تتوجه أنظار اللبنانيين الى ما ستؤدي اليه الجلسة النيابية التي تعقد غداً لاتخاذ قرار في شأن سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام بعد أن عجزت اللجان النيابية المشتركة عن التوافق على موقف واحد وارتأت ترحيلها «هدية مسمومة» الى الهيئة العامة في البرلمان لعلها تنجح في تدوير الزوايا وإيجاد قواسم مشتركة تحقق حداً أدنى من التوازن بين النفقات المالية المترتبة على إقرارها ومصادر تمويلها، آخذة في الاعتبار الوضعين الاقتصادي والمالي، وضرورة عدم تعريضهما الى انتكاسة تهدد الاستقرار المالي في ظل حال الركود التي يمر فيها البلد. (للمزيد) ولعل اللجان النيابية المشتركة أدركت بعد اجتماعات «ماراثونية» أن لا خيار لديها إلا الهروب الى الأمام وترك النقاط الخلافية حول تأمين الواردات لتمويل كلفة إقرار سلسلة الرتب والرواتب في عهدة البرلمان مجتمعاً لعله ينجح في التوصل الى حلول بعيداً من المزايدات «الشعبوية» التي عبر عنها بعض النواب في تضامنهم مع هيئة التنسيق النقابية في تجمعها في ساحة رياض الصلح على مقربة من مبنى المجلس النيابي، وخلافاً لقناعاتهم من خلال مداخلاتهم في اللجان التي تميزت بإصرارهم على تحقيق التوازن بين الواردات والنفقات. وتؤكد مصادر نيابية ل «الحياة» ان المشكلة في اجتماعات اللجان التي خصصت للنظر في مشروع سلسلة الرتب تكمن في الازدواجية التي سيطرت على موقف عدد من النواب. وتضيف أن اللجان المشتركة استهلكت الاجتماعات الواحد تلو الآخر من دون أن تتمكن من ارساء قاعدة يمكن الركون اليها لتحقيق التوازن بين الواردات والنفقات التي قدرت أخيراً بحوالى 2200 بليون ليرة في مقابل تحصيل واردات مالية تبقى في حدود 600 بليون ليرة للعام الحالي، ما يرفع من حجم الدين العام ويزيد من الفوائد المترتبة على استدانة الدولة من المصارف اللبنانية. وتلفت الى ان نقاط الخلاف ما زالت عالقة حول رفع الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة وتقسيط سلسلة الرتب أو تجزئتها ومفعولها الرجعي ودرجات المتقاعدين والتباين مع جمعية المصارف حول الضريبة على سندات الخزينة وحجم التعويضات وضرورة اعادة النظر في الإعفاءات الجمركية للجمعيات والمؤسسات الدينية، اضافة الى الخلل الناجم عن تصنيف الموظفين ودرجاتهم. وترى المصادر نفسها أن هناك ضرورة لإخراج سلسلة الرتب من المزايدات الشعبوية على قاعدة الإقرار بحقوق المطالبين بإقرارها. وتقول ان هذا يستدعي تنقيتها من الشوائب بعيداً من إدراج أرقام وهمية تتعلق بالواردات لتغطية النفقات بدلاً من التدقيق فيها، لا سيما ان وزير المال علي حسن خليل تصرف طوال جلسات اللجان بواقعية داعياً الى تقدير وضع الخزينة العامة وقدرتها على الإيفاء بالتزاماتها. في موازاة ذلاك، انتهت المحادثات التي أجراها رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة مع زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري في الرياض، في حضور نائب رئيس البرلمان فريد مكاري ووزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ومدير مكتب الحريري نادر الحريري ورضوان السيد، الى توافق على ضرورة تفعيل المشاورات بين قيادات وشخصيات قوى 14 آذار بغية بلورة موقف موحد من انتخابات رئاسة الجمهورية. وعلمت «الحياة» أن السنيورة سيتولى المشاورات للوصول الى تظهير اسم مرشح واحد يُجمع عليه جميع الأطراف في «14 آذار» على ان تعقد اجتماعا موسعا لتأكيد توافقها على المرشح الذي يخوض الانتخابات الرئاسية، لأن من غير الجائز أن تدعى الى هذا الاجتماع من دون أن تتمكن من بلورة موقف موحد لما يترتب عن الاختلاف من تداعيات تنعكس سلباً على وحدتها. وفي هذا السياق يسأل بعض زوار رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون عن سر ارتياحه، كما قال لهم من أنه سيفوز في دورة الانتخاب الأولى من دون أن يدخل في التفاصيل التي تدعوه الى ذلك، خصوصاً بالنسبة الى موقف «المستقبل» منه على رغم انه كان أعلن سابقاً أنه لن يدخل في منافسة مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حال ترشحه في الدورة الأولى. واعتبرت مصادر مواكبة لوضع الاستحقاق الرئاسي على نار حامية مع دعوة رئيس المجلس نبيه بري الهيئة العامة الى جلسة انتخاب الرئيس في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، ان عون يتوخى من اظهار ارتياحه اعادة خلط الأوراق في محاولة لإيجاد شرخ داخل «14 آذار» من خلال ايحائه بأن لديه خطوطاً مفتوحة مع أطراف فيها.