أكد عضو مجلس الشورى الأديب الدكتور عبدالله الفيفي طغيان الإعلام على الثقافة، مشيراً إلى أن الأمور الثقافية لدينا «تخضع للمبادرات والاجتهادات الموسمية». وقال الفيفي ل«الحياة»: «إن غياب الجوائز الوطنية الكبرى أسهم في هجرة المبدع السعودي للبحث عن التقدير خارج الوطن، في جوائز أدبية وعلمية وفنية. لأن الإبداع في النهاية لا جنس له ولا إقليم، غير أن تقدير الدولة لأبنائها له معنى يفوق الجائزة في ذاتها»، مستدركاً بأن المبدع الحقيقي «لا تنتجه الجوائز، لكنها تحفزه، وتخدمه ثقافياً، وتروج لأعماله، كما تدعم الثقافة الوطنية نفسها». ولفت الفيفي إلى أن الجوائز الأدبية نوعان، «نوعٌ محكم، وآخر غير محكم، أو تحكيمه فيه شبهة سواء من الفائز أم من الناس، لأن الفائز بجائزته يكون قد حظي بتقدير علمي ومعنوي يفوق قيمة الجائزة المادية»، موضحاً أن لكل جائزة خلفية سياسية. فجوائز ك«غونكور» و«نوبل» و«بوكر» و«رونودو» مثلاً، ليست بجوائز بريئة، نُذرت في سبيل العلوم والآداب والفنون، بل هناك حسابات جانبية، غير معلنة، وغير معترف بها». وذكر أن جائزة الدولة التقديرية في الأدب متوقفة منذ عام 1984، «مع أنها لم تدم أكثر من عامين، وعلى رغم ما تعنيه هذه الجائزة من أهمية، فإن السؤال اليوم: لماذا يطالَب لدينا بالجوائز التي تدور في فلك الأدب، أو العلوم الإنسانية فقط، ولا توازيها جوائز كبرى في مجالات العلوم الطبيعية؟». وشدد على أن جائزة الدولة التقديرية، في حال تمت إعادتها، «يجب أن تكون ذات رؤية شاملة لمجالات الإبداع، فتكون جائزة في فروع العلوم والآداب والفنون، وأن توكل إليها هذه المهمة في الترشيح والتقويم، وأن تحرص جائزة الدولة التقديرية على المعايير الصارمة العادلة في التقويم. لأن هناك فرقاً بين الجائزة والتكريم، فالجائزة يفترض ألا ينالها إلا مستحقها، بناءً على تحكيم علمي نزيه، وإلا فقدت الجائزة صدقيتها». وقال الفيفي: «إن عدم التوازن هذا لا يعكس غياب العلم والعلماء أو قصور نشاطهم في الواقع بالضرورة، ولكنها ثقافة عربية ضاربة بأطنابها في عالم الخيال أكثر»، مستشهداً بجائزة الملك فيصل العالمية، وأنها ليست جائزة أدبية بل متعددة الفروع، وإن كان الفائز بها في الحقول الأدبية عربياً غالباً، والفائز بها في الحقول العلمية غالباً غير عربي، مطالباً أن تكون جائزة الدولة التقديرية «أحرص من غيرها على المعايير الصارمة العادلة في التقويم. لأن هناك فرقاً بين الجائزة والتكريم، فالجائزة يفترض ألا ينالها إلا مستحقها، بناءً على تحكيم علمي نزيه، وإلا فقدت الجائزة صدقيتها. وأرى أن أنسب جهة يمكن أن توكل إليها هذه المهمة في الترشيح والتقييم هي الجامعات». وتطرق الفيفي إلى تجربته في «مجلس الشورى»، وقال إن المجلس «ناقش كثيراً الهموم الثقافية، وأوصى من خلال لجنة الشؤون الثقافية والإعلامية، بدعم الثقافة والالتفات إلى الحوافز المعرفية، ومنها الجوائز التقديرية. كما أصدر نظاماً لرابطة الأدباء والكتاب السعوديين منذ سنوات، التي ما زلنا نأمل بأن ترى النور، وهي مرتكزات منشودة، يكمل بعضها بعضاً في دعم المثقف السعودي ورفع وتيرة الحركة الثقافية، التي هي سلاح الأجيال ضد الاختطاف الفكري، وصمام الأمان دون تشويه السوية الإنسانية والانتماء الوطني».