ربما يكون المصطلح ليس غريباً على أسماعنا فلقد سمعناه منذ فترات طويلة ولكن الأغرب هو السلوكيات التي ارتبطت بهذا الاسم والذي يوضح الفرق الجلي بين معنيين مختلفين وإن كانا في منتهى الأهمية لمجتمعنا بشكل خاص وللمجتمعات الإسلامية بشكل عام. المعنى الأول معنى الاستعداد الروحي والنفسي لشهر رمضان المبارك الشهر الذي يحل علينا ضيفاً كريماً ما يلبث أن يرحل والذي ينشغل معظمنا فيه بمتابعة المسلسلات غير الهادفة، وننشغل في إعداد الموائد العامرة متناسين الهدف من الشهر الكريم، وهو تغيير العادات السلوكية اليومية. البعض انشغل فعلاً في وضع خطة محكمة لشهر الصوم بأن يبدأ بمصالحة من خاصمهم وأن يردّ لكل ذي حق حقه ويصله الرحم وبزيارة المرضى وتوفير حاجات الفقراء لإدخال الفرح على قلوبهم وليشعروا بالتلاحم الكامل بين المؤمنين الذين يرفضون أن تمتد موائدهم بألذ الأطعمة وفي الشارع الخلفي من الحي عائلة غائب عائلها لدين أو لمرض وعانى أولاده من الفقر والحاجة. والمعنى الآخر للشعبنة هو توديع المعاصي بإقامة الحفلات والقيام بهدف أن يأتي شهر الصوم وهم مستعدون للطاعة. كنت وما زلت أستغرب كثيراً من المعنى الثاني والذي ذكرني كثيراً بحفلات توديع العزوبية المعروفة والمنتشرة في الغرب والتي بدأت تنتشر في البلاد العربية أيضاً! وكأن الهجوم التتاري على السوبر ماركات والبقالات يومي بأننا سنتعرض لمجاعة مفاجئة، ومن يحب أن يرى بأم عينه فلينزل ليلة رمضان إلى أقرب سوبر ماركات، ليرى العائلة والأب المنكوب يسير وخلفه ثلاث عربات ممتلئة عن آخرها، وكأن السوبر ماركات سيغلق أبوابه، ولم يتبق له سوى الساعات الأخيرة فقط حتى تتمكن كل أسرة من التأكد إن مخزونها من الطعام يكفي لحاجاتها في انتظار مجاعة قادمة؟ نرى استنفاراً من محال بيع الأغذية التي أعلنت من الآن عن تخفيضات الفيمتو والسمبوسك والدقيق والقمر الدين، وما تلبث أن تلحق بها المحال التجارية التي ستكتظ عن آخرها بالنساء والأطفال والرجال الذين يمشون مع زوجاتهم من محل لمحل وهو يصبّرون أنفسهم على ما هم فيه من امتحان وعن الأموال التي صرفت عن بكرة أبيها استعداداً للعيد وليالي العيد، وكأننا لا نشتري ملابس إلا في الشهر الكريم ولا نتزين إلا في العيد؟ أيام وتلحق بها صالونات التجميل التي تعلن من الآن أنها ستتواصل مع زبائنها بشمل مكثف ومتواصل بدءاً من أيام الشهر الفضيل الأخيرة. الفرحة غير مرتبطة بملابس ولا بموائد عامرة ومتى امتلأ القلب بالفرحة وتلاحم أفراد المجتمع، وسعى أفراده لإزالة الخلافات ولإعمار المساجد في الشهر المبارك فلن نحتاج إلى شعبنة النوع الثاني وكل عام ورمضان بخير. [email protected]