راقبت آسيا بحذر طوال الأسبوعين الماضيين كيف أرغمت الصين اليابان على التنازل في الخلاف على الحدود البحرية بينهما. وتبدو الصين اليوم مصممة على إظهار مصالحها الاقتصادية والعسكرية المتعاظمة، لهم وللولايات المتحدة، وهم الذين تجاهلوا خطرها. لقد أعادت الصين نكء الجراح القديمة مع الهند بإثارتها علناً مطالبها الإقليمية في ولاية أروناتشال براديش الهندية ما أدى إلى حشد قوات البلدين عند الحدود. وادعت بكين أن بحر الصين الجنوبي «في صميم المصلحة الوطنية» وهي عبارة كانت تستخدمها عند الإشارة إلى تايوان والتيبت. وتزيد البحرية الصينية من تحرشها بالسفن اليابانية والأميركية المبحرة في المياه الآسيوية. وعرقلت الصين شكاوى دول جنوب شرق آسيا القائلة إن السدود الصينية على الأجزاء العليا من نهر الميكونغ تحتجز كميات من المياه وتلحق الأذى بالفلاحين والصيادين الذين يعيشون على ضفاف النهر. ويشكل السلوك العدواني الصيني تغيراً جذرياً في السياسة الصينية الطويلة الأمد. وأثناء الأزمة المالية الآسيوية في التسعينات شنت الصين «هجوماً ودياً» لكسب جيرانها الذين كانوا يذكرون الصين الثورية والساعية الى التدخل في شؤون الآخرين. وعادت المقاربة اللينة واللطيفة بالثمار. ووقعت الصين اتفاقاً للتجارة الحرة مع «رابطة دول جنوب شرق آسيا» («آسيان») ساهم في جعل الصين واحداً من أكبر الشركاء الاقتصاديين لجميع دول المنطقة تقريباً. وفي أواخر التسعينات ومطالع العقد الحالي، عززت الصين دورها في المنظمات الآسيوية الإقليمية» وحولت انتباهها إلى علاقاتها مع الهند، العملاق الناشئ الآخر، بنقلها من العداء القديم إلى الروابط الاقتصادية الجديدة، بما فيها التعاون بين الشركات الهندية الرائدة عالمياً في مجال تقنية المعلومات ونظيراتها الصينيات. وبمعنى ما، بدا التغير في الموقف امتداد لمصالح الصين الدائمة في حماية حقوقها السيادية التي تعود إلى زمن يسبق كثيراً وصول دنغ الى الحكم. يضاف إلى ذلك أن الأزمة الاقتصادية العالمية وضعت الصين في موقف أقوى بكثير من الكثير من جيرانها ومن الولاياتالمتحدة، ويبدو أن الديبلوماسيين والقادة الصينيين يشعرون الآن بقدرتهم على إلقاء ثقلهم في القضايا الدولية. لكن ربما يكون السبب الاكبر للتغير في السلوك الصيني يعود إلى التوتر الناجم عن التغييرات المرتقبة في القيادة الصينية المقررة في 2012، عندما ينتظر أن يستقيل هو جينتاو لمصلحة الوريث المتوقع سي جنبغ الذي يشغل اليوم منصب نائب الرئيس. وخلافاً لدنغ الذي قاتل في الحرب الاهلية الصينية او حتى للرئيس السابق جيانغ زيمين الذي اقام علاقات قوية مع الجيش، فإن كلاً من هو وسي لا يحظيان بمؤيدين في الجيش او يقيمان علاقات واضحة معه. ينجم عن ذلك ان الزعيمين الجديدين قد يكونان أقل قدرة على السيطرة على المؤسسة الدفاعية التي تدفع الآن لتحقيق مصالحها المتشددة، كتوسيع دائرة النفوذ البحري الصينية التي لم تكن ملائمة دائماً لأهداف الديبلوماسية الصينية التي تمثلها وزارة الخارجية الميالة الى السلام. ويقول عدد من الخبراء ان هو وسي وجدا ان عليهما استيعاب القوات المسلحة وأن التوتر قد يستمر الى ما بعد 2010. * صحافي - عن «نيوزويك» الاميركية، 4 / 10 / 2010، إعداد حسام عيتاني