تبنى تنظيم «داعش» الهجوم الذي نفذه خالد مسعود البالغ 52 من العمر قرب مقر البرلمان البريطاني في لندن الأربعاء، وأسفر عن 3 قتلى و40 جريحاً بينهم 7 في حال الخطر. وكتبت وكالة «أعماق» التابعة له على تطبيق «تليغرام»: «نفذ جندي لدينا العملية استجابة لنداءات استهداف رعايا دول التحالف الدولي». وأبلغت رئيسة الوزراء تيريزا ماي البرلمان بأن «منفذ الهجوم ولد في البلاد (كنت) وهو معروف لدى جهاز الاستخبارات الداخلية إم آي5 الذي استجوبه في قضية قديمة تتعلق بعنف. لكنه كان شخصية هامشية، وليس ضمن دائرة الاهتمامات الحالية للاستخبارات التي لم تملك معلومات عن نياته أو عن تخطيطه لهجوم». وأفاد البيت الأبيض بأن «ماي تحدثت إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي عرض تعاون الولاياتالمتحدة ودعمها الكامل بعد الهجوم». وأوقفت الشرطة البريطانية 7 مشبوهين في علاقتهم بالهجوم الأسوأ في بريطانيا منذ العام 2005 حين قتل أربعة انتحاريين بريطانيين 52 شخصاً في تفجيرات استهدفت شبكة النقل بالمدينة. وجاء ذلك بعدما دهمت عناصرها 6 مواقع في لندن وبرمنغهام ومناطق أخرى. لكنها شددت على أن «لا معلومات محددة متوافرة حالياً عن تهديدات أخرى لعامة الناس». وأفادت وسائل إعلام بأن «الشرطة دهمت منزل المهاجم في برمنغهام ومكتباً وفّر سيارة هيونداي الرباعية الدفع التي نفذ بها المهاجم عملية الدهس على جسر ويستمنستر». وتعتبر برمنغهام مركزاً للمتطرفين البريطانيين، وسبق أن مكث فيها محمد عبريني، أحد منفذي اعتداءات باريس في 13 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، والتي أسفرت عن 130 قتيلاً، وهجمات بروكسيل في 22 آذار (مارس) 2016. «عالم مجنون» وفي مواجهة صدمة إحداث المهاجم بلبلة كبيرة في قلب لندن، مستخدماً أدوات لا تتجاوز سيارة مستأجرة وسكيناً قبل أن ترديه الشرطة بالرصاص، صرح وزير الدفاع مايكل فالون بأن «الشرطة ووكالات الاستخبارات التي نعتمد عليها في أمننا أحبطت عدداً كبيراً من الهجمات المماثلة في الأعوام الأخيرة، بينها أكثر من 12 هجوماً العام الماضي». وزاد: «يصعب تفادي هذا النوع من الهجمات المنفردة باستخدام أشياء نستعين بها في حياتنا اليومية، ونحن نتعامل مع عدو إرهابي لا مطالب له ولا يأخذ رهائن، بل يريد ببساطة أن يقتل أكبر عدد من الناس. هذا عنصر جديد في الإرهاب الدولي». وتعهد الوزير مراجعة الترتيبات الأمنية في موقع البرلمان الذي طوقته الشرطة مع إغلاقها جسر ومحطة مترو الأنفاق في وستمنستر، والتي تشهد ازدحاماً عادة في ساعة الذروة الصباحية. وأكد عمدة لندن صادق خان، أن إجراءات أمن مشددة ستتخذ للحفاظ على أمن المدينة التي تعهد بأن تبقى «إحدى أكثر المدن أماناً في العالم»، مضيفاً: «نقف معاً في وجه من يسعون للإضرار بنا وتدمير أسلوب حياتنا، واللندنيون لن يخافوا أبداً من الإرهاب». وحددت السلطات القتلى بأنهم الشرطي كيث بامر الذي طعنه المهاجم أمام البرلمان، وامرأة والدتها إسبانية تدعى عائشة فرادي (43 سنة) وتدرس اللغة الإسبانية في لندن، ورجل في منتصف الخمسينات. ونقلت صحيفة «تايمز» عن وزير الدولة في وزارة الخارجية توبياس إيلوود الذي حاول إنعاش الشرطي القتيل ثم غادر مسرح الهجوم وقد لوثت الدماء وجهه ويديه: «يا له من عالم مجنون. حاولت إنقاذ شرطي لكنه كان تلقى طعنات كثيرة وفقد كمية كبيرة من الدم، بسبب إصابته بجروح متعددة تحت الذراع وفي الظهر». وأشاد نواب البرلمان بإيلوود، الذي فقد شقيقه في تفجيرات منتجع بالي بأندونيسيا عام 2002، ووصفوه بأنه «بطل». ونشرت صحف بريطانية كثيرة صوره وهو جاثم بجوار جثة الشرطي عند مدخل البرلمان. كذلك، أشارت السلطات إلى أن بين الجرحى ثلاثة تلاميذ فرنسيين من منطقة بريتاني (غرب) تتراوح أعمارهم بين 15 و16 سنة انضموا مع زملائهم إلى رحلة مدرسية قصدت لندن. ووصل وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت إلى لندن لزيارتهم في المستشفى. كما أعلنت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية جرح خمسة من مواطنيها، هم ثلاث سيدات ورجلان أصيبوا بكسور في العظام، باستثناء سيدة تعرضت لإصابة في الرأس وخضعت لجراحة. وبعدما كانت وصفت الهجوم بأنه «غير عفوي لأن الإرهابي ضرب قلب عاصمتنا، حيث يتجمع أشخاص من كل الجنسيات والديانات والثقافات للاحتفال بقيم الحرية والديموقراطية وحرية التعبير»، أكدت ان «أي محاولة لدحض هذه القيم عبر العنف محكوم عليها بالفشل»، أبلغت ماي البرلمان أمس بأن «الإرهاب لن ينتصر»، وحضت مواطنيها على «مواصلة حياتهم اليومية والتمسك بقيم بريطانيا التي تجمعنا كأمة واحدة من اجل إلحاق هزيمة بالإرهابيين». ونُظِمت وقفة في ميدان ترافلغار في لندن ليلاً حداداً على أرواح الضحايا، فيما قالت الملكة إليزابيث في بيان «تعازيَّ وصلواتي وتعاطفي الكامل مع جميع المتضررين من العنف المروع»، علماً أنها ارجأت تدشينها المقر الجديد لشرطة لندن أمس. لوم لسياسات الهجرة وكان لافتاً إسراع جماعات مناهضة للهجرة إلى ربط الهجوم بسياسات الهجرة. واتهمت جماعة «ليف إي يو» (اتركوا الاتحاد الأوروبي) التي أطلقت حملة لفرض قيود صارمة على الهجرة في إطار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معظم السياسيين ب «تسهيل تنفيذ أعمال إرهابية بسبب عدم تأمين الحدود». وقالت في بيان: «سئمنا، ونشعر بغضب من أن الحكومات السابقة في أوروبا سمحت بشن الهجوم من خلال تبنيها سياسات متواضعة إلى حد بعيد عرضتنا لخطر». وفي فرنسا ربطت مرشحة حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف للانتخابات الرئاسية مارين لوبان بين الهجوم والمهاجرين، قائلة إن «أحداث لندن أكدت أهمية حماية الحدود الوطنية وتعزيز إجراءات الأمن، والمشكلة أننا نواجه إرهاباً منخفض الكلفة».