لا نبالغ إن قلنا إن حفلة فيروز التي أحيتها بعد طول انتظار في بيروت، وإصدار ألبوم «إيه في أمل» الذي بيعت منه مليون نسخة في العالم العربي، شكَّلا أهم حدث فني على الساحة اللبنانية والعربية خلال العام 2010. يأتي بعد ذلك افتتاح «المتحف العربي الحديث» في قطر، وهو مخصص للفن المعاصر. ولفت الحدث أنظار الفنانين العرب والأجانب. وتميّزت قطر هذه السنة بكونها عاصمة الثقافة العربي، وعاد إليها مهرجان الأغنية ومهرجان الموسيقى التقليدية. وكان هناك تنافس واضح بينها وبين جارتيها دبي وأبوظبي، اللتين نظمتا مهرجانات على طول السنة استضافت أسماء عالمية على الصعيد الفني، وخصوصاً على الصعيد الموسيقي. وعلى عكس التوقعات بعد الأزمة المالية العالمية التي تأثرت بها بعض الدول، ازداد بريق القطاع الثقافي في الخليج العربي الذي توليه الحكومات أهمية لافتة، بخلاف ما يحصل في دول عربية اخرى. وبيروت التي نشط فنانوها ومسارحها ومعارضها وشوارعها في السنوات الثلاث الماضية على رغم الأزمات السياسية والأمنية، مرت سنة 2010 عليها صفراء كورقة خريف. قد تكون الورقة التي تحاول العاصمة ذات التاريخ النهضوي أن تخلعها برويّة لتظهر هوية ثقافية معاصرة وأكثر إشراقاً. وقد تكون فعلاً الورقة الأخيرة ما قبل العاصفة التي ستقتلع الشجرة من جذورها. لكن، في نظرة سريعة على أهم النشاطات التي شهدتها سنة 2010، نرى أن الصورة ليست قاتمة الى هذا الحدّ، على رغم تراجع الفنون ذات السمة التقليدية، فبيروت كغيرها من الدول المجاورة، تعلو فيها شعبية الفنون المعاصرة التي تخاطب الانسان ببساطة ذكية وحميمية وفردية ووسائل أكثر إيضاحاً. ومن أهم هذه الفنون، الموسيقى البديلة والرقص وال «بوب آرت» والفن التشكيلي الذي يأتي على شكل «فيديو آرت» وتجهيزات فنية متعدّدة الوسائط. وافتتح مركز مهم على هذا الصعيد في وسط بيروت وهو قاعة المعارض في بيال، واستقبل هذه السنة أسماء لامعة على صعيد التشكيل المعاصر من بلدان عربية وأوروبية. وارتفع عدد الغاليريات في وسط المدينة، خصوصاً في منطقة الصيفي. كما ارتفع عدد شركات إنتاج الموسيقى البديلة التي تجاهد لتحصل على تمويل لإصدار إنتاج «يحترم الجمهور». ووضعت مؤسسة «أشكال ألوان» التي تديرها كريستين طعمة الحجر الأساس لبناء مدرسة للفن المعاصر ستبدأ الدروس وورش العمل فيها العام المقبل. ولفت «مهرجان بيروت للرقص المعاصر» في دورته السادسة، الأنظار لجودة الأعمال المحلية والإقليمية والأجنبية التي قدمها للجمهور اللبناني الذي تهافت بالمئات الى صالات العرض. وفي هذا الصدد أتت الأعمال المسرحية التي كانت كثيرة هذه السنة، ضعيفة في معظمها تفتقد الى وجهة نظر تخاطب العصر، على ما قال اكثر من ناقد. ولا ننسى أن المهرجانات الصيفية في المدن الأثرية، مثل بعلبك وبيت الدين وجبيل، جذبت إليها الآلاف، باستضافتها نجوم الموسيقى الكلاسيكية والأفريقية والبرازيلية والجاز والأوبرا والباليه، الأمر الذي أثّر على قطاع السياحة في هذه المناطق التي امتلأت فنادقها بالسياح الأجانب والعرب من محبي الموسيقى. ومن الموسيقى الى الموسيقى التي تفوز هذه السنة بجماهيرية عالية، نذكر أن مهرجان «ليبان جاز» الذي يحيي حفلات على طول السنة، استطاع أن يصمد ويستمرّ بنجاح هذه السنة واستضاف أسماء لامعة في العالم كان آخرها فرقة «تريو جبران». لكن، على رغم هذا الحراك لم تتميّز بيروت هذه السنة بعمل مهم أو إنجاز عن السنوات السابقة. وتجدر الإشارة الى أن كل ما يحصل في هذه الحقبة الصفراء، هو تمهيد لأعمال ونشاطات قد تتميز بها سنة 2011.