ناديا الدجاني، اسم بارز ومرموق في عالم تصميم الحلي والمجوهرات. موهبة صقلتها الدراسة والثقافة وخبرة طويلة امتدت على مدى عشرين سنة. تجمع بين الابداع والذوق الرفيع والتقنية العالية، ومجوهراتها تنبض بمزيج من الشرق والغرب. تصاميمها تحف فنية عصرية تحاكي قصصاً من عبق التراث، وتستنطق الخط العربي وتستلهم الحياة الفنية والثقافية في الاردن والعالم العربي. حجزت لنفسها موقعاً متقدماً في مجال المجوهرات على المستوى العالمي، فمثّلت الاردن في العديد من المعارض المحلية والعالمية، وآخرها مشاركتها في معرض في عُمان وفي «المعرض الدولي للمجوهرات» في لندن. التقتها «الحياة» لتطّلع على جانب مضيء من تجربة المرأة العربية المعاصرة، ولتستمع منها عن رحلتها في هذا المضمار والعقبات التي واجهتها والمشاكل التي تعترض مصممي المجوهرات في العالم العربي. تبدأ الدجاني بالحديث عن آخر نشاطاتها، مشيرة الى معرض خاص نظمته في عُمان أخيراً. ثم ما تلبث ان تتكلم بحماسة عن مشاركتها في معرض لندن، قائلة: «انني فخورة جداً بمشاركتي مجدداً في المعرض الدولي للمجوهرات، الذي يعتبر منصة بالغة الاهمية لما يوفره من فرص للالتقاء بأشهر مصممي المجوهرات في العالم والتعرف الى أبرز أعمدة صناعة المجوهرات والاطلاع على تصاميمهم العصرية، وفي الوقت نفسه عرض مشغولاتي الفنية وإبراز مستواها، وهو أمر حرصت عليه وعملت جاهدة على تحقيقه طيلة الاعوام العشرين الماضية ومنذ ان بدأت العمل في هذا المجال». وتضيف: «انا فخورة ايضا بأن مجوهراتي أُنتجت وفق اعلى المعايير الدولية، ويمكنها ان تنافس على المستوى الدولي حيث حظيت بالتقدير لجودتها وفرادتها». تستعيد الدجاني رحلة الأعوام العشرين الماضية، وتستذكر النجاحات والتحديات والعقبات، والفرق بين العمل في لندن حيث كانت تقيم، وبين العالم العربي والاردن حيث تقيم الآن، وتقول: «اكبر عقبة تواجهني وتواجه مصممي المجوهرات والحلي في الاردن ودول عربية اخرى هو التهاون في تطبيق القوانين التي تحمي حق الملكية. والنتيجة اننا نجد انفسنا في وضع لا نستطيع فيه حماية تصاميمنا، فيما نمر بعملية طويلة ومكلفة ومعقدة تنتهي بإضاعة الوقت. ان رأس مال مصمم المجوهرات هو افكاره وتصاميمه وابداعاته، وإن لم يتم تطبيق القوانين لحمايتها من التقليد، فإن ذلك يعني احباط المصمم وفقدانه الرغبة في عرض آخر مبتكراته، رغم وعيه بأن التقليد هو افضل اشكال الاطراء». وتضيف: «انشأنا مجموعة الاردن للفن والتصميم، ونعمل على انشاء هيئة غير رسمية لحل هذه المشاكل، وهدفنا البحث عن الاستمرارية، والحفاظ على حقوقنا، وحماية الفنون اليدوية، والترويج لعلامة صُنِع في الاردن». عقبة اخرى يعاني منها مصممو المجوهرات في العالم العربي هي البضائع الهندية والصينية المنتجة على نطاق واسع، والتي يتم استيرادها الى الاردن والترويج لها على انها مصنوعة يدوياً وتعرض على السياح، وبما انها رخيصة الثمن، يشتريها السائح على حساب المنتجات اليدوية الاردنية. ونحن نحاول ان نرفع مستوى الوعي في هذا الامر وبأنه يكون على حساب العمل اليدوي للاردنيين». فرق آخر كبير لاحظته الدجاني بين الشرق والغرب هو الاختلاف في ثقافة العمل وأخلاقياته: «لاحظت ان سوق العمل في الاردن ما زال غير ناضج بشكل كامل، ومهارات قوى العمل فيه غير متطورة بشكل يتناسب مع الاجواء المهنية. هذا يتطلب اعواما عدة من التدريب والممارسة. وفي الاثناء، فإن المشكلة ما زالت موجودة، ونحن كأصحاب عمل، علينا ان نشرح ونعمّم الاخلاقيات المفروض ان تسود في اماكن العمل، خصوصا ان المدارس والجامعات لا توفرها. في الوقت نفسه، فإن فكرة المهنة لدى المرأة غير متبلورة، اذ انها تتعامل مع العمل كتمضية وقت. وهذه المشكلة تبرز بوضوح في الشركات الصغيرة، وايضا في الشركات الكبيرة». على رغم ذلك، تتحدث الدجاني بشغف عن عملها وتصاميمها ومجموعاتها، وتقول: «همي الرئيسي هو التأسيس لصناعة راقية ومتميزة وعصرية في الاردن، وأن اعطي فن المجوهرات هوية متميزة كشكل فني يعبّر عن تاريخ المكان وتراثه، وفي الوقت نفسه ان اعمل على الترويج لعلامة صنع في الاردن التي تميز مجوهراتي حول العالم». ولعل ما يميز الدجاني عن غيرها من المصممين هو تفاعلها مع مجالها المحلي، ان كان لجهة اصرارها على تشغيل الفتيات الاردنيات وتنظيم ورشات عمل في الاردن لتدريبهن على اسس صناعة المجوهرات وتمكينهن من العمل وفقا للمعايير العالمية، ام لجهة استخدامها المواد الخام التي يشتهر بها الاردن، من معادن واحجار شبه كريمة، او حتى لجهة استلهام المكان في مجموعاتها التي حملت اسماء مصدر الوحي والالهام، مثل «زهور الصحراء»، و«المجموعة الرومانية»، و«اسماك جرش»، و«النهضة الاسلامية». ومن اعمالها ايضا مجموعة «دورة الحياة»، وهي تجسد المبادئ والقيم التي تقوم عليها الجمعية الملكية لحماية الطبيعة التي انتجت هذه المجموعة في محترفاتها في الاردن. وهناك ايضا مجموعة «كنوز» التي تستخدم احجاراً مستخرجة من الجنوب الاردني، وتسعى الى ترسيخ مفاهيم وقيم تدور حول حب الارض وخيراتها. كما ان هناك ايضا مجموعة النحاس التي تستخرج من مناجم النحاس في منطقة جنوب الاردن، اضافة الى مجموعة الذهب التي تحاكي بتصاميمها القطع الاثرية الموجودة في المتاحف والتي تعود الى العصرين الروماني والبيزنطي، ومجموعة الفضة التي تشكل القلائد والتمائم التيمة الرئيسة لها كجزء من الثقافة الشعبية، وتشمل العين الشريرة ويد فاطمة والمربع السحري.