لشبونة - أ ف ب - شُلَّت معظم المرافق الحيوية في البرتغال أمس، بسبب اضراب عام ضد التقشف وُصف بأنه الأكبر الذي تشهده منذ 20 سنة، شارك فيه مدرّسون وعمال السكك الحديد ورجال الاطفاء وفنانون واطباء. وبعد اليونان واسبانيا وفرنسا، تشهد البرتغال بدورها اضرابات سبّبت شللاً شبه تام في وسائل النقل العام. وقال الامين العام لاكبر اتحاد للنقابات جواو بروينسا: «إنه اكبر اضراب يتم تنظيمه منذ 1988». وأعلن الناطق باسم هيئة ادارة المطارات البرتغالية (ايه ان ايه) أن «كل الرحلات التجارية (نحو 500) ستلغى اقلاعاً وهبوطاً في البرتغال، إلا إذا حصل تعليق غير مرجَّح لحركة» الاضراب. واعلنت الشركة العامة للسكك الحديد إلغاء 75 في المئة من رحلات القطارات، مؤكدة في الوقت نفسه أن «الحد الادنى من الخدمة متوفر بالنسبة للرحلات الأساسية». وفي لشبونة، لم يتحرك اي مترو خلال النهار، وتوقف النقل البحري عبر ضفتي نهر تاج. وعند محطات توقف الحافلات، كانت هذه الاخيرة تصل بالتقطير مع نسبة 30 في المئة فقط من حركة التنقل المتوقعة. وقال جوزيه ماركيز سائق قطار مترو منذ 16 عاماً، وبكل اعتزاز: «توقفت حركة المترو بالكامل، كل المحطات مقفلة». وأضاف: «لم يحصل أي حادث. الناس يتفهمون انه ليس اضراباً للمطالبة بزيادات للرواتب، انه للدفاع عن حقوق كل الناس، والتقديمات العائلية». وبعد تسجيل عجز عام قياسي بلغ 9,3 في المئة من اجمالي الناتج الداخلي في 2009، التزمت الحكومة الاشتراكية البرتغالية بجعل العجز عند 7,3 في المئة هذه السنة و4,6 في المئة العام المقبل بواسطة اجراءات تقشف غير مسبوقة تنص على زيادة الاقتطاعات في الموازنة وخفض في الرواتب وإلغاء تقديمات اجتماعية وزيادات في الضرائب. ومع راتب من 1300 يورو، أقر جوزيه ماركيز بأن خفض الراتب لا يطاله مباشرة، لانه يطبق على ما يفوق 1500 يورو، لكنه يقول: «مع ذلك احتسبت أني سأخسر 200 يورو كل شهر، بين إلغاء الزيادات وبطاقات الوجبات وغيرها من العلاوات». والاضراب الذي دعت اليه أكبر نقابتين في البلاد «سي جي تي بي» و «يو جي تي» اللتين اتحدتا للمرة الأولى منذ العام 1988، أدى أيضاً الى اضطرابات كبيرة في المراكز الصحية والمستشفيات حيث تتم تلبية حالات الطوارئ فقط، وكذلك في المؤسسات التربوية. وبحسب النقابات، فإن حركة الاضراب «كثيفة» ايضاً في الشركات الكبرى، وتوقف العمل في عدد من المصانع، خصوصاً في قطاع صناعة السيارات مع أكثر من 90 في المئة من المضربين في «اوتو اوروبا» وفي قطاع صناعات تحويل الورق والفلين. واقفلت فروع عدة لبنك «دوس ديسبوزيتوس» الحكومي، او كانت تعمل بوتيرة بطيئة جداً. وكانت فرق من المضربين انتشرت منذ ما قبل منتصف الليل، خصوصاً أمام مراكز البريد او في مطار لشبونة. وانضم الى الاضراب أيضاً رجال الإطفاء وحراس السجون وموظفو وزارة العدل، في حين أعلنت الشرطة والدرك اضراباً في المحاضر الرسمية. وأدت حركة الاضراب ايضاً الى إقفال عدد من المتاحف وإلغاء حفلات موسيقية أو مسرحيات بسبب تعبئة قوية للناشطين في مجال الثقافة الذين يحتجون على خفض 27 في المئة من المساعدات. لكنْ أياً يكن حجم التعبئة، فان الحكومة استبعدت أي تخفيف لإجراءات التقشف، في حين تواجه البرتغال عودة التوتر الى الاسواق المالية، المقتنعة بان البرتغال ستكون الدولة المقبلة في منطقة اليورو التي ستلجأ الى المساعدة الخارجية بعد اليونان وإرلندا. وأكد رئيس الوزراء البرتغالي جوزيه سوكراتس أول من امس مجدداً، أن «الموازنة التي سيتم اقرارها الجمعة تدافع عن اليد العاملة والاقتصاد»، مبدياً قناعته بأن «العمال يدركون ذلك تماماً».