تواصلت حتى ساعات متقدمة من مساء أمس جهود قادة الجماهير الفلسطينية في الداخل لإقناع قادة الشرطة الإسرائيلية بإلغاء المسيرة التي ينظمها نحو مئة من أنصار اليمين المتطرف على مداخل مدينة أم الفحم في المثلث، ثاني أكبر المدن العربية في الداخل ومعقل الحركة الإسلامية برئاسة الشيخ رائد صلاح. وحذر النواب العرب وقادة المدينة الشرطة من تبعات قرار المحكمة العليا السماح لعناصر اليمين بقيادة المدعو باروخ مارزل من تنظيم «كهانا حي» الذي يدعو إلى طرد الفلسطينيين من وطنهم، بالقيام ب «مسيرة رفع أعلام إسرائيل وتأكيد الولاء للدولة الصهيونية»، على مشارف المدينة العربية. من جهتها، عقدت قيادة الشرطة جلسة لإعادة «تقويم الوضع»، وسط أصوات داخلها دعت إلى إرجاء المسيرة بداعي أن الشرطة لن تكون قادرة على توفير 2500 من عناصرها لحماية المتظاهرين «في ظل وجود إنذارات باحتمال وقوع عمليات تفجيرية». إلى ذلك، تكتم المنظمون والشرطة عن مسار المسيرة وأبقوه سرياً، ما سكب زيتاً على غضب أهالي أم الفحم الذين اتهم بعضهم الشرطة بالتواطؤ مع المتظاهرين. وأعلن المجلس البلدي و «اللجنة الشعبية» في أم الفحم أمس أن أهالي المدينة إذ يؤكدون أن مدينتهم «ستبقى مضيافة لكل زوارها»، يعلنون في الوقت ذاته رفضهم استقبال «من يدعو الى ترحيلنا من أرض الآباء والأجداد»، و «لن يسمحوا لعناصر اليمين المتطرف بالتظاهر الاستفزازي صباح اليوم أو بدخول المدينة». وقالت البلدية في بيان مشترك مع «اللجنة الشعبية» إنه في أعقاب سماح المحكمة العليا «للفاشي باروخ مارزل وزمرته الدخول لمدينة ام الفحم الثلثاء، تم الاتفاق بشكل جماعي على صد هذه الحملة العنصرية الشرسة والاستفزازية». وأعلنت الهيئتان الإضراب العام اليوم في جميع مرافق الحياة في المدينة، باستثناء المخابز والعيادات الطبية والصيدليات. كما دعتا الجماهير في ساعات الصباح للانتشار على باقي مداخل المدينة، وأهابتا بالأهالي المشاركة في الوقفة الاحتجاجية على مداخل المدينة المختلفة «لصد مارزل عن اقتحام المدينة، والتحلي بمسؤولية الانضباط». وكانت البلدية واللجنة الشعبية عقدتا أمس مؤتمراً صحافياً شاركت فيه الشخصيات والقوى السياسية والحزبية الفاعلية في المدينة والمنطقة. وتناول رئيس البلدية الشيخ خالد حمدان الخطوات التي اتخذتها البلدية لإلغاء «هذه الزيارة غير المرغوب بها»، في مقدمها الاتصال المباشر مع المؤسسات الحكومية ومع مسؤولي الشرطة لمطالبتهم بتحمل تبعات هذه التظاهرة الاستفزازية، «الا أن كل الجهود لم تلق آذانا صاغية، بل امتنعت الشرطة عن إعطاء أي معلومات تتعلق بتوقيت الزيارة الاستفزازية ومسارها خلافا للمرة السابقة». وأضاف: «طلبنا من الشرطة التحلي بضبط النفس مثلما نطلب من أنفسنا، لكنني أعلن هنا أننا سنمنع بأجسادنا، وبضبط النفس وهدوء وطرق سلمية، دخول عناصر اليمين الفاشي المدينة»، معتبراً التظاهرة «حملة عنصرية هوجاء تستهدف الوسط العربي عموماً وأم الفحم تحديداً». وحذر النائب العربي في الكنيست عن «الجبهة للسلام والمساواة» ابن أم الفحم الدكتور عفو أغبارية من ان جنوح اليمين المتطرف نحو «الأبارتهايد» يجب أن يقلق الشارع اليهودي أيضاً، وأضاف: «لن نسمح لليمين المتطرف بتدنيس أم الفحم ولن يمر هذا الموضوع بسهولة». وقال النائب عن «التجمع الوطني» الدكتور جمال زحالقة: «إننا لا نحارب هذا الفاشي الصغير المدعو مارزل، إنما الفاشي الكبير المتجذر في التيار المركزي الإسرائيلي المشبع بالكهانية... لهؤلاء المتطرفين تاريخ من إطلاق النار على الفلسطينيين، وأنا أحذر من احتمال أن يصلوا إلى أم الفحم حاملين السلاح وأن يطلقوا النار، ما قد يقود نحو كارثة كبيرة». وشارك في المؤتمر الصحافي رئيس المجلس الاقليمي «منشي» اليهودي ايلان ساديه، فانتقد قرار المحكمة السماح بتنظيم التظاهرة، وقال: «يجب الوقوف معا عرباً ويهوداً ضد هذا التحريض، وعدم السماح للعنصريين بدخول ام الفحم بهذا الشكل الاستفزازي». ومن المتوقع أن يشارك في التظاهرة النائب الجديد من حزب «الاتحاد القومي» الأكثر تطرفاً ايتان بن غفير الذي تتلمذ على يد الزعيم السابق لحركة «كهانا» مئير كهانا.