون برنامجاً عن كتابه «تفسير الأحلام» تمكن مشاهدته أيضاً على «صينا.كوم»، الموقع المعلوماتي الأكبر في البلاد. في العقد الأخير ازداد الاهتمام بأبي التحليل النفسي الذي تباع كتبه في المكتبات الرئيسة، ويعرفه الصينيون حين يشاهدون صورته في الإعلانات. وأخيراً اختيرت بيجين أول مدينة أسيوية للاحتفال بمئوية تأسيس جمعية التحليل النفسي الدولية. حين وصل الشيوعيون إلى الحكم في 1949 نفروا من تركيز التحليل النفسي على الفرد، ورأوه علماً زائفاً بورجوازياً يعارض سعيهم إلى إنشاء وعي جمعي. وحدها التطبيقات الروسية للتشريط الاجتماعي أفلتت من قبضتهم الحديد لخدمتها أهدافهم. استندت هذه إلى اختبار إيفان بافلوف الذي رن الجرس عندما قدّم قطعة لحم إلى الكلب فسال لعابه. بعد فترة بات لعاب الكلب يسيل حين يدق الجرس من دون تقديم الطعام، وأغرى الاختبار الشيوعيين الذين استخدموه لتغيير سلوك البشر فساووهم بالكلاب. آمنت الحضارة الغربية المسيحية بعلاقة الفرد الشخصية بالله، وقدرته على تحسين نفسه بنقد الذات، في حين شدّد الصينيون على استمرارية المجتمع وضرورة تكيف الفرد مع محيطه. ويقابل حاجة الغربي إلى البوح والخلاص من ذنبه، شعور الصيني الغامر بالعار من كشف الأسرار خصوصاً إذا طاولت الأسرة. على أن الطبيعة البشرية تبقى نفسها، يقول علماء النفس الصينيون، وربما جعلت سياسة الطفل الواحد للأسرة العلاقة مع الأهل أكثر توتراً وحاجة إلى العلاج، إضافة إلى أثر الأحداث السياسية العنيفة منذ الثورة الثقافية حتى هرس الطلاب المتمردين بالدبابات في ساحة تياننمين. يتوقع صينيون كثر تفسيراً فورياً وواضحاً لأحلامهم، وتخيبهم العملية الطويلة في التحليل النفسي. في المقابل يتناقص عدد المحللين النفسيين الذين يعتمدون تفسير الأحلام في الغرب، ويتصاعد رمي فرويد بالحجارة. في الربيع الماضي قال الفيلسوف الفرنسي ميشال أونفري في كتابه «شفق معبود: الفبركة الفرويدية» إن فرويد اليهودي كان دجالاً لاسامياً منحرفاً كارهاً للمرأة والمثليين، وإنه هجس بالإساءة الجنسية وفشل في شفاء مريض واحد بمن فيهم برتا بابنهايم المعروفة بآنا أو التي كانت حالتها أساسية في تطوير التحليل النفسي. وصف أونفري الأخير بأنه «آخر الأديان الممنوع مسّها والتي يجلها النجوم ولاعبو كرة القدم». الأمبراطورية ترد حال الصواب السياسي دون ملاحقة عصابات معظمها من الباكستانيين استغلت إنكليزيات بيضاوات لأغراض الجنس حين أثار ناشط باكستاني القضية قبل عامين. أثارت الصحافة المسألة مجدّداً منذ نهاية العام الماضي، واشتعل النقاش مع تعليق وزير الداخلية السابق جاك سترو عليها. يمنح الخروج من الحكم الساسة جرأة لافتة يتمنون أن لا يطول تأثيرها حتى الانتخابات المقبلة، لكن الذاكرة قد تطول أكثر مما يأملون. إثر الحكم على باكستانيين مسلمين اعتديا على إنكليزيات بين الثانية عشرة والثامنة عشرة، قال سترو إن العصابات تعتبر الفتيات البيضاوات «لحماً سهلاً»، وإن الأفعال التي ارتكبها الإثنان «مشكلة محددة» في الجالية الباكستانية التي ينبغي عليها أن تكون أكثر صراحة في ما يتعلق بأسبابها. ثار زميله الأسيوي في حزب العمال كيث فاز الذي اتهمه بنمذجة الباكستانيين، وأصر على أن الحال لا تمثل مشكلة ثقافية. محمد شفيق، رئيس مؤسسة رمضان للشباب المسلم لفت إلى القضية منذ عامين، فانتقده باكستانيون رأوا أنه يخدم بعمله القوميين البريطانيين، ويصم قومه بجرم عدد منهم. «هناك شعور بأن أخلاقيات وقيم هؤلاء الفتيات دون تلك لدى النساء الباكستانيات الأصل» قال شفيق الذي اعتبر تعليق سترو هجومياً لاقتراحه إن هذا السلوك متأصل لدى الباكستانيين، وهاجمه لأنه لم يثر الأمر إلا حين بات خارج الحكم. تتحرش عصابات من الشبان في وسط بريطانيا وشمالها بمراهقات إنكليزيات في الشارع، ويعرض أفرادها عليهن نزهة في السيارة. يغريهن بالكحول والمخدرات ويتناوبن عليهن في الفنادق والحدائق العامة والمنازل. في ثلاثة عشر عاماً أدين 56 شخصاً، يبلغ معدل أعمارهم 28 عاماً، بالاغتصاب والاعتداء واختطاف طفلات وممارسة الجنس معهن. كان بينهم ثلاثة رجال بيض، و50 مسلماً معظمهم باكستانيو الأصل.