لم يعد برنامج «الأخ الاكبر» البريطاني - وهو اشهر النسخ التي انتجت من البرنامج - قادراً على استقطاب 10 ملايين مشاهد، كما فعل في الموسمين الأولين. فالموسم العاشر الذي تعرضه القناة الرابعة البريطانية الآن، يجذب مليونين كل ليلة، وهو رقم ما زال يسعد القناة البريطانية المعروفة بمشاغبتها، على رغم انها تعي تماما أن البرنامج اصابه الإعياء، ولم يعد الذين يقفون خلفه قادرين على استعادة السيرك الإعلامي الذي يصاحبه لسنة جديدة مقبلة. كما لم يعد المشتركون قادرين على جذب الصحف البريطانية، مثلما فعل مشتركو المواسم الاولى الذين تحولوا بعد حلقات قليلة فقط الى مشاهير ظهروا على صفحات الجرائد البريطانية الجادة، وليس في صحف التابلويد فقط. لكن قصة برنامج «الأخ الاكبر»، لم تبدأ من بريطانيا. فهو عرض للمرة الاولى في التلفزيون الهولندي عام 1999، وعلى قناة «فرونيكا» تحديداً، ليحقق نحاجاً يعدّ سابقة. ففجأة تحولت مشاهدة بشر عاديين مسجونين في بيت صغير الى «ترفيه» يتابعه الملايين. حتى عنصر ابعاد مشترك في كل حلقة، لم يحمل حينها - في النسخة الهولندية من البرنامج - مؤامرات وقسوة النسخة البريطانية. ومبكراً، تعرّض البرنامج الى انتقادات واسعة من جمعيات حقوق الانسان وقوى دينية اعتبرت تركيبته «شريرة»، كونها تدفع المشتركين الى ارتكاب افعال غير طبيعية من اجل إثارة تلفزيونية، تهدف الى استقطاب الشركات التي كانت تتصارع للحصول على جزء من الكعكة الإعلانية أثناء بث البرنامج. ودفعت الانتقادات الدينية الى وقف النسخة العربية من البرنامح التي كانت تعدها قناة «ام بي سي»، اذ انتقدت قوى دينية وسياسية بحرينية تصوير البرنامج في البحرين، ما جعل ادارة القناة تتخلى عن المشروع على رغم التحضيرات الكبيرة التي اعدتها له. واذا كانت الانتقادات أثّرت في نسخ البرنامج في دول مختلفة، فإنه لم يسلم من مشكلات بنيوية في دول اخرى، ومبكراً جداً، وتحديداً بعد الموسم الأول الناجح، اذ لم يكن باستطاعة القنوات المنتجة ان تحول البرنامج الى تجربة اجتماعية حقيقية عن مجموعة البشر المحبوسين في مكان واحد تحت عدسات الكاميرات التي تلاحقهم كيفما تحركوا، لأسباب تجارية غالباً. أضف الى هذا مشكلات تتعلق بمحرمات تلفزيونية، كان يمكن ان تصطدم بها التركيبة «القاسية» للبرنامج الذي اتجه في النهاية الى الترفيه واختراع افكار جديدة للمشتركين لقضاء وقتهم، من العاب ومسابقات، في محاولة لصرف انتباهم عن جنون التجربة، وما يمكن ان تثيره من افعال، حاولت القنوات التلفزيونية التجارية التي عرضت البرنامج تجنبها. تغيير تركيبة البرنامج، جعل كثراً يتخلون عن مشاهدته، فتوقف في بلدان مثل هولندا وبلجيكا والمانيا بعد مواسم قليلة، في حين استمر بقوة في بريطانيا، بلد الكاتب جورج اورويل، وهو الكاتب الذي يستوحي البرنامج اسمه من اسم ورد في كتابه الشهير «1984». واذا كان كثر يعتبرون برنامج «الأخ الأكبر»، الأب الروحي لموجة برامج تلفزيون الواقع التي تسود التلفزيونات لأكثر من عقد كامل من الزمن، الا ان تركيبة البرنامج الخاصة لم تتكرر كثيراً في برامج تلفزيون الواقع التي جاءت بعده، اي ان تقوم التلفزيونات ببث حي ومتواصل واحياناً عبر الانترنت، ل24 ساعة من يوم المشتركين. فبعض البرامج، وبخاصة تلك التي اهتمت باكتشاف المواهب الغنائية، قدمت احياناً تصويراً حياً للمشتركين، فيما اختارت غالبية برامج تلفزيون الواقع ان تعرض ما تشاء من مشاهد للمشتركين، وهو الأمر الذي ابعدها عن «تعريف» الواقع. وهذه ميزة اخرى تساعد في صمود «الأخ الأكبر» كل هذه السنوات على رغم كل العقبات.