الرئيس القادم للجنة الأمن الوطني في مجلس النواب الأميركي، النائب بيتر كنغ، يريد أن يحقق في «راديكالية» بعض المسلمين الأميركيين. لا اعتراض لي على مثل هذا التحقيق، فقد رأينا نماذج عنه، مثل ضابط مسلم يقتل زملاءه قبل سنة في تكساس، وشاب يحاول هذه السنة تفجير ميدان التايمز في نيويورك. أصر على أن المسلمين في غالبيتهم العظمى ليسوا نضال مالك حسن أو فيصل شاهزاد، كما يعتقد العضو الجمهوري على ما يبدو، ثم أسأل: من سيحقق في راديكالية النائب كنغ؟ قرأت أنه كاثوليكي، إلا أن ذلك بالولادة، فهو ليكودي متطرف، أيد الجيش الجمهوري الإرلندي، هو يمارس الإرهاب من إرلندا الشمالية الى إنكلترا، وأيد إرهاب إسرائيل ضد الفلسطينيين واللبنانيين وكل المسلمين، فكان مع حربها على لبنان في صيف 2006، وحربها التالية على قطاع غزة، وهو صوّت أخيراً مع بقية أعضاء مجلس النواب في مطالبتهم الإدارة منع الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة. وكنغ، الذي يريد أن يحقق مع المسلمين، يجب أن ينفي عن نفسه أولاً تهمة التحريض عليهم، فهو زعم مرة أن 80 الى 85 في المئة من مساجد البلاد (الولاياتالمتحدة) يسيطر عليها الأصوليون، وقال بعد ذلك إن هناك مساجد كثيرة في البلاد، وناس كثيرون يتعاطفون مع الإسلام الراديكالي. أتهم بيتر كنغ بأنه يتعاطف مع الفاشستية الإسرائيلية، وأتهمه بأنه ليكودي يخدم نظام الأبارتهيد الإسرائيلي، ويعادي العرب والمسلمين، ما يضرّ بمصالح الولاياتالمتحدة حول العالم، ثم أتهمه وأمثاله من أعضاء الكونغرس الذين باعوا ضمائرهم ومصالح بلادهم للوبي إسرائيل، بأنهم مسؤولون عن أي راديكالية إسلامية أو إرهاب، لأن تطرفهم في تأييد إسرائيل ودعمهم كل حرب على العرب والمسلمين جعل بعض الشباب المسلم ينحرف عن جادة الصواب، ويمارس الإرهاب. شخصياً، أدين إرهاب «القاعدة» وكل قاعدة، من المغرب والجزائر حتى اليمن والخليج والعراق وأفغانستان وكل مكان. غير أن بيتر كنغ يدين الإرهاب والراديكالية ويعمى عن إرهاب إسرائيل وعن دوره في تأييد هذا الإرهاب، فنواب إسرائيل في الكونغرس يصوتون على حرمان فقراء الأميركيين، في ظل أزمة مالية، أموالَ دافعي الضرائب، التي تُحوَّل الى إسرائيل كل سنة لتقتل وتدمر وتحتل وتسرق بيوت الفلسطينيين. الوقت لم يفت بعد، وبيتر كنغ يستطيع أن يحسّن سمعته الملطخة إذا استغل رئاسته «لجنة الأمن الوطني» للتحقيق بالراديكالية الإسلامية وفاشستية إسرائيل وخطايا الكنيسة الكاثوليكية... وغير ذلك مما يقتضي شرحاً، فأشرح: - بيتر كنغ الذي انتصر دائماً للجيش الجمهوري الإرلندي في إرلندا ضد الإمبريالية البريطانية، ربما انتصر هذه المرة لشعب إرلندا بمساءلة الفاتيكان عن التستر على الكاهن توني والش، كما أثبت ذلك تحقيق كنسي، فالكاهن اغتصب ثلاثة أولاد ودين هذا الشهر وحكم عليه بالسجن 12 سنة. وربما حان الوقت أن ينتصر كنغ لضحايا الكهنة المنحرفين. - وثمة تحقيق آخر أهم في نازية إسرائيل، ففي هذا العقد فقط، وحسب أرقام إسرائيلية، قتلت إسرائيل حوالى 1500 قاصر فلسطيني مقابل 135 قاصراً إسرائيلياً، والنسبة هنا تزيد على عشرة الى واحد، وهي نازية بامتياز. وهو ربما حقق أيضاً في اعتقال 1200 طفل فلسطيني وتعذيبهم وسجنهم في إسرائيل. - وتحقيق ثالث مطلوب في عنصرية إسرائيل ومعاملتها الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة الثانية وحرمانهم من حقوقهم الى درجة سرقة مائهم. وفي حين أننا نعرف هذا منذ سنوات، فربما استعانت لجنة كنغ بتقرير مفصل جديد لمنظمة مراقبة حقوق الإنسان، ومقرها نيويورك، فالتقرير إدانة كاملة لإسرائيل وجرائمها. وأسأل القارئ: من أصدِّق، عضو كونغرس في جيب لوبي إسرائيل أو منظمة عالمية عالية السمعة؟ - وتحقيق رابع في فتوى دينية يهودية وقّعها 50 حاخاماً عنصرياً تطلب عدم تأجير أو بيع بيوت أو أراضٍ للعرب، وتظاهرات للمتدينين ضد زواج يهوديات من عرب. هذا اسمه أبارتهيد وقد سقط في جنوب أفريقيا وورثته إسرائيل. كتبت ما سبق لأفتح باباً أمام بيتر كنغ ينفذ منه لإصلاح سُمْعَته، إلا أنني لا أراه سيفعل، فهو نفسه راديكالي ومتهم، وهو عدو العرب والمسلمين، بل عدو مصالح بلاده في انتهاج سياسة متطرفة أطلقت تطرف بعض المسلمين، ويداه ملطختان بدماء الضحايا من المسلمين في حروب جورج بوش الابن، التي أيدها أمثاله ولا يزالون يدافعون عنها. [email protected]