أظهرت الأيام الأخيرة عدم وجود تعاطف في صفوف قوى المعارضة الرئيسة في مصر مع الدعوة التي أطلقها المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي إلى عدم الاشتراك في الانتخابات البرلمانية التي تنتظرها الأوساط المصرية بترقب على رغم الإجماع على «غياب ضمانات نزاهة الانتخابات» التي تبدو الأفضيلة فيها لمرشحي الحزب الوطني الديموقراطي (الحاكم). وعلى رغم أن الدعوة التي أطلقها البرادعي قبل أشهر بذريعة أن «أي انتخابات تجرى في ظل قانون الطوارئ ومن دون إشراف فعلي للقضاة ومن دون رقابة من منظمات المجتمع المدني هي انتخابات غير نزيهة ولا تعبّر عن صوت المصريين» وجدت استحساناً من أحزاب صغيرة (الغد وحزب الجبهة الديموقراطي والكرامة)، إضافة إلى حركات احتجاجية في مقدمها «الجمعية الوطنية للتغيير» و «كفاية» و «شباب 6 أبريل»، غير أن إصرار أحزاب بحجم التجمع اليساري والوفد الليبرإلي، إضافة إلى جماعة الإخوان المسلمين، على المشاركة يُفقد بلا شك دعوة المقاطعة بريقها. ويُعد هذا التضارب في الرؤى والمواقف بمثابة «لطمة قوية» إلى الطامحين في توحيد صفوف القوى السياسية في مصر من أجل الضغط على السلطة لتأمين إصلاحات سياسية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة ومجابهة ما تصفه المعارضة ب «تعنت» الحزب الوطني الحاكم. ودعا المرشح المحتمل في الانتخابات الرئاسية محمد البرادعي، الذي أصبح أبرز معارضي النظام المصري في غضون أشهر، إلى مقاطعة الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، معتبراً أن «المشاركة مخالفة للإرادة الوطنية». لكن دعوته لم تجد أصداء لدى حزب الوفد الليبرالي المعارض والذي ينظر إليه على أنه أعرق الأحزاب المصرية والأكثر قدرة على استعادة أمجاد الزمن الماضي. وأعلن الحزب أول من أمس الاشتراك في انتخابات مجلس الشعب المقبلة بعد موافقة جمعيته العمومية بغالبية الأصوات على قرار الاشتراك. وأعلنت اللجنة المشرفة على استفتاء أجري أول من أمس (الجمعة) في مقر الحزب أن 504 أعضاء وافقوا على الاشتراك في الانتخابات التي ستجرى في مقابل 407 أيدوا المقاطعة. وأشارت إلى أن 923 عضواً شاركوا في الاقتراع من إجمالي 1757 عضواً. ويمتلك حزب الوفد ستة مقاعد في مجلس الشعب في الانتخابات التي أجريت العام 2005 قبل أن ينضم إليه خلال الأشهر الأخيرة خمسة آخرون. وكان حزب الوفد إضافة إلى التجمع والعربي الناصري وحزب الجبهة الديموقراطي طالبت الحزب الحاكم بضمانات لنزاهة الانتخابات، لكن الحزب الوطني رفض قبل أيام إجراء أي تغييرات جوهرية في نظام الانتخابات نزولاً على رغبة المعارضة، فيما قبل الحزب ببعض الطلبات الشكلية للمعارضة مثل منح فرصة أكبر لوسائل الإعلام والمجتمع المدني لمراقبة الانتخابات وتوفير فرص متساوية لكل المرشحين لعرض برامجهم الانتخابية في وسائل الإعلام المملوكة للدولة والخاصة، إضافة إلى تحسين ظروف إدلاء الناخبين بأصواتهم في العملية الانتخابية. وكانت جماعة «الإخوان المسلمين» أعلنت قبل شهر المشاركة في الانتخابات والدفع بما يقارب ال 200 عضو للمنافسة على مقاعد البرلمان التي تبلغ 454 مقعداً. وقالت مصادر إخوانية إن الجماعة التي تملك 88 مقعداً في البرلمان الحالي ستعلن خلال أيام في شكل رسمي مشاركتها في استحقاق مجلس الشعب. وأشارت إلى أن قادة الإخوان كانوا ينتظرون مواقف حزبي التجمع والوفد حتى لا يشعروا بالإحراج عند إعلان موقفهم من المشاركة، خصوصاً أن جماعة الإخوان كانت أحد الأعضاء الفاعلين في الجمعية الوطنية للتغيير التي تبنت الدعوة إلى المقاطعة. وكان حزب التجمع اليساري المعارض أعلن هو الآخر خوضه الانتخابات البرلمانية المقبلة وأشار إلى أنه سيدفع ب 90 مرشحاً. وأبدى رئيس حزب الوفد الدكتور السيد البدوي خلال مؤتمر صحافي عقده أمس دهشته من الأنباء التي ترددت حول وجود صفقة بين حزبه والحزب الوطني ووصفها بالمكذوبة وأكد أن الغرض منها «إرهاب حزب الوفد»، مشدداً على أن الوفد لا يعقد صفقات مع أحد، ومعتبراً أن الإقدام على عقد صفقة مع الحزب الوطني «هو انتحار سياسي». ويمتلك رجل الأعمال البدوي مجموعة قنوات فضائية مصرية كما أنه تمكّن قبل أسابيع من الاستحواذ على جريدة «الدستور» اليومية.