يتحقق في الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل بعد طول انتظار، أحد أحلام سكان نيويورك مع افتتاح ثلاث محطات جديدة لقطارات الأنفاق في إطار فكرة مطروحة منذ نحو قرن لتوسيع شبكة المترو في المدينة، وهي من بين الأكثر اكتظاظاً في العالم، في اتجاه شرق مانهاتن. وقال حاكم ولاية نيويورك أندرو كوومو: «ولّى زمن رهاب الأماكن الضيقة الذي ينتباكم» عند النزول الى محطات قطارات الأنفاق، إذ إن المحطات الجديدة على خط الجادة الثانية ستتميز بقدر كبير من الإنارة مع مساحة كبيرة، ومجرّد التفرّج على الأعمال الفنية لأربعة فنانين معاصرين يستحق الزيارة». ومن بين هؤلاء الفنانين، أنجز الرسام المعروف تشاك كلوز للمحطة الجديدة في الشارع رقم 86، اثني عشر رسم بورتريه عملاقاً من الفسيفساء تمثل المؤلف الموسيقي فيليب غلاس أو مغني الروك الشهير لو ريد. ومن شأن ذلك أن ينسي ربما المعاناة التي شكلتها ورشة إقامة هذا المشروع، وهو أكبر توسيع لشبكة قطارات الأنفاق في نيويورك منذ أكثر من خمسين سنة. وقد جند الحاكم الديموقراطي الذي جعل من تجديد البنى التحتية لازمة له على غرار دونالد ترامب، خلال الأشهر الماضية، كل طاقاته للالتزام بالمهلة المحددة عند 31 كانون الأول (ديسمبر). وتعود فكرة إقامة خط لقطارات الأنفاق يصل الى الجادة الثانية، الى عام 1929. وقد تأجل تحقيقها مرة أولى بسبب أزمة الثلاثينات وعادت للظهور بعد الحرب العالمية الثانية. ولا يزال كثر من سكان نيويورك يشككون في قرب افتتاح محطات قطارات الأنفاق في الشوارع 72 و86 و96 التي ستربط حي «أبر ايست سايد» السكني في شبه جزيرة كوني آيلاند المعروفة بمتنزهها الشهير. وقالت جاين غايارد، العاملة في مجال الديكور في منطقة «أبر ايست سايد»، أن احتمال إنجاز المشروع في الموعد المحدد في الأول من كانون الثاني «هو 50 في المئة بنظري». وأضافت: «أعيش في الحي منذ عام 1967، ولم يتوقف الحديث عن المشروع يوماً». وحتى في حال الالتزام بالموعد، «لن أكون من طلائع مستخدمي القطارات، إذ أظن أنها لن تسير في شكل جيد في البداية». غير أن كبرى المدن الأميركية التي يقطنها 8,5 مليون شخص، تحتاج بالفعل الى توسيع شبكتها. ولم تتوقف حركة الركاب عن التوسع خلال السنوات الأخيرة. وعلى رغم تسجيل مستويات أدنى من المعدلات العالية جداً لاستخدام قطارات الأنفاق في مدن طوكيو وبكين وسيول الآسيوية الكبرى، أحصت شبكة قطارات الأنفاق في نيويورك مع محطاتها البالغ عددها 422، والتي تعمل على مدار الساعة، ما يقرب من 1,8 بليون رحلة خلال عام 2015، وهو رقم قياسي منذ عام 1948، متقدمة بالتالي على باريس ولندن. غير أن الجزء الأكبر من الشبكة التي تأسست عام 1904، يعود الى ما قبل 1940. ومذاك، بقيت الاستثمارات غير المتعلقة بالصيانة نادرة ولم تكن دوماً ناجحة. فقد شهدت محطة حي «هادسون ياردز» الجديد، التي أسست في أيلول (سبتمبر) 2015، سريعاً حالات تسرب للمياه، ما جعل جزءاً من التجهيزات خارج الخدمة. وعندما بنت سيول شبكة قطاراتها في سبعينات القرن الماضي، كانت نيويورك على شفا الإفلاس. وتدهور سريعاً وضع قطارات الأنفاق مع تراكم حالات التأخير من دون التمكّن من تعويض الوضع. وثمة خطوط عدة وصلت الى أقصى طاقتها الاستيعابية، بدءاً بتلك التي تعبر من مانهاتن الى برونكس مروراً بجادة ليكسينغتون. وعند ساعات الذروة، يفوّت المستخدمون أحياناً قطارات عدة قبل الصعود الى قطارات مكتظة. وفي هذا الإطار، يوجه كثر انتقادات لمشروع التوسيع الجديد، إذ يشيرون الى أنه على رغم الاستثمارات البالغة 4,4 بليون دولار وتوقّع استخدام 200 ألف راكب يومياً للقطارات، لن يكون التحسّن إلا طفيفاً. وتقول رئيسة جمعية قاطنين في المنطقة فاليري مايسن: «لا أعرف أحداً سيحسّن ذلك من حياته اليومية»، مضيفة: «هذا الأمر لن يسمح للناس بالتنقل في الجادة الثانية صعوداً ونزولاً»، من الخداع تماماً تسمية ذلك ب«خط الجادة الثانية». ولا يزال إنشاء خط حقيقي يعبر من المنطقة الشرقية لمانهاتن من شمالها الى جنوبها هدفاً بعيد المنال، تبعاً للمخطط الأساسي. وثمة مرحلة ثانية مرتقبة لتوسيع الشبكة الى الشمال حتى هارلم، مع تخصيص موازنة مقدارها ستة بلايين دولار إضافية.