على شاكِلة البرنامج التلفزيوني الشهير»الأخ الأكبر»، ترصد كاميرات تلفزيونية كل حركة لشخصيات برنامج «الحياة السريّة لأعمار الرابعة»، وتلتقط ميكروفونات كل ما تقوله هذه الشخصيات، وهم محبوسون في محيط ضيق كالمشاركين في برنامج الواقع الشهير ذاك. لكنّ هذا هو المشترك الوحيد بين البرنامجين، إذ إن شخصيات «الحياة السريّة لأعمار الرابعة» لا تصطنع أو تتجمل للكاميرات، وربما لا تعرف أصلاً بوجود الكاميرات من حولها، وهي تغادر المكان المخصص للتجربة التلفزيونية كل يوم وتعود الى أمان بيوتها، فهم أطفال في الرابعة من العمر، يشتركون في تجارب نفسية ترفيهية تلفزيونية بدأت في بريطانيا قبل عامين، وها هي تنتقل اليوم الى محطات تلفزيونية أوروبية. يخلق البرنامج فضاءً لشخصياته يشبه بتصميمه روضات الأطفال، ويجهز المكان بمشرفين وساحة لعب خارجية، ويبتكر أيضاً ظروفاً متنوعة تثير ردود فعل متابينة لدى أطفال البرامج، ليسجل بعضها ويحللها اختصاصيان نفسيان يجلسان في غرفة خاصة قريبة من مكان الاستوديو. في حين ستكون مهمة المشرفين في الروضة حلّ المشاكل التي تندلع بين الأطفال، كما سيقودان التجارب الخاصة في البرنامج. هذا كله يمرّ من دون أن يثير فضول الأطفال أو انزعاجهم، فهم منشغلون تماماً في عالمهم الخاص، ومثارون بسبب عدد الأصدقاء الجدد الذين دخلوا حياتهم عبر التجربة التلفزيونية، والمواقف التي تحصل أمامهم. لا تختلف النسخة البريطانية عن النسخ الأوروبية، لجهة تخصيصها زمناً مُهماً لبحث تطور الأطفال النفسي، وتسجيل بداية إحساس هؤلاء بمحيطهم، فالتصرفات التي يمكن أن تمر على الوالدين أو مشرفي الروضات دون أن تثير اهتماماً كبيراً، تخضع في البرنامج الى تحليلات نفسية وسلوكية، والبحث فيها عن الفروقات بين الأطفال لجهة إحساسهم بذواتهم وما يقومون به تجاه الآخرين من حولهم، كتشكيل صداقات جديدة، أو تحالفات لإبعاد غير المرغوب فيهم عن تجمعاتهم. يحفل البرنامج باللحظات الكاشفة وأحياناً الصادمة، والتي ربما يعدها بعضهم انتهاكاً لخصوصية الأطفال (رغم موافقة أهل الأطفال على مشاركتهم في البرنامج) إذ إن بعض أطفال التجربة التلفزيونية يكذبون ويتصرفون بقسوة أحياناً مع رفاقهم. وهناك أيضاً مواقف أخرى للأطفال ستجعل أهلهم فخورين جداً لطيبتهم ولذكائهم الحاد وسرعة بديهتهم. علاوة على المشاهد من داخل مكان التجربة، يخرج البرنامج أحياناً ليصور الأطفال مع عائلاتهم، ويجري حوارات مع العائلات عن أبنائهم المشاركين في البرنامج، وهو الأمر الذي من شأنه أن يساعد في فهم تصرفات بعض الأطفال. ذلك أن سلوكهم في الروضة هو في جزء كبير منه امتداد لما يقومون به في بيوتهم وبين عائلاتهم. يجمع البرنامج بين الجانبين العلمي والترفيهي، فمراقبة أطفال بأعمار الرابعة ممتعة كثيراً، وتكسر بإيقاعها البطيء وعفويتها وكوميديتها غير المقصودة هيمنة برامج تلفزيون البالغين. وفي مقابل الترفيه، هناك جوانب مهمة يعالجها البرنامج، كما يوثق بعض اللحظات التي لا تنسى، كالمحادثة التي سجلتها النسخة الهولندية للبرنامج عن طائر وجده الأطفال ميتاً في الحديقة، والتي كشفت عن مشاعر الأطفال الخاصة حول الموت، والمستوحاة من أحاديث وتجارب أهلهم، وما يشاهدونه في برامج الأطفال التلفزيونية. تعود حقوق فكرة البرنامج الى شركة «RDF» التي أنتجته للقناة الرابعة البريطانية (C4) في عام 2015، وساعد نجاحه الكبير في بريطانيا (كان أفضل برنامج تلفزيون واقع مشاهدة على القناة البريطانية للسنوات الخمس السابقة)، على انتقاله الى دول اوروبية عدة منها: هولندا، بلجيكا، فرنسا، اسبانيا، الدنمارك. كما شجع نجاحه في بريطانيا على إطلاق برامج تتناول أطفالاً بأعمار الخامسة والسادسة، وعرضت القناة برنامجاً عن الحياة السريّة بين الأخوة والأخوات الأطفال في العائلة الواحدة.