اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعي منذ أمس (الإثنين) صورٌ لفتاة، قيل أنها من محافظة سكاكا، تعرضت لضرب مبرح وتعذيب ب«وحشية» من زوجها، ما أثار سخطاً واستهجاناً بين مغردين سعوديين، جلهم من النساء. وأظهرت الصور كدمات وحروق على وجه الفتاة ويديها، رافقها وسمٌ بعنوان «معنفة سكاكا» تفاعل من خلاله المغردون مع الحادث. وأدى التداول الواسع للوسم إلى إعلان الناطق الرسمي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية خالد أبا الخيل، عبر تغريدة أطلقها اليوم في حسابه على «تويتر»، توصل فرق الحماية الاجتماعية في الجوف إلى الحالة، واتخاذ الإجراءات النظامية في حق المعنف. وجاء في تغريدة أبا الخيل: «تم التوصل للحالة من فريق الحماية الاجتماعية في الجوف، وسيتم اتخاذ الإجراءات النظامية في حق المعنف وفق نظام الحماية من الإيذاء». وأجمع المتفاعلون مع الحادث على استهجانها، ومطالبة الجهات المعنية بإنزال «أشد العقوبات» في حق الزوج، وعدم الاكتفاء بالإعلان عن التوصل إلى الفاعل، في مثل هذا النوع من الحوادث. وعلق «الساقي» على تغريدة أبا الخيل قائلاً: «نريد النتائج يا أبا الخيل، اشغلتنا كل يوم تواصلنا تواصلنا، نريد شيئاً رادعاً ومتابعة الحالة إلى متى هذه الفوضى». ووافقته «فيروز» الرأي بتعليق جاء فيه: «نموت في صياغة الجمل وحفظناها، ولكن أين هي من الواقع، لا دليل. نريد دروس وعبر لأمثاله من المجرمين». ولم تخف «ضبآآبية» عدم تفاؤلها بنيل الزوج «عقاباً عادلاً» بقولها: «ماذا ستصنعون له، تسجنونه مثل ما سجنها، تضربونه مثلما ضربها وشوه جسمها، تدفعونه تعويضاً؟ .. يوقع تعهد ويطلع ليكمل إجرامه». كذلك كتبت «ريف الأرواح»: «مللنا من هذا الكلام وآخر شيء تلقونها (المُعنفة) في دار الرعاية وتتركون المجرم حراً طليقاً أو تتجاهلونها حنى تنتحر.. لما لا يتم إجياده عقوبات واضحة ضد المعنّف؟». وألقى البعض باللوم على الأنظمة المتبعة في مثل هذه القضايا، وطالبوا بسن قوانين «صارمة» لحماية المرأة من العنف الأسري ومعاقبة مرتكبيه، وغردت «إيمان»: «وجود العنف شيء طبيعي في المجتمعات إن قل أو كثر، ولكن لدينا فقط لا توجد قوانين ومؤسسات تحمي من يتعرض للعنف إلا إذا كان ذكراً». فيما غردت «مرام»: «يقول البعض إننا لا نعرف حقيقة المشاكل التي تواجهها النساء، أنظر للأنظمة وأساليب تطبيقها لتعرف حجم المعاناة»، وكتبت أخرى: «تويتر هو المنبر الوحيد لأي مظلوم ليوصل صوته في ظل غياب قوانين واضحة». وأسفت «أنوار» لتكرار هذا النوع من الحوادث بقولها: «حسبي الله ونعم الوكيل، قضايا المعنفات أصبحت تتصدر الترند». وعلل عبدالله آل معيوف انتشار ظاهرة التعنيف ب«بضعف الأنظمة الرادعة وعدم استقلال المرأة المادي وسلطة الولي المطلقة في التزويج ونظرة المجتمع للمرأة». وأظهر إحصاء استمرار تعرض عدد كبير من النساء السعوديات إلى العنف، على رغم دخول «نظام العنف الأسري» في العام 2014 حيز التطبيق في المحاكم السعودية، ويظهر إحصاء متفرق شيوع العنف ضد النساء، إذ ذكر تعرض حوامل للضرب، وأظهر أن 37 في المئة من الأزواج يقمعون زوجاتهم وأبناءهم، إضافة إلى حرمان المرأة من رؤية أهلها أو هجرها. انتشار العنف في المملكة وخصصت سعودية رسالتها البحثية في الماجستير لمعالجة العنف الأسري في المجتمع السعودي، وبعد حصولها على الدرجة العلمية، طبعتها ووزعتها إهداءً للمجتمع السعودي، بهدف «القضاء على ظاهرة العنف الأسري، من خلال رفعه على شبكة الإنترنت لتستفيد منه شريحة كبيرة من الناس» بحسب قولها. وكشفت الباحثة مشاعل البكري في حديث إلى «الحياة»، أن إحصاء لدراسات اجتماعية، قدمه باحثون في أحد المراكز السعودية، ذكر أن قمع الأبناء أو الزوجة، وعدم تركهم يعبرون عن مشكلاتهم بحرية منتشر كأحد أشكال العنف النفسي بنسبة 37 في المئة، وأن 33 في المئة يرون أن حرمان الزوجة من رؤية الأقارب أو زيارتهم منتشر كذلك، وذهبوا إلى أن عدم الحديث مع بعض الأفراد بهدف هجره منتشر كأحد أنواع العنف النفسي ب31 في المئة، مشيرة إلى أنواع العنف النفسي، ومنها العنف ضد الأطفال ومن مظاهره تحقير الطفل. وتطرقت الباحثة إلى العنف من الناحية الشرعية، وسبل العلاج التي تتمثل في «غرس الإيمان في النفوس، والتربية الخلقية، ونشر الوعي بالحقوق والواجبات الشرعية، وسن الأنظمة الرادعة لممارسة العنف وتيسير آلياتها. وقالت البكري: «إن العنف النفسي يمثل الانفعالات، التي تتمثل في سلوك غير مقبول، يؤثر في نفسية الضحية، التي يمكن أن تحدث في هدوء ومن دون ضجة، مثل: كره الزوج لزوجته أو العزلة أو حبس الحرية، ومنع الطرف الآخر من إقامة علاقات اجتماعية مع الآخرين تعسفاً أو التواصل مع الأسرة الممتدة، والطرد من المنزل أو الإرغام على القيام بفعل ضد رغبة الفرد أو الحرمان من الحاجات الضرورية»، موضحةً أن ذلك يحدث للكبار وللمراهقين وللنساء، إذ يؤدي إلى حدوث آثار مدمرة في المستقبل القريب والبعيد. وبدأت السعودية منذ عامين حملة ضد ظاهرة العنف المنزلي بعنوان «وما خفي كان أعظم»، وأشرفت عليها مؤسسة الملك خالد، وهي مؤسسة خيرية رسمية، أظهرت في إعلاناتها تجمع نساء يرتدين النقاب أمام كاميرا لإظهار أعينهن المصابة، مع جملة مكتوبة نصها: «هنالك شيء لا يمكن تغطيته». نظام العنف الأسري وفي العام 2014، دخل «نظام العنف الأسري» حيز التطبيق في المحاكم السعودية، إثر دراسة مسودة المشروع، ووضع صيغتها النهائية، ثم إعلان إقراره وإخراجه في صيغته النهائية. ويظهر إحصاء متفرق شيوع العنف ضد النساء، ومنه تعرض حوامل للضرب مع عواقب الولادة المبكرة أو الإجهاض، وأفاد أن معظم المتعرضات للعنف الجسدي في المدينةالمنورة أصبن إصابات خطرة بنسبة 63 في المئة، استدعت التدخل الطبي. وأظهرت دراسة على ألفي سيدة في الأحساء أن نسبة المتعرضات للعنف من أفراد الأسرة 11 في المئة، أو امرأة واحدة من بين كل عشر نساء، وكان الزوج الأكثر تعنيفاً. 36 في المئة من النساء يقبلن بممارسة العنف عليهن استطلعت الباحثة نورة المساعد في دراسة لها مدى تقبل الرجال والنساء في السعودية لاستخدام العنف ضد النساء، وذكر فيها 53 في المئة من الرجال استعدادهم لاستخدامه في حال «عدم إتباعهن التصرفات المقبولة»، وذكر 32 في المئة منهم أنهم استخدموا العنف بالفعل ضد زوجاتهم، بسبب «سوء تصرفاتهن»، فيما أكدت 36 في المئة من النساء في الدراسة قبولهن ممارسة العنف ضدهن في حال سوء تصرفهن. إلى ذلك، قالت الاختصاصية الاجتماعية أماني العجلان، إن العنف أصبح ظاهرة حالياً، ولم يعد سلوكاً عدوانياً يمارس كما كان في السابق، مشيرة إلى أن العنف النفسي «على رأس القائمة». واتهمت بعض «الحملات» بأنها سبب ل«إماعة» المشكلة والاقتصار على إظهار الجوانب السلبية التي جعلت من القضية شيئاً تافهاً وغير مجدٍ. وأكدت بأن القوانين الحالية تحد من السلطة في حال تم تطبيقها بشكل فعلي من دون تعطيل من الجهات التنفيذية أو القضائية، واصفةً التعطيل الموجود بأنه «أسهم في عدم وضوح الأضرار المترتبة على قصور القوانين».