أكد الكاتب قاسم الرويس أن للجوائز الحكومية بصفة عامة صدقية نابعة من أهداف الدولة، «فإذا فقدت صدقيتها فقدت قيمتها الحقيقية، ولا يمكن أن تفقد الجوائز تلك الصدقية إلا من خلال القائمين عليها. فطالما ظلت الجائزة تتسم بشروط ومعايير واضحة وعادلة تطبق بدرجة عالية من الانضباط والشفافية والنزاهة في كل إجراءاتها فلن يستطيع أحد أن يشكك في نتائجها». واستعرض الرويس في حديثه مع «الحياة» دورات الجائزة التي تمنحها وزارة الثقافة والإعلام للكتاب، مشيراً إلى ملاحظات جوهرية تنال من نزاهة الجائزة، وتجعلها عرضة للتشكيك في موضوعيتها، إذ أضاف قائلاً: «بدأت الجائزة الوليدة في العام 2012، فأعلنت أسماء الفائزين موزعة على الحقول المعرفية التي أعلن عنها وأشير في النتائج إلى ذلك الحقل، ففازت كتب في الفلسفة واللغة العربية وآدابها والفنون والجغرافيا والتاريخ والآثار والعلوم والتعليم والقانون، فكان هذا مؤشراً يؤكد أن للجائزة 10 فروع بحسب الحقول المعرفية، وعلى رغم أن من بين الفائزين ثمانية أكاديميين، منهم اثنان من أعضاء مجلس الشورى وكذلك فوز رواية متداولة منذ 20 عاماً إلا أن المثقفين تجاهلوا ذلك لأنها الخطوة الأولى، كما تجاهلوا الحديث عن نظام الجائزة وشروطها ولجانها وإجراءاتها». وفي العام 2013، لاحظ المثقفون أن إغلاق باب الترشيح للجائزة لم يغلق إلا قبل فترة قصيرة من إعلان الفائزين، وتساءلوا في وقته: كيف يمكن للجان الجائزة أن تتعامل مع هذا الكم الكبير من الكتب في تلك الفترة الزمنية القصيرة؟ وحين أعلنت نتائج الجائزة لوحظ أن الجوائز لم توزع على الحقول المعرفية التي كنا نظن أنها فروع للجائزة، بل إن اللغة العربية وآدابها لوحدها ست جوائز، إذ قدمت الجائزة لديوان شعر ومجموعة قصصية وثلاث روايات ودراسة عن الرواية العربية، ما يعطي انطباعاً عن أن الجائزة تحولت إلى جائزة أدبية، فقد تم تهميش الحقول المعرفية الأخرى التي كنا نعتبرها فروعاً لجائزة للكتاب، وهذا يؤكد التحول في مسار الجائزة، إذ لم يعلن عن أسماء الكتب تحت الحقول المعرفية كما جرى في 2012، لأن ستاً من الجوائز ذهبت إلى حقل معرفي واحد، والحقيقة التي نراها في جميع جوائز الكتاب حول العالم، أنه حين لا يوجد كتاب يستحق الفوز في حقل معرفي معيّن فإن الجائزة التي تختص به تحجب»! وأكد الرويس أن صرف الجائزة إلى حقول معرفية معينة من دون أية ضوابط تحكم هذا الصرف «دليل على وجود خلل في نظام الجائزة. وبينما سيطر الأكاديميون في 2012 فإن الاتجاه في 2013 أشعر المهتمين بأن الجائزة استخدمت لتكريم بعض المشاركين في الجائزة اتكاء على تاريخهم الأدبي، ولا يمكن أن نخفي هذا الشعور حين نرى روايتين لروائيين شهيرين، هل عجزت لجان الجائزة عن اختيار رواية واحدة هي الأجدر للفوز فلجأت إلى أسلوب المحاصصة، أم فضّلت تهميش فروع الجائزة في سبيل استخدام الجائزة لتكريم من تريد؟ فالجوائز شيء والتكريم شيء آخر تماماً، وجميع المشاركين عندي يستحقون التكريم والفوز، ولكن الحديث عن الآلية التي تسير عليها الجائزة، وكما فاز أعضاء مجلس شورى في 2012 فقد فاز في 2013 وزير دولة، إضافة إلى ثلاثة أكاديميين». ومن الملاحظات التي يسوقها الرويس، أن نظام الجائزة يمنع مشاركة الكتب التي أصلها رسائل جامعية، «ولكنه يسمح بمشاركة كتب نشرتها جهات علمية وتم تحكيمها بالطرق الأكاديمية المعروفة بمعاييرها الصارمة، وربما أن مؤلف الكتاب نال بها ترقية أو مكافأة ثم تدرج في المنافسة مع إنتاج المثقفين وإبداع الشباب غير الخاضع للمعايير الأكاديمية، ويظهر هنا عدم تساوي الفرص أمام المشاركين، إذ إنه من الطبيعي أن يفوز الكتاب المحكم على معايير أقوى من معايير الجائزة، أقول ذلك تعليقاً على فوز كتابين في 2012 نشرتهما دارة الملك عبدالعزيز، وفوز كتابين في 2013 نشرتهما جامعة الملك سعود، ويمكن أن نلحق بذلك منشورات الأندية الأدبية التي يتم تحكيمها تقريباً وفق معايير وزارة الثقافة». وأوضح الرويس أنه لا يرى مبرراً لتقسيم الجائزة على الكتاب الفائزة ودار النشر التي أصدرته، «التي ربما تؤدي إلى ولادة دور نشر لا نسمع بها إلا عند إعلان الجائزة! ثم كيف تمنح الجائزة لجهات حكومية أخرى ليست في حاجتها، بينما تقوم بواجبها في دعم الكتاب السعودي ونشره؟ الأمر الآخر أن معظم دور النشر الفائزة سابقاً هي دور غير سعودية، فإذا علمنا أن لدى الوزارة برنامجاً للشراء فما الذي يجعلها تقحم الشراء في الجائزة؟ فإذا كان ولا بد فتمنح الجائزة كاملة للمؤلف، ويشترط عليه تزويد الوزارة بعدد محدد من النسخ، وبهذا تستفيد دور النشر ويستفيد المؤلف أيضاً. وأخيراً، لأننا نرى أن استمرار الجائزة ضرورة ثقافية سنظل نتحدث ونقترح في سبيل تعزيز نظامها وتطوير ضوابطها وفق معايير واضحة وعادلة تطبق بدرجة عالية من الانضباط والشفافية والنزاهة في كل إجراءاتها وتسهم في رفع قيمتها الحضارية، لا أن تصبح مثل جوائز أخرى تعرّف أسماء الفائزين بها سلفاً». يذكر أن جائزة وزارة الثقافة والإعلام للكتاب والتي تمنح في حفلة افتتاح «معرض الرياض للكتاب» تثير الكثير من التساؤلات، فهي لم تستطع بعد أن ترسخ مكانتها بوصفها جائزة مرموقة تحتكم إلى جملة من المعايير، فلا أحد يعرف كيف يفوز الفائزون بها، إذ لم تتعود الإعلان عن أسماء لجان التحكيم ولا كيف يقومون بتقويم الكتب، وبالتالي منحها الفوز، فهناك كتب فازت لم يعرف أحد بصدورها أصلاً سوى قبل يومين من الإعلان عن فوزها بالجائزة، إضافة إلى كتب فازت يرى حتى بعض الذين حكموها - كما علمت «الحياة» - أنها لا تستحق الجائزة وكتبوا ذلك في تقريرهم، لكنها مع ذلك وجدت طريقها إلى الفوز، وهناك من الكتاب، مثل عبدالله بن بخيت، من كتب ساخراً بعد الدورة الماضية أنها تمنح بأثر رجعي ولمجموعة كبيرة. الأمر الآخر الذي يثير النقاش، منح دار النشر التي أصدرت الكتاب الفائز مبلغاً وقدره 100 ألف ريال، من قبيل دعم الكتاب، الذي فاز أيضاً بالمبلغ نفسه.