قبل أيام من تنظيم الدورة الأولى لانتخابات الرئاسة الفرنسية الأحد المقبل تبدو النتائج مفتوحة على كل الاحتمالات، في ظل تقارب نسب تأييد المرشحين، رغم تقدم مرشحي اليمين المتطرف مارين لوبن والوسط ايمانويل ماكرون، وارتفاع نسبة المترددين التي تقدر بثلث عدد الناخبين. وتقترن هذه الانتخابات بظاهرتين لا سابق لهما، الأولى عدم تصدر مرشحي اليمين واليسار كالعادة لائحة المرشحين ال11، ما يشير الى عزوف الناخبين عن معادلة التناوب التقليدي على الحكم بين القوتين. ويحتل مرشح اليمين فرنسوا فيون، وفق استطلاعات الرأي، المرتبة الرابعة، ومرشح الحزب الاشتراكي بونوا هامون في المرتبة الخامسة. اما الظاهرة الثانية التي لا سابق لها فتتمثل في عدم انحصار المنافسة على خوض الدورة الثانية الحاسمة بمرشحَين اثنين رئيسيين، بل بين أربعة مرشحين هم لوبن وماكرون وفيون ومرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي حقق خرقاً غير متوقع خلال الحملة. وتعد الأيام القليلة التي تسبق الدورة الأولى حاسمة بالنسبة الى المرشحين الأربعة لأن تقارب نسب التأييد والتردد وعدم ثبات خيار الناخبين قد تؤدي الى نتيجة غير متوقعة في الدورة الأولى، في حين تتفق استطلاعات الرأي على أن لوبن ستُهزم في الدورة الثانية بتأثير تجيير الأصوات الذي يحصل عادة بين الدورتين. والاثنين، عقد ماكرون أخر مهرجاناته الانتخابية في قاعة باريسية اكتظت بحوالى 20 الف شخص، وأكد تمسكه بجوهر سياسته مشبهاً نفسه بالرئيس الراحل شارل ديغول قائلاً انه يأخذ «أفضل ما لدى اليسار واليمين من مواقف وأفكار». كذلك ركزت لوبن في مهرجان باريسي عرقلته أعضاء في حركة «فيمين» على مساوئ الهجرة، وهددت بتعليق الهجرة موقتاً الى فرنسا إذا فازت بالرئاسة. أما ميلانشون فعقد ليل الثلثاء مهرجاناً تواصل فيه عبر تقنية متطورة مع انصاره في ستة اماكن مختلفة، بينها إحدى مدن أقاليم ما وراء البحار. وجاب ميلانشون وسط باريس مستخدماً عوامة نقلته عبر نهر السين، حيث دعا الناخبين في محطات توقف محددة الى المرح والفرح، وهو أكثر ما يحتاجه الفرنسيون المعروفون بقنوطهم. وحض ماكرون الناخبين على طي صفحة السنوات العشرين الماضية والإتيان بجيل جديد إلى السلطة، مصعّداً هجومه على ميلانشون وفيون. وقال: «خان الزعماء الذين قادوا البلاد في الفترة الأخيرة جيل ما بعد الحرب الذي أعاد بناء البلاد، تاركين فرنسا من دون إصلاح وفي حال جمود. وفيما تظهر الاستطلاعات تراجع وضعه كأوفر المرشحين حظاً في الفوز بالانتخابات بسبب صعود متأخر في شعبية ميلانشون المدعوم من الحزب الشيوعي والذي يريد فرنسا أن تنضم إلى تحالف لزعماء يساريين في أميركا اللاتينية أسسه الزعيم الفنزويلي الراحل هوغو تشافيز، رد ماكرون: «يريد البعض أن تصبح فرنساكوبا بلا الشمس أو فنزويلا بلا النفط». وقالت لوبن لأنصارها إن الانتخابات «اختيار بين العولمة المتوحشة والوطنية، وبين فرنسا تصعد من جديد وفرنسا تغرق». وتابعت: «سأحميكم. الإجراء الأول الذي سأتخذه كرئيسة هو إعادة فرض السيطرة على حدود فرنسا»، ما دفع حشداً من نحو خمسة آلاف من أنصارها إلى ترديد الهتاف التقليدي للجبهة الوطنية «هذا وطننا».