أظهرت أشرطة فيديو التقطها مارة باستخدام كاميرات هواتفهم الخليوية، لقطات مروعة لعملية قتل شابين أسودين بطعنات سكين وضربات ساطور جندياً بريطانياً بلباس مدني وسط شارع في قرب ثكنة للمدفعية الملكية في وولويتش، وهو حي للطبقة العاملة جنوب شرقي لندن، وتوعدهما ب «عدم التوقف عن القتل لأن المسلمين يموتون يومياً». وبعدما لازم المهاجمان مكان الجريمة في انتظار اعتقالهما، ودعيا المارة إلى تصوير مشاهد لأيديهما المغمسة بالدماء وتقطيعهما لحم القتيل بساطور، ردد أحدهما وهو في العشرينات أو الثلاثينات من العمر شعارات إسلامية بلكنة محلية قائلاً: «نقسم بالله العظيم ألا نتوقف أبداً عن قتلكم، وهذا الجندي البريطاني هو العين بالعين والسن بالسن». وأضاف المهاجم قبل اعتقاله مع زميله اثر إطلاق النار عليهما، ما أصابهما بجروح خطرة: «أعتذر للنساء عن هذه الصور، لكن النساء في بلادنا تضطر إلى مشاهدة اللقطات ذاتها. لن تكونوا في أمان أبداً. أطيحوا حكومتكم التي لا تكترث بكم». وتحدثت وسائل إعلام عن تحدي امرأة تدعى أنغريد لويو كينيت (48 سنة) المهاجمين عبر النزول من باص لدى رؤيتها القتيل ممداً على الطريق، ومحاولتها جس نبضه قبل أن يواجهها المهاجمان بأسلحة في حوزتهما وبينها مسدس. ونقلت عنها قولها لهما: «الآن تواجهان عدداً كبيراً من الناس وستخسران، ماذا ستفعلون»؟، وأن أحدهما أجابها: سأبقى وأقاتل». وأشارت المرأة إلى أن المهاجمين «لم يكونا مخدرين أو ثملين، بل غاضبان فقط ومضطربان». ورجح خبراء بريطانيون كون العمل «فردي» نتج من تأثر المهاجمين عقائدياً بمنتديات إلكترونية تبث تسجيلات فيديو لعمليات قطع رؤوس أو إعدام مصورة في سورية أو أفغانستان أو العراق تنفذها جماعات إسلامية تتبنى الفكر المتطرف لتنظيم «القاعدة». لكن كشف الشرطة تحدر المهاجمَين من نيجيريا قد يربطهما بجماعة «بوكو حرام» المتشددة. يمينيون غاضبون وتلا الجريمة، هجمات انتقامية على مساجد في شرق لندن، لم تسفر عن ضحايا، وأدت إلى اعتقال رجلين، وتظاهر عشرات من أعضاء رابطة الدفاع الإنكليزية اليمينية المتطرفة في شوارع وولويتش، وإلقاء بعضهم زجاجات على الشرطة، مرددين هتافات مناهضة للمسلمين. ونسبت صحيفة «ذي غارديان» إلى زعيم الرابطة تومي روبنسون قوله إنهم «يقطعون رؤوس جنودنا. هذا هو الإسلام، ويجب أن يحصل رد فعل، كما يتعين على الحكومة والشرطة أن تفهما مقدار غضب البريطانيين». لكن رئيس بلدية لندن بوريس جونسون أبلغ شبكة «سكاي نيوز» أنه «من الخطأ اتهام الإسلام بمسؤولية ارتكاب هذه الجريمة، وكذلك ربطها بالسياسة الخارجية البريطانية أو بتحركات القوات المسلحة البريطانية التي تجازف بحياتها في الخارج دفاعاً عن الحريات». وزاد: «تقع مسؤولية هذا العمل بالكامل وحصراً على الفكر الملتوي والمختل لمرتكبيه»، وكل ما أسمعه يدفعني إلى الاعتقاد بأن اللندنيين يستطيعون استئناف حياتهم الطبيعية، وسنحيل هؤلاء القتلة على القضاء». اجتماع أمني وتنديد وبعدما ترأس اجتماعاً طارئاً للجنة «كوبرا» الأمنية في وايتهول بلندن، حيث مقر الوزارات، في حضور وزيرة الداخلية تيريزا ماي ورئيس بلدية لندن جونسون ورئيسي جهازي الاستخبارات الداخلية (أم آي5) والخارجية (أم آي 6) ورئيس الشرطة (سكتلنديارد) وخبراء أمنيين، وصف رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الهجوم بأنه «إرهابي». وقال بعدما قطع محادثاته مع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في باريس وعاد إلى بلاده: «ليس الأمر مجرد هجوم على بريطانيا وأسلوب حياة شعبها، ولكنه خيانة أيضاً للإسلام ولمجتمعات هذا الدين التي تقدم إسهامات كبيرة لبلدنا. والأكيد أن لا شيء في الإسلام يبرر هذا العمل الفظيع». وأضاف: «لن نرضخ أبداً للترهيب أو الإرهاب الذي قتل مسلمين أكثر من أتباع أي ديانة أخرى، وسنهزم التطرف عبر تحدي خطابه السام والبقاء متحدين، ودعم أجهزة الأمن». وأشار كامرون إلى أن الإرهاب «قتل مسلمين أكثر من اتباع أي ديانة أخرى». ودان مجلس المسلمين البريطاني الذي يضم أكثر من 500 مسجد وجمعية أو مؤسسة لمسلمين «العمل الوحشي الذي لا مبرر له في الإسلام»، داعياً إلى الهدوء. كذلك، نددت الولاياتالمتحدة بالجريمة، وقال باتريك فنتريل نائب الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية: «نقف مع حلفائنا البريطانيين في وجه أعمال العنف». وصرح المدعي العام الأسترالي روبرت دريفوس بأن «الاعتداء الإرهابي يُظهر أن العنف المتأثر بعقيدة منحرفة يمكن أن يضرب بلا إنذار»، مبدياً صدمته مما حصل في شوارع لندن. وقال نائب قائد قوات الدفاع الأسترالية مارك بينسكين: «نتابع ما حصل في بريطانيا، ولدينا أشخاص هناك ونسعى إلى تأكيد الحفاظ على أمنهم وأمن القوات المسلحة البريطانية، والعمل عن كثب مع وكالات الأمن لوضع تقييم للتهديدات».