سيعاد في إسبانيا طبع كتاب «فوينيتش»، أحد أكثر كتب العالم غموضاً والذي يعود إلى القرون الوسطى والمكتوب بلغة عجز كبار الخبراء في العالم عن فهمها. وأمضى مئات الباحثين سنوات حياتهم محاولين كشف أسرار هذا الكتاب الذي يحوي لوحات وصوراً لنباتات غريبة ونساء، ولا يخرج هذا الكتاب إلا نادراً من خزنة مكتبة «بينيك» في جامعة يال الأميركية. لكن دار النشر الاسبانية «سيلوي» حصلت على إجازة لطبع ألف نسخة منه، بعد عشر سنوات من الجهود. يعرب خوان خوسيه غارسيا مدير دار النشر والمتخصص في اعادة طبع المخطوطات القديمة عن سعادته بحصوله على اذن الطبع، ويقول «انه كتاب لطالما لفه الغموض، ورؤيته للمرة الاولى تجعل المرء يحس بمشاعر يصعب وصفها». وحجز حتى الآن 300 شخص نسخهم من الكتاب الذي تعتزم دار النشر بيع النسخة الواحدة منه بمبلغ يتراوح بين سبعة آلاف وثمانية آلاف يورو. ويقول أمين مكتبة «بينيك» ريموند كليمينس إن الجامعة قررت التخلي عن ملكيتها الحصرية لهذا الكتاب ومضمونه «لأن أشخاصاً كثيرين يريدون الاطلاع عليه، فاذا تركناه بين الأيدي سيتلف»، وستتيح عملية طبعه توفير نسخ في المكتبات والجامعات يعود اليها الاشخاص المهتمون. وتكثر النظريات الساعية الى أن تفسر سر هذه المخطوطة التي تحمل اسم ويلفريد فوينيتش التي أعاد اكتشافها في ايطاليا عام 1912. ووُجد ذكر لهذا الكتاب في مخطوطات تعود الى القرن السابع عشر. وساد اعتقاد لوقت طويل ان واضع الكتاب هو راهب فرنسيسكاني يدعى روجر بايكون، انتهى به الامر في السجن بسبب اهتماماته في الكيمياء القديمة والسحر. لكن هذا الاعتقاد تبدد في العام 2009 حين تبين بفحص الكربون 14 ان الكتاب يعود الى ما بين العامين 1404 و1438. وكان البعض يظنون ان الكتاب من وضع ليوناردو دا فينشي، او انه من وضع شخص مجهول كتبه بلغة مرمزة ليتجنب الملاحقة، وحتى ان البعض ذهبوا الى القول إنه من كتابة مخلوقات من خارج الارض. ولم يتمكن أحد حتى الآن من فهم لغة الكتاب، كما ان النبات المرسوم عليه غير معروف، وصور النساء والمواضيع حول الفلك يلفها الغموض التام. ومن بين الذين فشلوا في فهم لغة الكتاب العالم الأميركي ويليام فريدمان، الذي تمكن من فك شيفرة الجيش البريطاني في الحرب العالمية الثانية، لكنه وقف عاجزاً امام هذا الكتاب. واليوم، تتلقى مكتبة «بينيك» شهرياً آلاف الرسائل من اشخاص يظنون انهم عرفوا سر الكتاب، بحسب ريني زاندبرغن وهو مهندس فضاء أصبح خبيراً في المخطوطات. ويقول «أكثر من 90 في المئة من الذين يدخلون الى الموقع الالكتروني للمكتبة يبحثون عن مخطوطة فوينيتش». ستستغرق طباعة الكتاب في دار «سيلوي» 18 شهراً، وبدأ مسار الطباعة في نيسان (ابريل) الماضي مع بدء التقاط الصور للنسخة الأصلية الوحيدة المتوفرة للكتاب، تمهيدا لطبعها. وسيُستخدم نوع من الورق يحاكي ورق الكتاب القديم الواقع في 200 صفحة.