تسارعت وتيرة المشاورات بين الفرقاء السياسيين اللبنانيين لتذليل العقبات التي ما زالت تعترض ولادة القانون الانتخابي الجديد، والتي لا تدخل في الإطار التقني، بل تتعلق ب «سلة» خطوات كتكريس المناصفة في البرلمان، وتطبيق اللامركزية الإدارية وإنشاء مجلس للشيوخ... وهذا ما دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى القول أمس: «رفضتم السلة قبل بدء القطاف فلم تطالبون بها الآن وقد انتهى أوان القطاف؟! وأكد وزير الداخلية نهاد المشنوق أن «إدارات الوزارة وأجهزتها ماضية في التحضيرات والاستعدادات لإجراء الانتخابات النيابية، في انتظار الصيغة النهائية للقانون الجديد وتحديد موعد إجرائها الذي يعود إلى المجلس النيابي». موقف المشنوق أبلغه إلى سفير بريطانيا لدى لبنان هوغو شورتر خلال لقائهما في الداخلية، رداً على تمني السفير البريطاني تعيين موعد محدد لإجراء الانتخابات. وأكد شورتر «أهمية حصول الانتخابات لأنها تعيد تحريك عجلة النظام من جهة وتعزز حال الاستقرار السياسي في البلاد وتدعمه من جهة أخرى». وكان رئيس الحكومة سعد الحريري قال في مأدبة إفطار أقامها في السراي الكبيرة على شرف الهيئات الاقتصادية والجمعيات المصرفية والصناعية والتجارية: «الجميع ينتظر في هذه الأيام أن يبصر قانون الانتخاب النور، وإن شاء الله هذا الأمر سيحصل. وكما تعلمون فإن القانون قائم على 15 دائرة وعلى النسبية. هناك بعض التفاصيل التي يجب أن نتوافق عليها جميعاً، وإن شاء الله يتم ذلك. قد تكون ميزة ما يحصل اليوم في تاريخنا أنه منذ أيام الطائف، هذه المرة الأولى التي نجلس فيها نحن اللبنانيين لنتوافق على قانون انتخاب بهذا الشكل. ربما تشنج الجو في بعض الأحيان، ولكني أعتقد أنه كان في الأمر إيجابية للبلد لأننا كلبنانيين نجلس حول طاولة واحدة ونحل أمورنا بأنفسنا». حرب: خطة مدروسة لإعادتنا إلى الستين وقال النائب بطرس حرب في تصريح: «يبدو أن سلسلة المناورات والمزايدات لم تنته فصولاً بعد، خصوصاً بعدما تبين أن ما اتفق عليه لن يحقق مصالح المناورين، وإن اعتماد الصيغة التي تم إعلانها لن يسمح لكارتيل القوى الحاكمة من الأطباق الكامل على الحياة السياسية وإزالة كل منافسيها، لا سيما المستقلين، ما دفعهم إلى العودة إلى طرح شروط تعجيزية جديدة يعرفون مسبقاً أنها لن تكون موضع توافق، ما سيؤدي إلى عرقلة إقرار قانون النسبية العصري والمحقق لصحة التمثيل الشعبي ولعدالته، ولا سيما لجهة تمثيل المسيحيين، وما سيؤدي حتما إلى العودة إلى قانون الستين، الذي «شيطنوه» ووصفوه بالقانون السيئ». ورأى أن «ما يجري اليوم، وما يقدم من طروحات تعجيزية لا يمكن تفسيره إلا أنه تنفيذ لخطة مدروسة متفق عليها في الكواليس ترمي إلى العودة إلى قانون الستين، الذي قد يساعدهم، بعد تفاهمهم، على اكتساب مقاعد نيابية إضافية على حساب المستقلين وغير المحازبين، وهو ما يثبت أن شعارات الإصلاح والتغيير وصحة التمثيل واختيار المسيحيين لنوابهم ليست إلا شعارات براقة كاذبة لإخفاء نواياهم الحقيقية في حماية مصالحهم وإن لا علاقة لها بصحة التمثيل وعدالته»، داعياً اللبنانيين إلى أن «يلقنوا هؤلاء درساً قاسياً في الانتخابات المقبلة بأنهم مواطنون أحرار مثقفون، وليسوا قطيع ماعز يساقون لتراق دماؤهم وحقوقهم على مذاهب شهوات بعض أهل السلطة». «المستقبل» للاستناد الى الطائف والاحترام الكامل للدستور نوهت كتلة «المستقبل» النيابية في لبنان في اجتماعها الأسبوعي أمس، برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة ب «الجهود السياسية المبذولة التي أدت الى التوافق على الصيغة العامة لقانون الانتخاب وتترقب استكمالها لإنجاز الصيغة القانونية الكاملة لمشروع القانون وإقرارها في مجلس الوزراء ومن ثم إحالة مشروع القانون إلى المجلس النيابي لدرسه وإقراره، والانطلاق للإعداد للعملية الانتخابية». ولفتت الكتلة الى انه «عند إقرار صيغة مشروع القانون الانتخابي النسبي فإنها ستكون المرة الأولى التي سيعتمد فيها مثل هذا النظام، وهي صيغة في حاجة الى الإعداد والشرح للمرشحين وأيضاً للناخبين وكذلك للادارة الرسمية خصوصاً»، معتبرة أن «المسألة الأساس في عملية إقرار النظام الجديد وتطبيقه تبقى في أهمية الاستمرار في الاستناد الى اتفاق الطائف والاحترام الكامل للدستور ببنودهما كافة والمستندين الى ركيزة العيش المشترك والواحد وذلك بعيداً من التقوقع الطائفي والمذهبي». وتوقفت الكتلة عند الذكرى الخمسين للنكسة «والهزيمة المريرة التي أصابت الأمة وكرامتها وفقدت بنتيجتها بقية فلسطين ومساحات من الأراضي العربية الأخرى»، واعتبرت «أن قضية فلسطين كانت وستبقى القضية المركزية، ولعله من حسن الصدف أن يصادف البارحة أيضاً يوم العاشر من رمضان ذكرى حرب تشرين الأول (أكتوبر) 1973 المجيدة التي استرجع بها العرب بعضاً من كرامتهم». واستذكرت الكتلة «مرور 12 سنة على استشهاد الكاتب والمناضل سمير قصير»، مؤكدة «أهمية هذه الذكرى ورمزيتها الكبيرة والعميقة»، ومعاهدة اللبنانيين «أنها ستظل متمسكة بالمبادئ التي سقط من أجلها الشهداء الأبرار من شهداء ثورة الأرز». واستنكرت الكتلة «الجريمة الإرهابية الجديدة المروعة التي شهدتها لندن على يد تنظيم «داعش الإرهابي»، داعية الى «أوسع حملة عربية ودولية من أجل مكافحة هذا التنظيم والتصدي له للقضاء عليه». وكان عضو الكتلة محمد قباني حيا موقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري «الذي رفض تأييد المناصفة في المجلس بنص دستوري بعد إنشاء مجلس الشيوخ». وقال: «ليس فقط أن الطائف لم يطبق بل إن الرياح السياسية الطائفية ازدادت، ثم النسبية والتأهيلي على الأساس الطائفي. ثم مشروع مجلس الشيوخ على أن يرافقه تثبيت المناصفة في البرلمان بنص دستوري، ما يعني تأبيد الطائفية». وأكد أن «إغلاق النافذة الوطنية التي فتحها الطائف جريمة في حق لبنان وشعبه، سيدخل أصحابها التاريخ من الباب الأسود». وقال: «أوقفوا المتاجرة بالنعرات الطائفية قبل أن تحرق الجميع، وبلا مجلس شيوخ الآن، لعل الزمن يعالج مسألة الموتورين وتجار الطائفية»، داعياً المجتمع المدني الى التحرك. «التغيير والإصلاح»: التعطيل بالخروج على التفاهمات أكد أمين سر «تكتل التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان أن «طرح النسبية في شكل عام واقتراح ال15 دائرة في شكل خاص كان طرح التكتل منذ 2012 بلسان رئيسه آنذاك الرئيس ميشال عون وتكرر هذا الطرح في مراحل عديدة وكان يترافق مع الضمانات والإصلاحات التي يسميها البعض ضوابط والبعض الآخر بدأ نغمة التعطيل لأنها الوسيلة الوحيدة للخروج من الاتفاقات أو من التفاهمات أو المبادئ التي كنا كلنا في مرحلة من المراحل نتحدث عنها». وقال بعد اجتماع التكتل برئاسة رئيسه جبران باسيل أمس إن «الضوابط بدأت من موضوع مجلس الشيوخ ثم انتقلنا إلى تثبيت المناصفة في الدستور، وحكي بعدد من الاقتراحات في التأهيل على مستوى الطائفة، الارثوذكسي وسواها كانت أشكالاً من الحفاظ على الشراكة الوطنية مع النسبية». وقال: «كنا نتحدث عن النسبية عندما كنا نتحدث عن المختلط وما زلنا نتحدث بالاقتراح الحالي ال15 دائرة نسبية لكن كل مرة كان إلى جانبه ما سمّي اليوم بالضوابط التي هي ضمانة للمسيحيين والمسلمين ليبقوا في عيش مشترك سليم منسجمين ومحترمين اتفاق الطائف الذي يشكل عقد الشراكة الوطنية والميثاق الوطني». وقال: «التعطيل يكون عندما نخرج في لحظة عن هذا المنطق والتفاهمات، خصوصاً أن مجلس الشيوخ طرح علينا وتم التراجع عنه وتثبيت المناصفة بالدستور من خلال تعديلات طُرح ووافقنا على أن يترافق مع القانون النسبي ككل متكامل، لكن تم التراجع عنه بحجة أن لاحقاً بعد القانون كل شيء قابل للبحث، ولكن لسنا بصدد أن نبحث، نحن بصدد أن نترجم والترجمة تحتاج إلى قرار الذي يكون من خلال عمل جدي». وقال: «الإصلاحات والمطالب والضوابط كان أولها ال15 دائرة، لا يفكرن أحد أنها نزلت ب «القفة»، من يطالبنا بأن نتذكر أين كنا، نسأله هو أين كنت؟». وقال: «تقسيمات الدوائر في ال15 دائرة ضابط أساسي للتمثيل الصحيح وعملية العيش المشترك والضابط الثاني هو الصوت التفضيلي في القضاء الذي يعطي تمثيلاً صحيحاً، ولا تذوب معه أقليات بأكثريات». ولفت إلى أن «الضابط الثالث هو العتبة للائحة، ليس أي لائحة تمر، فالتمثيل الصحيح يقتضي حصول اللائحة على حاصل انتخابي تخسر اذا لم تحصل عليه وتتوزع أصواتها على اللوائح التي مرت في مبدأ الحاصل الانتخابي». ولفت إلى أن «هناك العتبة للمرشح فهناك ضرورة لحاصل انتخابي للمرشح ضمن طائفته لا يقل عن 40 في المئة». وسأل: «كيف نلجأ للانتشار في كل مشكلة اقتصادية ووطنية ويمنع عنه الحق في التمثل ب6 نواب؟». وأكد أن «الاصلاحات لا تعني تعطيل القانون وحوارنا منذ البداية شمل الإصلاحات ونريد البطاقة الممغنطة لأننا ضد الرشوة والمال الانتخابي». وقال: «نحن مع أقرب فرصة لإجراء الانتخابات، هناك رأي بأنها ستجرى في تشرين ورأي آخر يقول في آذار ونميل الى الرأي القائل بإجرائها في تشرين».