أجّل المجلس النيابي اللبناني بأكثرية 65 نائباً أمس إقرار سلسلة الرتب والرواتب 15 يوماً وشكّل لجنة مختلطة من الوزراء وبضعة نواب واختصاصيين للتدقيق في صدقية أرقام الواردات والرسوم التي وُضعت من أجل تغطية كلفتها، فردّت «هيئة التنسيق النقابية» بإعلان الإضراب العام اليوم في مؤسسات القطاع العام والمدارس الخاصة وتنفيذ اعتصامات في الوزارات مع اعتصام مركزي أمام وزارة التربية. وانتهت الجلسة النيابية الماراثونية التي خصصت للبحث في السلسلة وإقرارها بالتصويت على اقتراح تقدم به النائب عن «القوات اللبنانية» جورج عدوان في الجلسة المسائية، فوافق عليه الى نواب كتلة «القوات»، كتلة «المستقبل»، كتلة «جبهة النضال الوطني» التي يتزعمها النائب وليد جنبلاط، «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي الذي يتزعمه العماد ميشال عون وكتلة «الكتائب»، فحاز على 65 صوتاً هي أكثرية النصف زائد واحداً، فيما اعترض عليه نواب كتلتي «التنمية والتحرير» التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري و «الوفاء للمقاومة» (حزب الله) ونواب آخرون من قوى «8 آذار» وكان عددهم 27 نائباً. (للمزيد) وجاء تصويت الكتل الخمس التي وافقت على التأجيل بعد تشاور مكثف بين قياداتها خلال اليومين الماضيين، وبعد التحذيرات التي أطلقها جنبلاط ورئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة من تأثير إقرار السلسلة على الوضع الاقتصادي ورفضهما ضمان الواردات المقابلة للإنفاق الذي سترتبه على الخزينة. وإذ استمرت المشاورات بين الكتل الخمس حتى ساعة متقدمة ليل أول من أمس، جرت محاولة أمس لإقناع رئيس الحكومة تمام سلام بسحب مشروع السلسلة لكي تعيد الحكومة درسه، إلا أنه فضّل أن يبتّ البرلمان بالمسألة. وكان النواب تقاذفوا كرة سلسلة الرتب والرواتب الملتهبة خلال الجلسة الصباحية التي خصصت لمناقشة أرقامها وقيمة الموارد المالية التي يفترض أن تغطي كلفتها، وتعددت الاقتراحات التي هدفت الى ضمان التوازن بين زيادة الإنفاق وبين المداخيل المقابلة لها من الضرائب والرسوم والتدابير الإصلاحية، ولم تخلُ المداخلات من تبادل تحميل المسؤولية عما آل إليه الوضع الاقتصادي الذي يمكن أن يتأثر بإقرارها. ونفذت هيئة التنسيق النقابية قبل الظهر اعتصاماً رمزياً وسط تدابير أمنية مشددة في ساحة رياض الصلح، أثناء انعقاد جلسة البرلمان، محذرة من عدم إقرار السلسلة بالزيادات التي تتضمنها لرواتب موظفي القطاع العام والمعلمين، واقتصر الإضراب على المدارس الرسمية من دون الموظفين الرسميين والمدارس الخاصة الذين شاركت وفود من روابطهم في الاعتصام. وفيما اقترح السنيورة خفض أرقام السلسلة من 2450 بليون ليرة الى ما كانت عليه عندما أحالتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي قبل أكثر من سنة، أي زهاء 1650 بليون ليرة، فإن هيئة التنسيق النقابية اعتبرت بلسان العضو فيها حنا غريب أن «أي ضرب لحقوق الأساتذة الثانويين سيدفع الى الإعلان الفوري عن الإضراب وتصعيد التحرك وصولاً الى الإضراب المفتوح ومقاطعة تصحيح الامتحانات». ودعا غريب الى عدم تصديق أن «الاقتصاد سينهار إذا دفعت المصارف ضرائب عن أرباحها، ولا تصدقوا أن الليرة ستنهار». وكان السنيورة أدلى بمداخلة اكد فيها «دعمنا طموح المواطنين في تحسين مداخيلهم من دون إطاحة الاقتصاد والاستقرار المالي». وحذّر من أن إقرار السلسلة بالأرقام التي أحيلت بها على الهيئة العامة للمجلس النيابي سيقابله تراجع في النمو، وازدياد حجم العجز في الموازنة وفي ميزان الفائض الأولي، وتراجع في ميزان المدفوعات، ما يشكل خطراً على قيمة العملة وازدياد المديونية. وأشار الى أن إقرار السلسلة يضع لبنان في عين العاصفة. وإذ ذكّر السنيورة بأن رفع اللجان النيابية قيمة الإنفاق والذي ترتبه السلسلة مخالف للدستور الذي يحظر أي زيادة على المشاريع التي تحيلها الحكومة، دعا الى التوقف عن المزايدة ونبّه من محاولة تصوير الأمر كأن هناك من يريد إنصاف العاملين في القطاع العام، وأن هناك من يحجب هذا الإنصاف. كما دعا الى التصرف «برصانة وتبصّر»، وقدم جملة اقتراحات منها خفض أكبر في مبالغ السلسلة عن المبلغ الذي توصلت إليه اللجان النيابية المشتركة (2450 بليون ليرة) وعدم الموافقة على مفعولها الرجعي وتشكيل لجنة من الاختصاصيين لإعادة درس السلسلة تقدِّم تقريرها في مهلة قصيرة. ورفع بري الجلسة ثم استأنفها مساء لاستكمال درس المشروع بنداً بنداً، فاقترح النائب عدوان تشكيل لجنة تضم نائباً اختصاصياً من كل كتلة ورئيس مجلس الخدمة المدنيةوحاكم مصر لبنان، ووزراء المال والاقتصاد والتربية لتضع تقريراً يؤكد مصادر الواردات وتوازنها مع الكلفة من دون المسّ بحقوق المستفيدين من السلسلة، على أن تسلّم تقريرها للهيئة العامة خلال 15 يوماً، إلا أن بري لم يكن متحمساً للفكرة نظراً الى أن لجاناً نيابية درست المشروع سابقاً، وأكد بري بعد نيل الاقتراع الأكثرية أنه مع إقرار السلسلة وتمنى ألا يكون هذا اليوم ظالماً بتاريخ المجلس النيابي. وتوجه عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت الى النقابيين والأساتذة والعسكريين بالقول: «ما نفعله بملف سلسلة الرتب والرواتب هو خدمة لكم ولكل المواطنين من أجل إنقاذ اقتصاد البلد من قرار سريع ومتهور يؤدي الى إرضاء البعض ولكن لا يرضي المصلحة الوطنية ولا هذا البعض على المدى المتوسط والطويل». وأوضح عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ألان عون «أننا وافقنا على التريث بإقرار السلسلة لأسبوعين إضافيين، ونكرر التزامنا بإقرارها»، مشيراً الى «أننا نريد أن نحافظ على الاقتصاد ومالية الدولة». ولفت النائب عدوان الى أنه «بقدر ما نحن حريصون على مطالب القطاع العام بقدر ما نحرص على لبنان بماليته واستقراره الأمني والاجتماعي والمالي، ولا نريد أن يكون الحصول على هذه الحقوق لفترة قصيرة وأن يؤدي بعد فترة الى إصابة الاقتصاد اللبناني، لذلك التزامنا بمهلة ال15 يوماً وبتقديم أجوبة لنقاط البحث وبالتالي يكون للهيئة العامة في المجلس النيابي أن تقرر وفق أرقام علمية». من جهة أخرى، شيّع «حزب الله» وأهالٍ زميلين من الثلاثة من قناة «المنار» الذين قضوا في بلدة معلولا أثناء تغطيتهم دخول الجيش السوري النظامي إليها مع مقاتلي الحزب، بعد استردادها من المعارضة. وأقيم مأتم مهيب للزميل حمزة الحاج حسن في بلدته شعث في البقاع وصلى على جثمانه رئيس المجلس السياسي في الحزب السيد إبراهيم أمين السيد، فيما صلي على جثمان المصور محمد منتش في بلدته كفرصير في الجنوب. ويشيع اليوم الزميل حليم علوه في الهرمل. واستنكر قادة ومسؤولون قتل الإعلاميين أثناء أدائهم مهمتهم، ودان رئيس الجمهورية ميشال سليمان جريمة قتل الإعلاميين الذين يقومون بواجبهم الإعلامي في إيصال الوقائع بالصوت والصورة، وكذلك فعلت شخصيات سياسية عدة ونقابتا الصحافة والمحررين.