لم ينزل إعلان تطبيق «واتساب» عن تحديثه الأخير برداً وسلاماً على إدارة «سنابشات»، خصوصاً أن استراتيجية «فايسبوك» الشركة المالكة لتطبيق «واتساب» واضحة جداً في ما تحاول القيام به: ما لم تستطع تملكه، استنسخْه. وأعلن تطبيق «واتساب» إطلاق خدمة جديدة لمناسبة مرور 8 سنوات على ولادته، شكلت تغييراً واضحاً في المفهوم الذي نشأ عليه هذا كتطبيق للمراسلة في شكل أساسي. وقالت الشركة في تدوينة إن التطبيق بدأ بصفته منصة لمشاركة الحالة الخاصة بالمستخدم الذي يستطيع كتابة نص صغير لإطلاع أصدقائه على ما ينوي القيام به، ولكن عندما «لاحظنا أن المستخدمين يستعملون هذه المنصة للتواصل، أعدنا تعديل التطبيق». ويسمح التحديث الجديد لمستخدم «واتساب» بإضافة صورة أو مقطع فيديو صغير ومشاركته مع أصدقائه لمدة 24 ساعة فقط، بواسطة كاميرا موجودة داخل التطبيق. ولا يختلف اثنان على أن التحديث الأخير مشابه إلى حد كبير لخدمة «ستوريز» الموجودة في «سنابشات»، إذ تكمن قوة هذا التطبيق في أنه يؤمن المنصة التي تسمح للمستخدم بعرض صور ومقاطع فيديو من خلال رسائل خاصة، أو على لائحة من الأصدقاء، تختفي تلقائياً بعد 24 ساعة. وما قام به «واتساب» فعلياً، هو استنساخ لبعض هذه الخصائص، إذ أصبح بإمكان أي كان تصوير مقطع فيديو أو صورة معينة، وعرضها على قائمة الأصدقاء لتصفحها، مع التأكيد أن التطبيق يسمح منذ تأسيسه بإرسال مقاطع فيديو وصور من خلال رسائل خاصة، إلا أنها لا تختفي مع مرور الوقت. وهذه ليست المرة الأولى التي تقوم بها الشركة الأم باستنساخ خاصية من «سنابشات»، إذ بعد فشل مفاوضات الشراء بقيمة وصلت إلى 3 بلايين دولار في العام 2013، بدأ «فايسبوك» بإدراج خصائص يمتاز بها «سنابشات» في تطبيقات منفصلة أو داخل تطبيقاته. وبدأت هذه المعركة فعلياً في العام 2012 بعدما أطلقت شركة «فايسبوك» تطبيق «بوك» الذي يسمح للمستخدم بإرسال رسائل تختفي تلقائياً، لتعود بعدها الشركة وتقفل المشروع في العام 2014. وفي 2013، قدم تطبيق «انستاغرام» خدمة جديدة تمثلت في إدراج خاصية إرسال الرسائل الخاصة بين المستخدمين. أما في 2014، فإن «فايسبوك» أطلق تطبيق «سلينغ شوت» والذي يشبه إلى حد كبير تطبيق «سنابشات» ولكن «فايسبوك» أوقف التطبيق في فترة لاحقة. ولم تقف الأمور عند هذا الحد، إذ لجأ «فايسبوك» إلى إدخال أهم مميزات «سنابشات» وهي «ستوريز» إلى تطبيق «انستاغرام» في آب (أغسطس) الماضي لتحصد نجاحاً باهراً. فبعد أربعة أشهر فقط من إدخال هذا التعديل، وصل عدد المستخدمين النشطين ل «ستوريز» فقط في «انستاغرام» إلى 150 مليوناً يومياً، وهو تقريباً العدد نفسه من المستخدمين النشطين في «سنابشات». كما أدخل «فايسبوك» التعديل نفسه على تطبيق «ميسنجر» ليقوم بعدها بإدخاله في تطبيقه الخاص «فايسبوك»، ولكنه لا يزال في فترة التجربة لعدد محدد من المستخدمين، لتتم أخيراً إضافة «ستاتوس» في «واتساب» وهي فعلياً الخدمة نفسها. واللافت أن تعديل «واتساب» جاء بعد أيام قليلة من طرح «سنابشات» على الاكتتاب العام في الأسواق المالية، الأمر الذي يزيد الضغوط المالية على إدارة التطبيق التي بدأت تعاني فعلاً. وتُظهر أرقام نمو «سنابشات» أن قاعدة المستخدمين الخاصة به ارتفعت بنحو 50 مليون مستخدم يومي في 2016، إلا أنه بنهاية العام نفسه، بدأ هذا النمو التباطؤ. وتشير الأرقام إلى أنه في الربع الأخير من العام 2016، استطاع «سنابشات» جذب 5 ملايين مستخدم جديد، في حين أن هذا الرقم وصل إلى 46 مليون مستخدم جديد في الأرباع الثلاثة التي سبقته. إدارة «سنابشات» تواجه تحدياً حقيقياً قد يهدد بقاءها، خصوصاً أنها على أبواب الاكتتاب العام. إذ لا تزال الشركة تعاني في جذب الإعلانات والأموال اللازمة للتطوير. ولكن على الرغم من هذا التحدي الشرس، يتسلح «سنابشات» بخاصية جعلته مقصداً للأعمار الشبابية، الأمر الذي يفتقده «فايسبوك» ويحاول جاهداً اجتذابه. ونظراً إلى أن «سنابشات» عمد منذ انطلاقته إلى الرسائل التي تختفي تلقائياً، نظراً إلى أنه نشأ كتطبيق مخصص للتلصص والمغازلة بين الشباب، استطاع جذب عدد لا يستهان به من هذه الفئة العمرية التي يبحث عنها معظم المعلنين. وتشير الأرقام التي يطرحها «سنابشات» إلى أنه يستطيع وعلى الرغم من أنه متوافر فقط على الأجهزة الذكية، الوصول إلى نحو 41 في المئة من كل الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 سنة في الولاياتالمتحدة الأميركية، في حين أن معدل الزيارات اليومية لمستخدميه التي تصل إلى 158 مليون مستخدم نشط يومياً، تصل إلى 18 مرة. والحال، أن النقص في هذه الفئة العمرية في «فايسبوك» والتطبيقات المرافقة له، دفع بالتطبيق الأزرق إلى استنساخ تجربة «سنابشات» علّه يشجع الشباب على الدخول إليه والبقاء فيه. إلا أن هذه الطريقة قد تصل به إلى نتائج عكسية وخصوصاً في عالم يعجّ بالابتكار والتحديث. وقد تؤدي سياسة «الاستنساخ» التي يعتمدها «فايسبوك» إلى ملل بين المستخدمين، ما يدفعهم إلى ترك التطبيقات التي تنتجها الشركة بحجة أنها «تفتقر إلى التجديد» والاستعاضة عنها بتطبيقات أخرى أكثر فاعلية.