أقر البرلمان السوداني بغالبيته أمس، تعديلات دستورية متعلقة بالحريات، أثارت جدلاً بإبقائها على معظم صلاحيات جهاز الأمن والاستخبارت من بينها الإحتجاز والتنصت، وذلك خلافاً لما أوصى به ملحق الحريات الذي أقرته طاولة الحوار. واعتبرت التعديلات جهاز الأمن قوة نظامية مثل الجيش والشرطة، ويعمل على محاربة الإرهاب وغسيل الأموال والجريمة المنظمة الدولية، بالتعاون الثنائي والإقليمي والدولي. وأوضحت التعديلات أن جهاز الأمن يعمل تحت إشراف الرئيس السوداني، ويقدم تقارير وبيانات استماع أمام لجان خاصة بالبرلمان. وبررت اللجنة قرار الإبقاء على صلاحيات جهاز الأمن بأن «ظروف البلاد الاستثنائية التي اقتضت منح الصلاحيات الواسعة لجهاز الأمن في تعديلات 2015 لا تزال قائمة وتهدد الأمن القومي». ولحظت فقرة إضافية «إنشاء محاكم لجهاز الأمن لمحاكمة منسوبيه المخالفين للقانون». ومنحت التعديلات الجهاز صلاحية «انتهاك الخصوصية في حالات التفتيش والإجراءات الصادرة من القضاء والنيابة العامة والسلطات الأمنية في ما يمس الأمن القومي». وكانت البنود التي حملها مشروع التعديل، اشتملت على منع القبض على الأشخاص من دون شبهة يعاقب القانون عليها بالسجن، على أن يبلغ الموقوف بالشبهة فور توقيفه، وأنه لا يتم توقيف شخص أكثر من ثلاثة أيام إلا بأمر القضاء، كما يحق للمحبوس أن يطلق سراحه بكفالة. واستعجل نواب مراجعة ما وصفوها بقوانين مقيدة للحريات العامة ونصوص تتعارض مع الدستور، مع وضع تفسير واضح في الدستور لمفهوم «التهديدات للأمن القومي» حتى لا يكون شماعة للتضييق على الآخرين. وانتقد المسؤول السياسي في حزب المؤتمر الشعبي المعارض المشارك في طاولة الحوار كمال عمر، التعديلات التي مررها البرلمان ووصفها ب «الصادمة والمشوهة»، وقال إنها تخالف توصيات طاولة الحوار الوطني، مشيراً إلى أن حزبه سيتخذ قراراً بالمشاركة في الحكومة من عدمها خلال ايام. على صعيد آخر، أعلن متمردو «الحركة الشعبية - الشمال» اتفاقهم مع رئيس فريق الوساطة الأفريقية ثابو مبيكي، على تأجيل أي مفاوضات مع الحكومة في الخرطوم لحل أزمة الحرب في منطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حتى شهر تموز (يوليو) المقبل، وبررت الخطوة بضرورة معالجة أوضاعها الداخلية، وقالت إنها طلبت من واشنطن تأجيل الرفع الكلي للعقوبات عن السودان ستة أشهر أخرى. وأجرى وفد من قيادة الحركة، ضم رئيسها مالك عقار، والأمين العام ياسر عرمان، ونائب رئيس هيئة أركان قواتها اللواء عزت كوكو أنجلو، مشاورات في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، الأحد، مع أطراف الوساطة الأفريقية. وأشارت الحركة إلى أنها التقت بأديس أبابا بوفد من الخارجية الأميركية، ناقشت معه الاقتراح الأميركي لحل الأزمة الإنسانية في جنوب كردفان والنيل الازرق، مشيرة إلى مطالبتها الوفد بتمديد المهلة الخاصة برفع العقوبات الأميركية عن السودان، التي ستنتهي في تموز المقبل، ستة أشهر أخرى، وربط الخطوة بالقضايا الإنسانية ووقف الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان. من جهة أخرى، حذر جهاز الأمن السوداني الحكومة في دولة جنوب السودان من الاستمرار في دعم الحركات المسلحة ضدها، بينها «الحركة الشعبية - الشمال»، وطالبها ب «الكف عن التدخل في الشأن السوداني بكافة أشكاله وصوره». واتهم جهاز الأمن السوداني في بيان أمس، الرئيس الجنوبي سلفاكير ميارديت ونائبه تعبان دينق، ب «ترتيب سلسلة اجتماعات مع قيادة «الحركة الشعبية» في العاصمة جوبا منذ الأربعاء الماضي، ولأربعة أيام متتالية». وأشار الأمن السوداني إلى معلومات حصل عليها تفيد بأوامر من جوبا ل «الحركة الشعبية» بإطالة أمد الحرب في السودان، ودعاها إلى «التفرغ لقضاياها الداخلية، والكف عن السعي لإشعال نار الفتنة في السودان».