تستقبل ديلما روسيف غداً (الثلثاء) الشعلة الأولمبية التي ستصل إلى البرازيل، في احتفالات قد تبدو «فارغة» لرئيسة يمكن أن تقال من منصبها بعد أسبوع. ويشكل وصول الشعلة من اليونان من طريق سويسرا، بداية عد عكسي يستمر ثلاثة أشهر حتى افتتاح دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو التي تشكل فرصة لتعيد البرزيل تلميع صورتها على الساحة الدولية. لكن هذه المناسبة تتزامن مع أزمة سياسية عميقة يشهدها هذا البلد الذي تواجه رئيسته إجراءات إقالة، وتؤكد انها «ضحية انقلاب». وربما يكون حدث وصول الشعلة إلى العاصمة أحد آخر المناسبات الكبيرة التي تشارك فيها الرئيسة البالغة من العمر 68 سنة. ويفترض أن يبدأ مجلس الشيوخ في 11 أو 12 آيار (مايو) الجاري جلسات الإقالة بناء على اتهام روسيف ب«التلاعب في حسابات الحكومة». ما يمكن أن يؤدي بشكل تلقائي إلى وقفها عن العمل وتولي نائبها ميشال تامر زعيم أكبر أحزاب يمين الوسط في البرازيل الرئاسة. وتامر كان من أهم حلفاء روسيف قبل أن يصبح «خائناً» على حد تعبيرها. وقد يستغرق الحكم النهائي لمجلس الشيوخ أشهراً، لكن إذا لم تتم تبرئتها فلن تعود إلى السلطة، وسيبقى تامر في منصب الرئاسة حتى الانتخابات المقبلة في 2018. ودانت روسيف الأحد «الانقلاب»، وأكدت لأنصار حزبها أنها «ستكافح حتى النهاية». وفي ما يبدو أن مجلس الشيوخ سيقرر عزلها بشكل شبه مؤكد، يبدو أنها قبلت - بالحد الأدنى - إمكانية اضطرارها إلى التخلي عن صلاحياتها التنفيذية في قصر الرئاسة بالاسيو دو بلانالتو خلال أسبوع. وذكرت صحيفة فولا ديلي الأحد أنها «أمرت بإفراغ جواريرها». ولا يتعلق الأمر بإفراغ الدروج فقط إذ يبدو أن وزراء حزبها «العمال» أو ما سمته صحيفة فولا «بحر» موظفي الحكومة سيضطرون - على ما يبدو - إلى البحث عن وظائف جديدة. وقبل عشرة أيام من تصويت مجلس الشيوخ على إجراءات الإقالة، كتبت صحيفة ايستاداو اليومية الأحد «لا شئ في الأعمال الروتينية للقصر الرئاسي يشبه المقاومة التي أعلنت عنها الحركات الاجتماعية التي هتفت لا للانقلاب». وأضافت «في مكاتب الحكومة بدأ الموظفون يحزمون أغراضهم». وتتهم المعارضة الرئيسة اليسارية ب«التلاعب في الحسابات العامة» في العام 2014، وهي السنة التي أعيد انتخابها خلالها، وذلك بهدف إخفاء حجم الأزمة الاقتصادية، وكذلك في أوائل العام 2015. ويفترض أن تحاول روسيف إقناع مجلس الشيوخ بأن التلاعب في الحسابات الذي تتهم به ليس تهمة تستدعي الإقالة، وأن العملية برمتها «سياسية وليست قانونية»، وهي حجة رفضها مجلس النواب الشهر الماضي. لكن تبعات ذلك على الساحة السياسية البرازيلية تبدو كبيرة. فروسيف التي كانت مناضلة ماركسية تعرضت إلى التعذيب أبان الحكم العسكري الاستبدادي في سبعينات القرن الماضي باتت في «نهاية الطريق». لكن حزب العمال الذي هيمن على البلاد وقام بتغييرات كبيرة منذ 2003 ما زال يسعى إلى منع تحول اقالتها إلى انعطاف تاريخي إلى اليمين. ويأمل مؤسس الحزب لويس انياسيو لولا دا سيلفا الرئيس السابق الذي رعى روسيف، في العودة إلى الرئاسة العام 2018، وحتى في انتخابات مبكرة. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه سيحل في الطليعة متقدما على تامر الذي لا يحظى بشعبية في البلاد. ووعد أنصار روسيف بالتصدي لتامر. وفي هذا الإطار، دعا جيلمار مورو من حركة «فلاحون بلا أرض» إلى «العصيان المدني». من جهته، نقل الموقع الاخباري «غلوبو» عن رئيس الاتحاد الموحد للعمال فاغنر فريتاس قوله: «لا نعترف بحكومة لم ينتخبها أحد». وعلى رغم تراجع شعبية الرئيسة البرازيلية، بما في ذلك داخل معسكرها، يخشى كثيرون خفض المساعدات الاجتماعية التي تشكل رأس حربة حزب العمال الحاكم، في حال إقالتها. وقالت ايدنا ديلانينا المتقاعدة البالغة من العمر 65 سنة في تظاهرة ساو باولو: «إذا لم ننزل إلى الشوارع، فأننا ندعم هذا الانقلاب إلى اليمين الذي سيؤدي إلى بطالة رهيبة، ويعيد ملايين الأشخاص إلى الفقر».