صعّدت أنقرة من ضغوطها على فصائل مسلحة وسياسية لقبول أسس المشاركة في مفاوضات آستانة في موعدها في 23 الشهر الجاري، رداً على سلة شروط خطية تقدمت بها المعارضة إلى تركيا لنقلها إلى الجانب الروسي، في وقت برزت أزمة بين أنقرةوواشنطن على خلفية قيام وفد كردي ضمن «مجلس سورية الديموقراطي» بقيادة الهام أحمد بزيارة العاصمة الأميركية لبحث فتح مكتب للإدارة الذاتية. وعقدت في أنقرة اليومين الماضيين سلسلة من الاجتماعات بين مسؤولين روس وأتراك وقادة فصائل مقاتلة وأخرى سياسية واجتماع موسع لحوالى مئة شخصية معارضة تمهيداً لمفاوضات آستانة في 23 الشهر الجاري. وفوجئ الجانبان الروسي والتركي بتقديم قادة معارضين ورقة تتضمن «شروطاً» للمشاركة في آستانة، شملت وقف انتهاكات وقف النار في وادي بردى والغوطة الشرقيةلدمشق، ووقف المصالحات التي تفرضها الحكومة السورية في ريف دمشق، وجدولاً زمنياً وبرنامجاً للمفاوضات، إضافة إلى مشاركة «الهيئة التفاوضية العليا» المعارضة التي تجتمع في الرياض وتلقت نصائح من دول حليفة في «مجموعة أصدقاء سورية» بضرورة المشاركة وسط وجود نية لدى المنسق العام رياض حجاب بإرسال وفد قد يكون من خبراء داعمين للفصائل المقاتلة تمهيداً لمفاوضات جنيف التي ينوي المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا عقدها بعد 8 الشهر المقبل. وبحسب مصادر مطلعة، فإن اجتماع الفصائل كشف وجود كتلتين: الأولى، مستعدة للرهان على الاتفاق الروسي - التركي والذهاب الى آستانة. الثانية، تضع شروطاً للمشاركة في هذه المفاوضات. لكن اللافت أن أنقرة مارست ضغوطاً شديدة على الرافضين وطلبت منهم الذهاب الى آستانة «وفق الترتيبات» المقترحة ومناقشة خروقات وقف النار ومطالب الفصائل هناك إذ انها «تعتبر الهدنة صامدة رغم الخروقات». واستدعت هذه التطورات محادثات اضافية بين موسكووأنقرة لتذليل بعض العقبات «ما يعني أن المفاوضات ستعقد في آستانة وإن كانت تأخرت بضعة أيام باعتبار أن هناك تمسكاً روسياً - تركياً بانجاح التفاهمات المشتركة». وبرز أمس تطور عزز اتفاقات موسكووأنقرة، تمثل بقيام وفد كردي ضمن «مجلس سورية الديموقراطي» بزيارة واشنطن. وقال مسؤول كردي ل «الحياة» إن الوفد يضم رئيسة المجلس الهام أحمد وبسام اسحاق وأنهما سيلتقيان المبعوث الأميركي للتحالف الدولي ضد «داعش» بريت ماكغورك ومسؤول الشرق الاوسط في مجلس الأمن القومي روبرت مالي، لافتاً إلى أن الادارة الأميركية «تدرس في شكل ايجابي» طلب الادارة الذاتية فتح مكتب لها في واشنطن وان المحادثات ستتناول البعد السياسي في العلاقة الثنائية وتطورات معركة الرقة وطرد «داعش» منها بمشاركة «قوات سورية الديموقراطية» (تضم «وحدات حماية الشعب» الكردية وقوات عربية) التي من المقرر أن تنتهي مرحلتها الثانية في منتصف الشهر المقبل و «إحكام عزل الرقة عن محيطها» تمهيداً للمرحلة اللاحقة التي تتضمن بحث تحرير الرقة والأطراف المشاركة في المعارك والمشاركة في حكم الرقة في «اليوم التالي» لما بعد تحريرها. وأثارت زيارة الوفد الكردي غضب أنقرة. إذ قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس أنه لا يحق لأحد أن يزعم أن «وحدات حماية الشعب» الكردية الذراع العسكرية ل «الاتحاد الديموقراطي» ليست لها صلات بالمسلحين الأكراد في تركيا، أي «حزب العمال الكردستاني»، بعدما أعاد الجيش الأميركي نشر بيان على موقع «تويتر» لتحالف «قوات سورية» نفى وجود صلة ب «حزب العمال الكردستاني» الذي تعتبرة أنقرة «تنظيماً ارهابياً». وتزامن هذا مع اقتراب موعد قيام وفد من الادارة الذاتية الكردية السورية بزيارة الى القاعدة الروسية في حميميم غرب سورية لاجراء حوار مع ممثلي الحكومة السورية ازاء قضايا سياسية تتعلق بالدستور والعمليات العسكرية واللامركزية في سورية على أساس وحدات إدارية وليس عرقية أو دينية أو طائفية. مقاربة اوروبية وأبلغت مصادر أوروبية «الحياة» أن جولة ثانية من الاجتماعات في إطار مبادرة الاتحاد الأوروبي الإقليمية حول مستقبل سورية تعقد في بروكسيل بمشاركة كبار المسؤولين من الاتحاد الأوروبي ودول إقليمية بينها الإمارات ومصر والأردن ولبنان وتركيا وقطر. ونقلت عن مسؤولة الشؤون الخارجية فديريكا موغيريني قولها إن هذه «المبادرة أقرت من رؤساء الدول الاوروبية وتم بحثها مع دول إقليمية» ونصت على ربط إعادة الإعمار في سورية بإجراء انتقال سياسي حقيقي. وأوضحت المصادر: «تجري المبادرة بدعم وتنسيق كاملين مع المفاوضات السورية - السورية التي سيجريها دي ميستورا وفي ضوء مؤتمر بروكسيل حول سورية الذي سيستضيفه الاتحاد الأوروبي الربيع المقبل، على أساس التزام أوروبي بالمساهمة في انتقال سياسي في سورية كما هو متفق عليه في قراريْ مجلس الأمن الرقم 2254 و 2118». وتعمل شخصيات معارضة على عقد ورشة عمل أخرى في بروكسيل بداية الشهر المقبل.