ظهر تنافس أميركي- روسي على استقطاب المقاتلين الأكراد وتحقيق «نصر معنوي» ضد «داعش» بمواقيت مختلفة، في وقت ينتظر تشكيل «مجموعة الاتصال» الدولية- الإقليمية لبحث حل الأزمة السورية موافقة واشنطن ودول إقليمية في انتظار تبلور منعكسات الانخراط العسكري الروسي. وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أعلن في نيويورك أن «مجموعة الاتصال» التي تضم «اللاعبين الرئيسيين» في النزاع السوري، كالولايات المتحدةوروسيا والسعودية وإيران وتركيا ومصر، ستجتمع في تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، مضيفاً أنه «سيتم تشكيل أربع مجموعات عمل (بين ممثلي النظام والمعارضة والمجتمع المدني) في جنيف، كما أن لقاء مجموعة الاتصال التي تضم اللاعبين الرئيسيين سيكون الشهر الجاري». لكن مسؤولاً غربياً قال ل «الحياة» أمس إن واشنطن لم توافق بعد على تشكيل «مجموعة الاتصال» التي تعترض على تشكيلها دول إقليمية بسبب الانخراط العسكري الروسي، مشيراً إلى أن تشكيل «المجموعة» رهن الاتصالات السياسية الأميركية- الروسية. وقال: «هناك تنسيق عملياتي في الجانب العسكري، إذ إن طائرات روسية وأميركية قصفت الرقة في الوقت نفسه، ما تطلب تنسيقاً لعدم حصول حوادث تؤدي إلى تصعيد بين الجانبين». وأضاف: «ليست هناك اتصالات سياسية ذات مغزى إلى الآن، ذلك أن واشنطن تتريث في انتظار تطورات الموقف العسكري الروسي، إن اكتفت بدعوة موسكو الى قصف داعش وعدم التعرض الى المعارضة السورية». وتابع المسؤول الغربي، الذي هو على تواصل مع الروس والأميركيين ودمشق، أن «الجانب الروسي يعطي الأولوية حالياً لدعم القوات النظامية السورية في جهدها لاسترجاع مناطق في ريفي إدلب وحماة وان تركيز الغارات على بلدتي الرستن وتلبيسة يرمي إلى إعادة فتح الطريق بين حمص وسط البلاد وإدلب شمالاً لإرسال تعزيزات برية واستعادة نقاط استراتيجية مثل جسر الشغور وجبل الأربعين وإعادة فتح طريق اللاذقية- حلب». وتابع أنه تبلغ أن دمشق «طلبت من موسكو توفير الغطاء الجوي للجيش في هذه المناطق وتثبيت مواقعها قبل الانطلاق إلى محاربة داعش». وأشار إلى وجود ما «يشبه سباق» بين التحالف الدولي والجانب الروسي لتحقيق «نصر رمزي» ضد التنظيم وعلى «استقطاب المقاتلين الأكراد»، إذ إن أميركا صعدت تدريبها وتسليحها ل «التحالف السوري- الكردي» الذي يضم أكثر من 20 ألفاً من «وحدات حماية الشعب» الكردي و «الجيش الحر» لحصار الرقة معقل «داعش» شرق سورية واستعادتها، فيما تسعى روسيا الى «تحقيق نصرها بالتعاون مع القوات النظامية في استعادة تدمر ذات الأهمية الرمزية». وزاد أن مسؤولين روساً «يواصلون التأكيد على التحالف مع وحدات حماية الشعب الكردي ودورها السياسي في مستقبل سورية لإبعادهم عن الأميركيين»، لافتاً إلى أن تقدم «التحالف السوري- الكردي» يواجه تحديَ اعتبار أنقرة «وحدات الحماية» تنظيماً إرهابياً، لانها تابعة الى «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» الموالي ل «حزب العمال الكردستاني» المصنف «تنظيماً إرهابياً» في تركيا ودول أخرى. إلى ذلك، قال المسؤول إن موسكو «أقنعت» الحكومة السورية بالمشاركة في مجموعات العمل الأربع التي اقترحها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بموجب البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي، إذ أعلن وزير الخارجية وليد المعلم في نيويورك الموافقة على اقتراح دي ميستورا لتشكيل اللجان «باعتبارها مشاورات تمهيدية غير ملزمة، لكن تمكن الإفادة من مخرجاتها، التي يتم التوافق عليها للتحضير في ما بعد لإطلاق مؤتمر جنيف الثالث». في المقابل، رفضت فصائل سياسية وعسكرية المشاركة في اللجان، إذ أصدرت كبريات الفصائل المسلحة و «الائتلاف الوطني السوري» المعارض بياناً أكد «التزام العمل من أجل حل سياسي يحقق أهداف الثورة ويحافظ على هوية الشعب السوري ويقصر أمد معاناة أبنائه، لكن في الوقت نفسه يجب أن تضمن هذه العملية السياسية منع إعادة إنتاج النظام الحالي بصورة جديدة أو إعطاء رأس النظام وأركانه الذين تلطخت أيديهم بدماء السوريين أي دور في عملية سياسية انتقالية أو على المدى البعيد»، مضيفاً: «طرح مبادرة مجموعات العمل، تجاوز لمعظم قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بالشأن السوري، والمبادرة عملية سياسية معقدة تتطلب بناء الثقة بين الشعب السوري من جهة والطرف الراعي للعملية السياسية». واعتبر الموقعون على البيان، بينهم «أحرار الشام» و «جيش الإسلام»، أن مجموعات العمل «بصيغتها الحالية والآليات غير الواضحة التي تم طرحها توفر البيئة المثالية لإعادة إنتاج النظام»، إضافة إلى «رفضهم التصعيد العسكري الروسي المباشر» قبل إصدار بيان آخر تضمن التوحد ل «مقاومة الاحتلال الروسي». وأوضح المسؤول الغربي أن فريق دي ميستورا يدرس وسائل لإقناع المعارضة المشاركة في المجموعات بينها عقد لقاء قريب مع قادة المعارضة في إسطنبول وعمان، لافتاً إلى أن دي ميستورا سيرفع تقريره إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في منتصف الشهر المقبل، بحيث يتضمن مخلص المناقشات واقتراح تشكيل «مجموعة الاتصال» الدولية- الإقليمية. ونقل معارض سوري عن بوغدانوف قوله إن موسكو ملتزمة ب «سلسلة مبادئ: أن يقرر السوريون مصيرهم بأنفسهم، التمسك ببيان جنيف1 وعقد مؤتمر جنيف3، إضافة الى مضمون البيان الرئاسي لمجلس الأمن المتضمن المجموعات الأربع ومجموعة الاتصال»، مع إشارته الى «أولوية الحسم العسكري» من جهته، يميل النظام السوري الى عقد «منتدى موسكو3» بدلاً من «جنيف3» باعتبار أن المعارضة لم توافق بعد على المشاركة في مجموعات العمل الأربع، وسط أنباء عن نية بوغدانوف القيام بجولة للقاء معارضين في دول أوروبية وإقليمية.