أكدت دبي أمس ان ديونها العامة لا تتجاوز 30 بليون دولار، وأن تسديدها «أمر يسير»، في ضوء عودة الحياة إلى معظم قطاعات الإمارة، وبدء تحقيق الشركات التابعة للحكومة عائدات جيدة، ستمكنها من تسديد ما تبقى من ديون، من دون استبعاد اللجوء إلى عرض شركات للاكتتاب العام ولو بعد سنوات. جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي حضره كبار المسؤولين عن ملف إعادة هيكلة ديون الإمارة، هو الأول من نوعه منذ ان عصفت أزمة الديون باقتصادها. وفاجأ المشاركين حضور نائب رئيس الإمارات رئيس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في زيارة غير معدّ لها سلفاً. وأكد المسؤولون في المؤتمر ان الإمارة تمكنت من حل أزمة «دبي العالمية» بوقت قياسي، وأنها لن تحتاج إلى دعم إضافي من المصرف المركزي الإماراتي، في ظل انتعاش قطاعات السياحة والتجارة والطيران، التي ستمكنها من تسديد نحو 15 بليون دولار العام المقبل. وأكد المسؤولون خلال المؤتمر الذي جمع رئيس اللجنة العليا للسياسة المالية الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، والمدير العام لديوان حاكم دبي محمد الشيباني، ومحافظ «مركز دبي المالي العالمي» أحمد الطاير، ان إمارة دبي لن تتأثر بتداعيات الأزمة المالية التي تعاني منها أوروبا حالياً، لأن الإمارة بدأت منذ فترة تركز على الاستثمار في الدول الناشئة، مثل الصين والهند اللتين تحققان حالياً معدلات نمو مرتفعة، كما أنها تستفيد حالياً من فصل اقتصادها عن الدول الغربية. ولفت الشيخ أحمد إلى ان دبي ستتبنى إستراتيجية جديدة، وأضاف: «ندرك إدراكاً كاملاً الحاجة الملحة لتبني إستراتيجية جديدة خلال المرحلة المقبلة، وضرورة اتّباع منهج خاص للتفاعل مع الواقع العالمي». وأكد الشيباني ان دبي تتردد في بيع أصولها حالياً، وربما ستقوم ببيع أصولها الجيدة بعد خمس أو ثماني ثماني سنوات، عندما يكون الوقت مناسباً لذلك، وسعر الأصول مناسباً. ولفت الشيباني إلى ان تأثر دبي بتداعيات الأزمة المالية العالمية، يعتبر ثمناً تدفعه نتيجة استثمارها في الغرب. وأشار الشيخ أحمد إلى ان الموقف المالي لشركة «دبي العالمية» اصبح مطمئناً، وأنها عادت في شكل كامل إلى نشاطها الأساسي، الأمر الذي سيساهم في تعزيز قيمة أصولها على المدى البعيد، بما يخدم الأطراف ذات الصلة بالشركة. وأضاف ان اللجنة العليا للسياسة المالية تركز حالياً على حل مشكلة مؤسسة «دبي القابضة»، التي تواجه بعض التحديات الناجمة عن تداعيات الأزمة المالية العالمية، خصوصاً على صعيد أصولها واستثماراتها الخارجية. لكنه أوضح ان حجم مشكلة «دبي القابضة» لا يمكن مقارنته بأزمة «دبي العالمية»، وأن الأولى تخضع حالياً للدراسة الدقيقة وبجدية كاملة. وأشار إلى ان قدرة دبي على المنافسة هي «افضل من أي وقت مضى»، لأنها تستمد صدقيتها من بنية أساسية قوية، واستثمارات نوعية في الرعاية الصحية والتعليم، بالإضافة إلى نظام تشريعي متطوّر ينظّم التجارة والخدمات المالية والمختلفة، علاوة على ما يتوافر في دبي من خيارات عقارية متنوعة وعالية الجودة. وأكد المسؤولون خلال المؤتمر الصحافي الذي ضم قيادات من مجموعة «دبي القابضة» بالإضافة إلى كبير الاقتصاديين في «مركز دبي المالي العالمي»، ناصر الصعيدي، ان القطاع العقاري لا يشكل سوى 15 في المئة من اقتصاد الإمارة، في حين تساهم التجارة بنحو 38 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وأضافوا ان هناك اكثر من مؤشر على انتعاش اقتصاد دبي، أهمه ان عدد المسافرين عبر مطار دبي وصل إلى 40 مليون مسافر، وهو مؤشر قوي بكل المقاييس على مكانة الإمارة على الصعيد الدولي، وأن تجارتها الخارجية ارتفعت 18 في المئة خلال الأشهر الثمانية الأولى من السنة لتتجاوز 100 بليون دولار. ولاحظ المسؤولون ان القطاع المصرفي أبدى مقاومة شديدة خلال الأزمة، وأنه يتمتع حالياً بسيولة جيدة بعد ان حقق معدلات نمو خلال الشهور الماضية تتجاوز 24 في المئة. وأكد الطاير ان حجم الودائع في المصارف العاملة في دبي يفوق التسهيلات النقدية بنحو 15 بليون درهم. ولم ينكر الشيخ أحمد، ان مرحلة التباطؤ على مدار العامين الماضيين، أتاحت للإمارة مراجعة خططها الاقتصادية وإعادة النظر في بعضها. وأكد ان دبي تتجه إلى تطوير أسواق مالية عميقة قادرة على دعم مستقبل الاقتصاد المحلي، والبناء على النجاح الذي حققه «مركز دبي المالي العالمي»، للوصول إلى خدمة اكثر من بليون ونصف بليون شخص في المنطقة المحيطة، بالإضافة إلى تنويع مصادر التمويل وتوسيع دائرة المشاركة في ثروات الاقتصاد، «وسنعمل على فتح المجال أمام الاكتتاب العام في بعض شركاتنا الكبرى».