أكد الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف رغبته في تشكيل تحالفات جديدة مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي لتحفيز التجارة والاستثمار. وقال في كلمة ألقاها أمام سفراء بلاده: «نحتاج الى تحالفات خاصة كي نواكب العصر، أولاً مع ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي في شكل عام، ومع الولاياتالمتحدة». واعتبر الرئيس الروسي ان ايران «تقترب من امتلاك تقنيات يمكن استخدامها لصناعة اسلحة نووية»، وطالب المجتمع الدولي بالتعامل مع الملف بجدية ومن دون اللجوء الى حلول انتقائية وسهلة» . واختار مدفيديف اللقاء السنوي مع سفراء روسيا حول العالم ليفجر «مفاجأة تعكس تحولاً في الموقف الروسي» كما علق خبراء، اذ حمل خطابه للمرة الأولى اشارات الى سعي طهران لامتلاك سلاح نووي. ومعلوم ان مسؤولين غربيين حذروا من تطور مماثل مرات عدة، لكن هذه اول مرة يأتي التحذير فيها من جانب رئيس روسي. وكان مسؤولون عسكريون روس أكدوا مراراً في السابق ان ايران «لا تمتلك قدرات لتطوير سلاح نووي في المدى المنظور». وقال مدفيديف ان «ايران تقترب من امتلاك قدرات يمكن ان تستخدم لتطوير سلاح نووي». وأوضح ان السعي الى امتلاك قدرات نووية ليس محرماً في حد ذاته بحسب معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي، لكن القدرة على تطوير السلاح النووي لا بد ان تثير القلق، داعياً في الوقت ذاته الى ضرورة «عدم التسرع في اتخاذ خطوات احادية الجانب». ودعا الرئيس الروسي الى «عدم التعامل مع هذا الموضوع بسطحية وسهولة لأن المسألة اعقد مما تبدو عليه للوهلة الأولى»، مضيفاً ان «الحديث يدور عن الفارق بين امتلاك قدرات مسموحة بحسب المعاهدات الدولية وتطوير السلاح النووي بالاعتماد عليها» و «هذه واحدة من المشكلات التي احاطت بالملف الإيراني» . وزاد ان المشكلة تحمل طابعاً «منهجياً يتعلق بعدم اكتمال آليات منع انتشار السلاح النووي المعاصرة». وشدد على ضرورة ان يكون «المدخل للحل ليس انتقائياً بل موحداً وشاملاً». وتطرق الى العقوبات معتبراً انها «لا تؤدي النتائج المطلوبة منها»، وانتقد في الوقت ذاته ايران، معتبراً انها «تتصرف بطريقة غير مناسبة». وجدد الدعوة الى الإيرانيين للانفتاح والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وأشار ميدفيديف الى ان الهدف الأساس من قرار العقوبات الأخير كان «التوصل في اسرع وقت ممكن الى احياء مسار المفاوضات» محذراً بالقول: «إذا فوتت الديبلوماسية هذه الفرصة فهذا سيكون فشلاً جماعياً». اللافت ان الرئيس الروسي كرس الجزء الأكبر من محاور الحديث في السياسة الخارجية حول ايران، ما اعتبره مراقبون «تعمداً لاستغلال المناسبة من اجل توجيه رسائل مباشرة الى طهران وإلى الغرب». ومعلوم ان لقاء الرئيس الروسي مع سفراء روسيا في العالم يعقد دورياً مرة كل سنتين، ويجرى الحديث فيه عن توجهات السياسة الخارجية للبلاد وخطط المؤسسة الديبلوماسية للسنتين المقبلتين. ومع تركيزه على الملف الإيراني، تجاهل ميدفيديف ملفات اقليمية مهمة غابت في خطابه بينها الشرق الأوسط وأفغانستان. وعلى صعيد السياسة الدولية غابت عن الخطاب أيضاً مبادرة روسيا لإنشاء نظام امني شامل في اوروبا، وهي مبادرة كان الرئيس الروسي اطلقها قبل سنتين في لقاء مماثل مع الديبلوماسيين. وقال ميدفيديف ان السنتين الأخيرتين «حملتا تطورات وأحداثاً مهمة بينها حرب القوقاز (مع جورجيا) والأزمة المالية وتحولات مهمة اخرى انعكست بالتأكيد على سياستنا الخارجية». وحدد ميدفيديف اولويات السياسة الخارجية لبلاده في المساهمة في بناء علاقات دولية عادلة تخدم الانفتاح وتحسين الاقتصاد الروسي، واعتبر ان «محاربة الجريمة المنظمة والإرهاب وانتشار المخدرات والهجرة غير المشروعة تبقى على رأس اهتماماتنا». وأضاف ان «على الديبلوماسية الروسية العمل بانفتاح وبراغماتية والتخلص من الصيغ الجامدة التي حكمت عملها» في الماضي. وحول اولويات العلاقات مع البلدان المجاورة لبلاده، جدد ميدفيديف التأكيد على العلاقة الخاصة مع بلدان الرابطة المستقلة والاتحاد الأوروبي وتحدث مطولاً عن العلاقات مع الولاياتالمتحدة التي «اتخذت طابعاً مهماً وجديداً بعد لقاءاتنا الأخيرة»، من دون ان يشير الى قضية الجواسيس التي اغلق الطرفان ملفها أخيراً.