توقّعت مؤسسات استثمارية إقليمية وعالمية، أن تقود الإمارات وقطر، الانتعاش في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الحالي، نتيجة الارتفاع المتوقع في أسعار النفط، وعودة الحياة الى قطاعات الخدمات والتجارة والسياحة والطيران. ورجّحت مؤسسة «بيت الاستثمار العالمي» في تقرير صدر امس، أن «يترواح سعر برميل النفط خلال هذا العام بين 80 و85 دولاراً، مدفوعاً بنمو الاقتصاد العالمي وزيادة الاستهلاك في كل من الصين والهند، إضافة الى العقوبات الدولية على إيران، واحتمال تشديد القوانين العالمية على أمن استخراج النفط وسلامته، بعد حادثة التسرب النفطي التي تسببت فيها شركة «بي بي» العالمية في خليج المكسيك». وقدّرت أن يقفز الناتج المحلي لدول الخليج الست خلال العام الحالي، بمعدل 6.3 في المئة في النصف الأول، ونحو 9.8 في المئة في النصف الثاني، مدفوعاً بزيادة أرباح الشركات الخليجية بمعدل 20 في المئة. وإضافة الى الحوافز الاقتصادية والمالية التي قدمتها حكومات المنطقة على مدى العامين الماضيين، توقع «بيت الاستثمار العالمي»، ان يقود قطاعا المصارف والبتروكيماويات، قاطرة النمو في منطقة الخليج. ورجّح مسؤولون في مؤسسة «شعاع كابيتال» الاستثمارية، ان تتحسن حركة الاستثمار هذا العام في منطقة الخليج، مدفوعة بأسعار الأسهم التي باتت مغرية للمستثمرين، خصوصاً في الإمارات، التي كان أداء بورصتيها الأضعف بين دول المنطقة خلال العام الحالي، فضلاً عن استفادة قطاع الخدمات من انخفاض سعر الدولار. ولم يستبعدوا، في مؤتمر صحافي، ان يرتفع الناتج المحلي في الإمارات خلال هذا العام الى 3.2 في المئة، بعد نجاح إمارة دبي في إعادة هيكلة جزء كبير من ديون شركاتها خصوصاً ديون مؤسسة «دبي العالمية»، التي انعكست سلباً عل ثقة المستثمرين خلال عام 2010. وأشار «بيت الاستثمار العالمي»، الى احتمال ان يشهد العام الحالي تدفق الاستثمارات الأجنبية الى بورصتي الإمارات وقطر، في حال رُفع تقويمهما من قبل مؤسسات عالمية، وكان على وشك الحصول عام 2008، قبل اندلاع أزمة المال العالمية. وتوقعت المؤسسة العالمية، ان يرتقع مؤشر الإمارات خلال هذا العام، بمعدل يتراوح بين 22 و26 في المئة، مدفوعاً بتحسن ثقة المستثمرين، وارتفاع قدرتهم على المخاطرة. وعلى رغم النظرة المتفائلة التي رسمها سبع خبراء يعملون في المؤسسة الإقليمية لاقتصاد الإمارات خلال العام الحالي، توقّع الرئيس التنفيذي ل «شعاع كابيتال» سمير الأنصاري، أن يحتاج التعافي الكامل لحركة الاستثمار في الإمارات إلى ما بين ثلاث وسبع سنوات، في ضوء تلاشي جزء كبير من الثروات الخاصة نتيجة أزمة المال. وأكدت تقارير مؤسسة «ميريل لينش»، تراجع عدد أثرياء الإمارات عام 2008 الذي شهد بداية الأزمة، بنسبة 12.7 في المئة مقارنة بعام 2007 ليصل الى 67 ألفاً، ثم عام 2009 بمعدل 18,8 في المئة ليصل الى 54 ألفاً، نتيجة أزمة المال العالمية التي تأثرت بها كل دول الخليج، خصوصاً إمارة دبي التي اضطرت الى اعادة هيكلة ديون شركاتها. واعتبر الأنصاري، أن انتعاش الاقتصاد الإماراتي كلياً مرهون بتخطي بعض العقبات، أهمها عودة المصارف إلى الإقراض، وانتعاش قطاع الاكتتابات العامة في أسواق الأسهم. وشدد على أن بعض القطاعات في الدولة سيستمر في مواجهة التحديات، مثل أسواق الأسهم والعقار والمصارف، على اعتبار «أن الاقتصاد لن ينمو من دون تحريك عمليات الإقراض المصرفي»، إضافة الى خفض معدل الفائدة على الإقراض الى ما بين 10 و12 في المئة. ويسود جدال في الإمارات حول إمكان مواجهة المصارف في الدولة استحقاقات إعادة جدولة ديون القطاع الخاص، ويشمل المجموعات التجارية الكبرى، لكن يعتقد بعضهم أن السنوات الثلاث الماضية كانت كفيلة بتخطي الأسوأ، وأن عشرات القطاعات الاقتصادية عادت الى التوازن وحتى إلى النمو الطبيعي. وتوقع الأنصاري ان تعود عجلة الاستثمار في الدولة في النصف الثاني من هذا العام، لا سيما بعد تحسن معدل السيولة لدى المصارف، نتيجة عملية الدعم التي قدمتها الحكومة الاتحادية والتي وصلت الى 50 بليون درهم إماراتي (نحو 13.5 بليون دولار)، إضافة الى 70 بليوناً أخرى (نحو 19 بليون دولار)، حوّلها مجلس الوزراء الى وزارة المال، كخطوة احترازية وضعتها الإمارات رهن المصارف العاملة في الدولة، لمواجهة اي خلل محتمل في ميزان السيولة لدى المصارف. وأكد أن الإمارات تودّع هذا العام تداعيات الأزمة العالمية، وسط نجاحات اقتصادية مهمة، تدلّ على أن العام الجديد سيكون أفضل من العام الماضي، الذي شهد تراجع كل الأدوات الاستثمارية.