اختار الناخبون الفرنسيون أمس مرشحَين سيخوضان دورة ثانية فاصلة الشهر المقبل، لتحديد مَن سيخلف الرئيس المنتهية ولايته فرنسوا هولاند، بعد معركة شابتها فضائح واعتُبرت اختباراً لمكانة باريس في الاتحاد الأوروبي، ولمستقبل التكتل الذي يواجه مداً شعبوياً عاتياً. (للمزيد) وحقق مرشح الوسط إيمانويل ماكرون المركز الأول في انتخابات شهدت اقبالاً قياسياً، ضامناً بلوغه الدورة الثانية التي ستجري في السابع من أيار (مايو) المقبل بنسبة قاربت 23.7 في المئة، تلته مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن في المركز الثاني بنسبة 21.7 في المئة وضمنا الوصول الى الجولة الثانية. ولم يحقق مرشح اليمين فرانسوا فيون سوى 19.5 في المئة. وجرت الانتخابات في هدوء وسلام، بعدما طغى عليها هاجس أمني، ووسط تدابير مشددة، اعتُبرت سابقة، لا سيّما في المدن الكبرى، اذ نشرت السلطات 50 ألفاً من عناصر الشرطة والدرك، و7 آلاف جندي، مدعومين بوحدات قوات خاصة من أجهزة الأمن الفرنسية، لحماية 66 الف مركز اقتراع، بعدما قتل مسلح شرطياً بالرصاص وجرح آخرين في جادة الشانزليزيه وسط باريس الخميس الماضي، قبل أن تقتله الشرطة. كما أوقف شخصان في مرسيليا، اتُهما بإعداد هجوم إرهابي، علماً أن انتخابات الرئاسة هي الأولى التي تنظمها فرنسا في ظل حال طوارئ، فرضتها بعد مجزرة باريس التي أوقعت 130 قتيلاً عام 2015. واعتبر هولاند بعد إدلائه بصوته ان التدابير الأمنية المُتخذة هدفها «ضمان حق أساسي للشعب الفرنسي في اختيار مستقبله». وكان مرشحون سعوا الى استغلال ملفَي الأمن والإرهاب، لأغراض انتخابية. واتسمت الدورة الأولى من الاقتراع بنسبة إقبال قياسي تجاوزت النسبة السابقة، (70.5 في المئة) خلال الفترة الزمنية ذاتها في انتخابات العام 2012، ونحو 74 في المئة في انتخابات العام 2007، و58.4 في المئة في انتخابات العام 2002. وأظهر استطلاعا رأي أن حوالى 20 في المئة من الناخبين امتنعوا عن التصويت في الدورة الأولى، وهي النسبة ذاتها تقريباً في انتخابات العام 2012. وشكّل السباق هزّة عنيفة في فرنسا، اذ إن أبرز مرشحَين يُعتبران من خارج الوسط السياسي التقليدي، وسيؤدي خوضهما الدورة الثانية الى نهاية لثنائية اليمين واليسار التي طبعت البلاد طيلة 6 عقود. وخاض المعركة 11 متنافساً من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، وتصدّر استطلاعات الرأي مرشح الوسط إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن، ولاحقهما مرشح اليمين فرنسوا فيون ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون اللذان قلّصا الفارق أخيراً، علماً أن فيون واجه فضيحة فساد قوّضت حظوظه. وخاضت لوبن حملة ارتكزت الى صون سيادة فرنسا إزاء الاتحاد الأوروبي، متعهدة تنظيم استفتاء في شأن اعتماد اليورو. أما ماكرون وفيون فيلتزمان الوحدة الأوروبية والعمل لإصلاح قواعد العمل. واكتشف الفرنسيون ماكرون الذي لم يألفوه، كونه شاباً (39 سنة) عمل مستشاراً في قصر الرئاسة مع هولاند ثم وزيراً للمال، ثم أسّس قبل سنة حركة «الى الأمام» وخاض المعركة استناداً الى توجّه مستقلّ عن اليسار واليمين. واعتبرت أوساط يمينية أن ماكرون وريث لهولاند، فيما اتهمه آخرون بخيانته. لكن ميلانشون شكّل مفاجأة، إذ أبدى براعة خطابية جعلته يتميز عن خصومه، فيما افتقر مرشح الحزب الاشتراكي بونوا هامون الى دعم جميع أقطاب حزبه، اذ فضّل بعضهم تأييد ماكرون.