وجه «قانون التسوية» الإسرائيلي الذي يشرّع البؤر الاستيطانية المقامة على أراض خاصة فلسطينية بأثر رجعي، ضربة قوية الى «حل الدولتين»، وأثار قلق المجتمع الدولي وتنديده، خصوصاً الاتحاد الأوروبي الذي ألغى لقاء مع مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى احتجاجاً، كما أقلق الفلسطينيين الذين وصفوه بأنه «إعلان قيام إسرائيل الكبرى» على أرض فلسطين التاريخية. وكان القلق أيضاً من نصيب الإسرائيليين، خصوصاً اليسار والحقوقيين الذي اعتبروا أن القانون يفتح الباب واسعاً أمام محاكمة القادة الإسرائيليين أمام المحاكم الدولي بتهم انتهاك القانون الدولي. وامتنعت الولاياتالمتحدة عن التعليق، مكتفية بالقول إنها تنتظر حكم المحكمة العليا الإسرائيلية التي تنظر في التماس بإلغائه قدمته منظمات حقوقية إسرائيلية. وحده اليمين الإسرائيلي، وعلى رأسه المستوطنين، رحب مغتبطاً بما أسماه «القانون التاريخي». وكانت الكنيست صادقت في ساعة متقدمة من ليل الإثنين - الثلثاء، بغالبية 60 نائباً ومعارضة 52، على قانون يضفي الشرعية القانونية على أكثر من ألفي منزل لمستوطنين مقامة على أراضٍ خاصة في الضفة في مقابل تعويض أصحابها مالياً. وبموجب القانون، سيطرت إسرائيل على 144 ألف دونم من الأراضي الخاصة دفعة واحدة، ما اعتبره الفلسطينيون نهاية حل الدولتين، وإعلان قيام «إسرائيل الكبرى» على أرض فلسطين التاريخية. كما تعالت أصوات فلسطينية طالب بعضها بالمطالبة بإنهاء سياسة التمييز العنصري بدلاً من المطالبة بإقامة دولة مستقلة، فيما طالب البعض الآخر بحل السلطة الفلسطينية وتحميل إسرائيل مسؤولية الاحتلال. ودانت منظمة التحرير الفلسطينية القانون، معتبرة في بيان أنه «يشرّع سرقة» الأراضي الفلسطينية، ويبرهن عن «إرادة الحكومة الإسرائيلية في تدمير أي فرصة للتوصل الى حل سياسي»، مشددة على أن «الاستيطان يقوّض فرص السلام وخيار الدولتين». وندد الرئيس محمود عباس خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الفرنسي فرنسوا هولاند في باريس أمس، بالقانون بوصفه تحدياً للمجتمع الدولي ومخالفة للقانون الدولي وقال إن السلطة ستواجهه في المحافل الدولية. من جانبه، اعتبر هولاند أن توسيع الاستيطان يفتح الباب أمام ضم الأراضي الفلسطينية. وأعلن الجانبان تمسكهما بحل الدولتين. وفي إسرائيل، لم يعقب رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو على القانون، وإن أوضح عند عودته من لندن وقبل ساعات من التصويت، إنه لا يعارضه، لكنه يفضل إرجاء التصويت إلى ما بعد تنسيق الموضوع مع الإدارة الأميركية الجديدة. ويرى مراقبون أن نتانياهو لم يكن متحمساً للقانون أيضاً لخشيته من المحكمة الدولية، لكنه لم يجرؤ على معارضته لئلا يخسر زعامة معسكر اليمين المتشدد لمصلحة زعيم «البيت اليهودي» نفتالي بينيت، وأنه لن يحزن في حال أبطلت المحكمة الإسرائيلية العليا القانون الجديد. في المقابل، حذر زعيم المعارضة الإسرائيلية اسحق هرتسوغ من القانون الجديد ووصفه ب»انطلاق قطار الرعب نحو المحكمة الجنائية الدولية». وأضاف أن القانون يعني ضماً فعلياً للضفة وضم عشرات آلاف الفلسطينيين إلى حدود إسرائيل، مؤكداً دعمه المشروع الاستيطاني شرط ألا يؤثر على تطبيق حل الدولتين. وفي نيويورك، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن القانون «يتعارض مع القانون الدولي، وستكون له تبعات قانونية طويلة المدى على إسرائيل»، مشدداً على ضرورة عدم القيام بأي أعمال تقوّض «حل الدولتين». من جانبها، اعتبرت الجامعة العربية القانون غطاء لسرقة أراضي الفلسطينين، فيما اعتبره الاردن «خطوة استفزازية» ستقضي على «أي أمل بحل الدولتين واحلال السلام»، كما دانته تركيا باعتباره «غير المقبول».