مازال المثقفون يرفعون استفهامات كثيرة حول توقف (جائزة الدولة التقديرية) والتي كانت انطلقت عام 1403ه.. ثم استمرت دورتين فقط (عامين) والتي منحت لستة من المثقفين (حمد الجاسر، احمد السباعي، عبدالله خميس، الامير عبدالله الفيصل، احمد عبدالغفور عطار، وطاهر زمخشري) بواقع ثلاثة في كل عام.. وكان توقفها بحسب عدد من الادباء ضربة للنتاج الادبي السعودي. وعلى اية حال فان الجوائز الادبية ملمح حضاري ينبع من افق واع، فوق انها – الجوائز – تساعد المبدع على المزيد من العطاء والانتشار والتدفق العذب.. وثمة من يراها تلويحة جميلة للكاتب، ورافد معنوي مهم في حياة المثقف وفي تجربته عموماً، لكن يظل الجميل الا يكتب المثقف عملاً ينتظر من ورائه جائزة لانه حينذاك يفقد ألقه الحق، وشفافية تدفق وصدقية وبوحه، لكن في الجملة تظل الجائزة اعتراف من لجنة الجائزة بقيمة المثقف وقيمة ما كتبه من ابداع. لكن ثمة ملاحظات يبديها النقاد والمثقفون حول الجوائز الادبية ومنها ان عدداً غير قليل من الجوائز تذهب الى غير اهلها الامر الذي يدعو الى اعادة النظر في كل لجان التحكيم والتقويم للجوائز الادبية في الجملة، بحيث لا يتصدى لتلك المهمة سوى من توفرت عنده الملكات والقدرة والشفافية والعدالة. ذلك ما يراه اهل الثقافة من المبدعين عندما نجدهم يبثون ملاحظاتهم حول عدم اهلية من يتصدرون للتحكيم للاعمال المقدمة للجوائز الادبية والعربية، وان الامر في كثير من الاحيان يظل مرتهن لذائقة هذا العضو او ذاك في اللجنة ممن هم من غير ذوي الخبرة، كما ان هناك شكوك من وجود شبكة من العلاقات تعمل على ترجيح هذا الاسم او ذاك من المتقدمين للجوائز الادبية، وثمة حالة يتحدث عنها الناس وقد نشر حولها كلام في صحيفة الرياض عام 2012 عندما فاز كاتب بجائزة بحثية بينما كتابه كان عبارة عن مقالات نشرت في اوقات متباعدة. ويرى احد كتاب القصة ان الجوائز الادبية وفي ظل عدم ثقة المثقف بمهنية لجان التحكيم فيها ستظل مجرد هبات لا تقدم للادب ابداعاً ما لم تعد طريقة تقييمها، وفي كل الاحوال فان الجوائز لا تخلو من ملاحظات وهفوات وقد نقول سقطات ، لكن في الجملة يجب ان نعترف ان لكل لجنة اتجاهاتها وثقافتها واهواءها وذائقتها، واحياناً ظروفها، لكن تظل مقولة ان الجوائز في حالات كثيرة تذهب الى من لا يستحقها، هي مقولة تحمل حشداً غير قليل من الصدقية. وثمة من يتحدث عن جائزة البوكر (أشهر الجوائز العربية واهمها) حيث يرون ان اي من الروايات الفائزة بالبوكر لم تكن تستحق طبقاً لرأي السعودي الناقد علي الشدوي.. الذي يرى ان (واحة الغروب) جميلة لكنها اقل من ان تفوز بالجائزة، ورواية (عزازيل) عميقة لكنها رواية هجائية وغير مهذبة تجاه بعض الافكار، ويمضي كذلك متحدثاً عن عدم اهلية (ترمي بشرر) و(طوق الحمام).. الخ. وفي كل حال يظل الراي عند اناس اخرين ان من المهم على الكاتب ان يكتب دون ان ينظر للجائزة، فثمة من فاز بجائزة نوبل للآداب ونسيه الناس، فيما آخرون كثر لم يفوزوا بها وبقوا خالدون. والواقع ان ثمة من يحمل التناقض في ذات الوقت، فثمة من الكتاب من يحمل على بعض الجوائز وينتقصها ويصمها بعدة نعوت غير جيدة، لكن ما ان يصل اليه الدور ويفوز بها حتى يتبدل رأيه من النقيض الى النقيض.. وثمة ملاحظة اخرى يراها عدد من النقاد وهو ان بعض الشعراء وكتاب السير والمذكرات تحولوا الى روائيين طلباً للفوز بجائزة البوكر للرواية العربية، لكنهم يعدون ذلك ضعفاً في النضج العام وتهافت مع تهالك لجزء من الفضاء الثقافي العربي. وفي العالم العربي عدة جوائز لعل من ابرزها الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وجائزة نجيب محفوظ الادبية، وجائزة ساويرس للادب المصري.. لقد تطور الاهتمام بالجوائز في العالم العربي عموماً وفي الخليج خصوصاً حتى صار ما يرصد في عدة دول خليجية يصل الى ثلاثة ملايين دولار سنوياً. ويظل المطلوب ان يتفاعل الوسط الثقافي بكل قنواته لحشد الرؤى حول تنشيط الجوائز الثقافية وصدقية تحكيمها ودور وزارة الثقافة والاعلام في دعم ورعاية الجوائز المحلية.