دافع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الأمر التنفيذي الذي اصدره والقاضي بمنعٍ موقت للهجرة الى الولاياتالمتحدة من سبع دول في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، وحظره دخول مسلمين، معتبراً أن الأمر يجنّب بلاده «فوضى مريعة» تجتاح العالم. لكن قياديين جمهوريين نددوا بمرسومه في هذا الصدد، وسط انتقادات متصاعدة، عربية ودولية، تلت بلبلة في مطارات أميركية وعالمية. وتعهدت وزارة الأمن الداخلي الأميركي متابعة تطبيق المرسوم، وفي الوقت ذاته التزام قرار قضائي عطّله جزئياً، إذ أمر السلطات بوقف ترحيل اللاجئين والمسافرين المحتجزين في المطارات، إذا امتلكوا تأشيرات ووثائق تجيز لهم دخول الولاياتالمتحدة. ويستعد ناشطون مناهضون للمرسوم ل «حرب خنادق قانونية»، فيما يشدد خبراء على أن القانون ينصّ على «إمكان أن يبعد الرئيس أي شخص أو فئة من الناس». ويمنع المرسوم الذي وقّعه ترامب الجمعة الماضي دخول المهاجرين إلى الولاياتالمتحدة لأربعة شهور، ويحظّر ل 90 يوماً دخول المسافرين من العراق وإيران وليبيا والصومال والسودان وسورية واليمن. ولم يستبعد البيت الأبيض إضافة دول أخرى على اللائحة. وكتب ترامب على موقع «تويتر»: «بلادنا تحتاج الى حدود قوية وعمليات تدقيق مشددة الآن. أنظروا ماذا يحدث في أوروبا والعالم - فوضى مريعة»! وأضاف: «المسيحيون في الشرق الأوسط أُعدموا بأعداد كبرى. لا يمكننا أن نسمح بمواصلة هذا الرعب»! وانتقد تغطية صحيفة «نيويورك تايمز» هذا الملف، معتبراً انها تنشر «معلومات خاطئة»، ومقترحاً إعادة شرائها ل «تنظيمها او لإغلاقها بكرامة». وذكّر رودي جولياني، مساعد ترامب، بأن الأخير كان وصف قراره في هذا الصدد بأنه «حظر على المسلمين»، مضيفاً ان ترامب قال له: «أرني الطريقة الصحيحة لفعل ذلك في شكل قانوني». وتابع جولياني انه ركّز مع فريق من الخبراء القانونيين «على الخطر، لا على الدين»، عندما صاغوا قرار وقف الهجرة، مبرّراً استهداف دول تقطنها غالبية من المسلمين بأنها «مناطق في العالم تسبّب لنا خطراً». وشدد رينس بريبوس، أبرز موظفي البيت الأبيض، على أن تطبيق المرسوم «لم يكن فوضوياً»، مشيراً الى أن 325 ألف مسافر دخلوا الولاياتالمتحدة السبت، لم يُحتجز منهم سوى 109. وأضاف: «معظمهم أُعيدوا. لدينا حوالى 24 شخصاً ما زالوا محتجزين، وأتوقع عبورهم (الحدود) قبل مرور نصف يوم آخر، طالما أنهم ليسوا سيئين». وأوضح ان الحظر «لا يشمل حاملي البطاقة الخضراء» التي تتيح إقامة دائمة على الأراضي الأميركية. لكن هذه التدابير أثارت فوضى في مطارات في أميركا والخارج، اذ أوقف مسافرون لدى وصولهم الى الولاياتالمتحدة، هُددوا بإبعادهم، وتقطّعت السبل بآخرين في دولٍ أخرى، مُنعوا من التوجّه الى الولاياتالمتحدة، على رغم امتلاكهم أوراقاً شرعية. وعاشت الولاياتالمتحدة ساعات مشحونة، تخلّلتها تظاهرات عمّت مطارات في شيكاغو ونيويورك وبوسطن ولوس أنجليس. وارتفعت أصوات معترضة لشخصيات نافذة، اذ أيّد السيناتور الجمهوري ميتش ماكونيل، زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ، تشديد الإجراءات على المهاجرين، واستدرك بوجوب إدراك أن «المسلمين من بين أفضل مصادرنا في الحرب على الإرهاب الإسلامي المتطرف، في بلادنا والخارج، وعلينا أن نكون حذرين فيما نطبّق ذلك». واعتبر أن الأمر يعود الى القضاء للبتّ «هل ذهب الأمر بعيداً جداً». ونبّه السيناتور الجمهوري جون ماكين الى أن المرسوم قد يتيح لتنظيم «داعش» استغلال الأمر دعائياً، فيما حضّ السيناتور الجمهوري روب بورتمان ترامب على «إبطاء» حركته والعمل مع المشرّعين في شأن أفضل السبل لتشديد تدابير التدقيق في الأجانب الذين يدخلون الولاياتالمتحدة. وطالب تشاك شومر، زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ، ترامب بإلغاء المرسوم، معتبراً انه يجعل الولاياتالمتحدة تبدو «أقلّ إنسانية، أقلّ أماناً، وأقلّ أميركية»، معلناً أن الديموقراطيين «سيطرحون مشروع قانون لإلغائه». وأثار قرار ترامب انتقادات دولية، اذ نددت به ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا وإندونيسيا والدنمارك والسويد والنروج، كما أكدت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني أن جميع المهاجرين «يستحقون الاحترام، بمعزل عن الدين والجنس والجنسية». واستدعت وزارة الخارجية السودانية القائم بالأعمال الأميركي، احتجاجاً على القرار، فيما أعرب ناطق باسم الحكومة العراقية عن تفهّم بلاده لدوافعٍ أمنية أملت القرار، مستدركاً أنها تأمل بأن يكون «موقتاً»، ومشدداً على وجوب أخذ «العلاقة الخاصة» بين بغداد وواشنطن في الاعتبار. وأثار القرار ردود فعل غاضبة من قبل رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر، و»الحشد الشعبي» ونواب عراقيين طالبوا بطرد الأميركيين من البلاد. أما الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط فأعرب عن «قلق عميق»، وحضّ الإدارة الأميركية على «مراجعة موقفها» في شأن الحظر. على صعيد آخر، وقّع الرئيس الأميركي مرسوماً يفرض قيوداً على ممارسة مساعديه في البيت الأبيض ومسؤولين آخرين في الإدارة، وظائف بعد تركهم مناصبهم.