عُرف الفنان المصري إبراهيم الطنبولي بتوجهه التفاؤلي الذي يرسخه في لوحاته ذات الألوان الصارخة المبهجة المتنوعة بين الزيتة والمائية والباستيل والاكليريك. لم يخرج المعرض الأحدث للطنبولي عن التوجه ذاته مقدماً قدراً مكثفاً من التفاؤل عبر العنوان الذي اختاره للمعرض «روعة الحياة»، ليؤكد أن معرضه لا يعكس اتجاهات رومانسية حالمة وإنما «الواقع بمرحلته الآنية التي على رغم ضغوطها المتعددة لا تخلو من البهجة والجمال». ويحتضن غاليري الكحلية (غرب القاهرة) معرض الفنان السكندري الذي يظهر تأثره بالحياة داخل مدينة ساحلية (الإسكندرية) في لوحاته فيحاكي الكثير منها البحر والصيادين بما يتسق مع هدف المعرض. يقول الطنبوري: «البهجة في الأعمال المعروضة وفي أعمالي عموماً هي الحال الإيجابية التي أسعى إلى نقلها للمتلقي عبر عناصر من واقع الحياة ذاتها: الموسيقي، المرأة، الطيور، الموروث الحضاري، كل ما أفعله هو التعبير عنها من دون افتعال، يأتي المعرض كنتاج لرحلات طويلة خضتها في الفترة السابقة بين ألمانيا وفرنسا وكندا وأستراليا، إضافة الى حياتي اليومية في الإسكندرية». من بين اللوحات التي تستوقف المشاهد في معرض الطنبولي لوحة المهرج المستحوذة على مساحة كبيرة من المعرض في ما يشبه الجدارية. ويقول عنها: «شخصيه المهرج ثرية وحية جداً، ليس بمفهومها الضيق حيث شخص يضع قناعاً وألواناً لإضحاك المشاهدين عبر حركات بهلوانية، وإنما هؤلاء الموجودون على مر الزمان ممن يحملون قيماً عطائية وإثاراً، فهي تعبر عن الأقنعة التي يرتديها بعض الناس لإسعاد الآخرين من دون أن يعبر ذلك عما داخله. هي مفتعلة بالألوان والابتسامه المرسومة باللون الأحمر ولكنها تخفي عالمها الخاص خلف هذا القناع، الشخصية تناولتها في أعمال كثيرة لروعة ما فيها من معاني إنكار الذات وحب الآخرين». استمد الطنبولي منهجه الفني متأثراً بعلم النفس، تحديداً نظريته في الإسقاط الإدراكي، مشيراً الى أنه حين أراد اختيار منهج في الإبداع «وجدت تاريخ الحركة التشكيلية مليئاً بالتجارب والإبداع، كانت تجاربي والمجتمع المحيط بي المصدر الوحيد الذي يمكنني التعبير عنه من دون افتعال ومن ثم يصبح إضافة تليق بذلك الفن». يضيف: «خلال دراستي علم النفس استوقفتني تجربة بسيطة «الإسقاط الإدراكي» وهي عبارة عن إسقاط نقطة من الحبر على ورقة بيضاء يتم ثنيها وعند إعادتها مرة أخرى يكون شكل ما غير محدد قد تشكل على الورقة، يعتمد عليه في ما بعد في اختبار تحديد الشخصية، فيراه كل شخص بصورة مختلفة بما يعبر عن مكنون اللاشعور عنده، فالتجربة تهدف إلى استحضار مخزون اللاشعور من خلال مثير إلى بؤرة الشعور. هذا هو منهجي في الإبداع من خلال تحضير اللوحة بمثيرات لونية مستعيناً بالألوان والخامات المختلفة ومن دون تحضير فكرة مسبقة، بعدها أخوض رحلة تأملية بحثاً عن الأشكال التي أراها، ثم أبدأ في إيضاح هذه الأشكال بأسلوب اكتسبته من خلال تقنيات وتجارب كثيرة في التعامل مع الخامات والألوان المختلفة عبر التوحد مع سطح اللوحة أثناء ممارسة العمل الفني».