عادت الهجمات المسلحة النوعية في القاهرة لتطل برأسها بعد فترة من الهدوء، إذ هاجم مسلحون فجر أمس سيارة شرطة في مدينة حلوان (جنوبالقاهرة)، فقتلوا ركابها الثمانية، في هجوم تنازع على تبنيه تنظيم «داعش»، وجماعة مسلحة أخرى تطلق على نفسها «المقاومة الشعبية». ويأتي الهجوم بعدما تمكنت الشرطة من القضاء على خلايا تابعة لتنظيم «أجناد مصر» الذي تركز وجوده في محافظة الجيزةجنوب العاصمة، ما تبعته فترة من انحسار العمليات داخل القاهرة، ونفذ أربعة يستقلون سيارة نقل خفيفة هجوماً بالأسلحة الرشاشة في مدينة حلوان، استهدف حافلة ركاب صغيرة كانت تقل 8 من رجال الشرطة يرتدون الملابس المدنية، بينهم ضابط، أثناء تفقدهم المنطقة، ما أدى إلى مقتلهم جميعاً، وفقا لبيان أصدرته وزارة الداخلية. وبدا الهجوم نوعياً، إذ ظهر أن المهاجمين كانوا يعدون للحادث منذ فترة، فتمكنوا من إيقاف سيارة الشرطة وإمطار ركابها بنحو 120 رصاصة، قبل أن يلوذوا بالفرار من دون إصابات في صفوفهم. وقال بيان الداخلية: «أثناء تفقد قوة أمنية من مباحث قسم شرطة حلوان الحال الأمنية، قام مجهولون يستقلون سيارة ربع نقل باعتراض السيارة وترجل منها أربعة أشخاص كانوا مختبئين في الصندوق الخلفي، وقاموا بإطلاق أعيرة نارية كثيفة تجاه سيارة الشرطة من أسلحة آلية كانت في حوزتهم ولاذوا بالفرار، ما أدى إلى مقتل الضابط محمد حامد إبراهيم وسبعة أمناء شرطة». وأشارت إلى أن «أجهزة الأمن قامت بتمشيط المنطقة وتكثف جهودها لضبط الجناة». وتنازعت على تبني الاعتداء جماعتان مسلحتان، وهو أمر تكرر في حوادث وقعت في قلب العاصمة العام الماضي، فأعلن تنظيم «داعش» مسؤوليته عن الهجوم في بيان نشر على الإنترنت، مشيراً إلى أن الهجوم يأتي في إطار «سلسلة عمليات... ثأراً للنساء العفيفات الطاهرات في السجون»، في إشارة إلى سجينات «الإخوان». وأكد شهود أن المهاجمين كانوا يرفعون على سيارتهم راية «داعش» السوداء. غير أن جماعة أخرى تطلق على نفسها «المقاومة الشعبية» أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم «لمناسبة مرور 1000 يوم على فض اعتصام رابعة» الذي قُتل فيه مئات من أنصار الرئيس السابق محمد مرسي. وكانت الجماعة نفسها تبنت أكثر من هجوم محدود العام الماضي باستخدام العبوات الناسفة. وتقدم وزير الداخلية مجدي عبدالغفار أمس، صلاة الجنازة على ضحايا الحادث في مسجد أكاديمية الشرطة في ضاحية القاهرة الجديدة (شرق القاهرة). وشدد على أن «الدولة مصرة على استكمال مسيرتها، ولن تثنينا العمليات الإرهابية عن أداء واجبنا»، متعهداً «مواجهة الإرهاب بإرادة وعنف وقوة، ولن نتهاون في حماية أمن الوطن». ونعى رئيس الحكومة شريف إسماعيل «ببالغ الحزن والأسى رجال الشرطة الذين استشهدوا» فجر أمس، مشدداً على «عزم الدولة على الاستمرار في محاربة الإرهاب بكل أشكاله واقتلاعه من جذوره، من أجل أن ينعم بلدنا العزيز بالأمن والأمان». واعتبر مفتي مصر شوقي علام، أن «الإرهاب الأسود يطل برأسه من آن لآخر ليعيث في الأرض فساداً ويسفك الدماء التي حرم الله، فاستحق مرتكبوه بذلك اللعنة في الدنيا والآخرة»، وقال إن «الله سبحانه وتعالى سيرد كيد الخائنين، لأنه تعهد في كتابه الكريم بحفظ مصر، وأنه سبحانه لا يصلح عمل المفسدين». وأكد الأزهر في بيان أن «مثل هذه الأعمال الإرهابية تتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة وتخالف الشرائع السماوية والتقاليد والأعراف الإنسانية كافة التي ترفض كل أشكال العنف والإرهاب»، مجدداً «تضامنه الكامل مع مؤسسات الدولة كافة، وفي مقدمها الجيش والشرطة، لدرء خطر الإرهاب الخبيث، واقتلاعه من جذوره». ودعت وزارة الأوقاف إلى «الحسم مع الجماعات الإرهابية»، محذرة من أن «التستر على أي من عناصرها جريمة لا تغتفر وخيانة للدين والوطن». ودانت وزارة الخارجية البحرينية الهجوم، وأكدت في بيان «وقوف المملكة وتضامنها التام مع مصر وتأييدها المطلق لما تتخذه من إجراءات رادعة وضرورية من أجل تعزيز أمنها وسلامتها وحماية منشآتها ومؤسساتها والقضاء على جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف زعزعة استقرارها أو عرقلة الجهود التنموية». وأعرب السفير البريطاني في القاهرة جون كاسن عن تعازيه. وكتب على حسابه الشخصي في موقع «تويتر»: «تعازينا الحارة لعائلات وزملاء عناصر الشرطة الذين قتلوا في حلوان... نقف معاً لنهزم هذا الإرهاب». وفي سيناء، أفادت مصادر طبية بأن خمسة مدنيين، بينهم ثلاث نساء، أصيبوا برصاص «مجهول المصدر» في أماكن متفرقة من مدينة رفح، ونقلوا إلى مستشفيات لإسعافهم. ولفتت إلى أن «بعض المصابين تلقى إسعافات أولية، وبعضهم حالته حرجة». وقال رئيس البرلمان علي عبدالعال، إن رئيس الوزراء سيلقي بياناً غداً أمام مجلس النواب عن القرار الذي أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسي الأربعاء الماضي بتمديد حال الطوارئ في شمال سيناء لمدة 3 أشهر. وأشار إلى أن «رئيس الوزراء سيعرض في البيان الأسباب والظروف التي أدت إلى هذا الإعلان».