أظهرت إحصاءات متفرقة «شيوع العنف ضد النساء» في السعودية. إذ تعرضت ربع الحوامل للضرب أثناء الحمل، ما تسبب في الولادة المبكرة أو الإجهاض. وأصيبت معظم المتعرضات للعنف الجسدي في المدينةالمنورة بنسبة 63 في المئة، بإصابات «خطرة» استدعت التدخل الطبي. فيما كشفت دراسة أجريت على 2000 سيدة في الأحساء، أن نسبة المتعرضات للعنف من أفراد الأسرة 11 في المئة، أي امرأة من بين كل 10 نساء تقريباً. وكان الزوج هو «الأكثر تعنيفاً للنساء». ففي دراسة للدكتورة نورة المساعد، استطلعت فيها مدى تقبل الرجال والنساء في السعودية لاستخدام العنف ضد النساء، أبدى 53 في المئة من الرجال استعدادهم لاستخدام العنف ضد النساء، «في حال عدم اتباعهن التصرفات المقبولة». وذكر الرجال أنهم استخدموا العنف بالفعل ضد زوجاتهم، بسبب سوء تصرفاتهن. فيما أكدت 36 في المئة من النساء المشاركات في الدراسة، قبولهن ممارسة العنف ضد النساء، «في حال سوء تصرفهن». وتعد وضحى، قصة من آلاف القصص التي تندرج ضمن «العنف الجسدي»، روتها نيابة عنها صديقتها في الجامعة منى، التي قالت: «كان منظرها مؤلماً وقاسياً حين كانت تحضر الجامعة بوجهها الكئيب المتألم»، مضيفة «لم تكن وضحى قصة عادية، فهي دوماً ما تحتل المراكز الأولى في الدراسة، لكنها في العام الأخير لم تستطع الصمود أمام الألم، فقد شهدت عنفاً جسدياً من قبل شقيقها الأصغر، وحدث ذلك بعد وفاة والدهما، ما جعل الشقيق يسيطر على الحابل والنابل، ويفرض سيطرته الذكورية على الأسرة برمتها». وتوقفت منى قليلاً، ثم أكملت: «حاولت أن أصاحبها، علها تفضفض عن الألم الذي يقتلها داخلياً، لكنها رويداً رويداً بدأت تسحب نفسها لعزلة مقصودة. وأتذكر آخر لقاء كان بيننا قبل التخرج، طلبت منها خلاله الجلوس معي في فترة الراحة، لكنها رفضت. وطالبتها بالحديث بدل كتمان أوجاعها، وانهارت في موجة بكاء، وأشارت بيدها إلى فمها، وقالت لي: لا أستطيع الحديث.. لا أستطيع». فيما أوضح برنامج «الأمان الأسري الوطني»، أن «العنف الجسدي، والعائلي، موجود كمشكلة من دون استثناء». واعترضت مسؤولة في البرنامج (تحتفظ «الحياة» باسمها) على استخدام لفظ «ظاهرة» في تحديد حجم القضية». وقالت «إن الإعلام استحدث الكلمة التي ليس لها أي معنى بالنسبة لنا كمهنيين، فهي موجودة كمشكلة من دون استثناء، ونتعامل معها سواءً أكانت حالة واحدة، أم ألف حالة». وأضافت: «برنامج الأمان الأسري ليس خدمياً، وإنما يهتم بالتشريع والبرامج الوطنية للوقاية والتوعية في المجتمع. ولدينا فرق صحية، سواءً لحالات العنف الجسدي أو العائلي، مكونة من 42 فريقاً لحماية الطفل، وفرق للحماية من العنف الأسري»، لافتة إلى أن هذه الفرق «تقوم بتقويم الحالة طبياً، وتحول حالات العنف الجنسي إلى الطب الشرعي ووزارة الشؤون الاجتماعية، من خلال الفريق الطبي الموجود في القطاع الصحي». كما نفى محام سعودي، تحول حالات الاغتصاب في السعودية إلى «ظاهرة»، وصنفها ضمن «الحالات الفردية». وأكد المحامي خالد السالم في تصريح إلى «الحياة» أن «الحقوق في الشريعة الإسلامية لا تسقط بالتقادم فيما يخص الاعتداء على النفس أو العرض. وأولت أحكام الشريعة الإسلامية غاية الاهتمام بهذه القضايا، وغلظت الحقوق ضمن الضرورات الخمس، ومنها حفظ النفس». ووصف موقف القانون السعودي فيما يخص حقوق «المُغتصب المتضرر» ب«المنصف». وأوضح أن «القضاء السعودي ينصف المغتصب المتضرر وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية. وقرأت أخيراً حكماً صادراً من أحد القضاة في محاكم الطائف، على أحد الجناة بمعاقبته تعزيراً، وسجنه 20 عاماً، مع عقوبة الجلد بواقع 5 آلاف جلدة، نظير إقدامه على اغتصاب امرأة وحبسها لمدة 4 أيام في استراحة. وتقدمت المجني عليها بعد هربها بدعوى ضد الجاني، ما تمخض عنه العقوبة المقررة». وحول القرائن التابعة للمُغتصب المتضرر بعد مضي فترة على وقوع الحادثة، قال السالم: «حدوث آثار من وقوع الحادثة، كخروج دم، أو وجود تهتك في الأعضاء التناسلية، ووجود آثار على المجني عليها، وتقارير طبية تثبت ذلك، وغيرها من القرائن التي يأخذ بها القضاء في مثل هذا النوع من الجرائم».