حقق الجيش اليمني أمس تقدماً عسكرياً مهماً في محافظة أبين جنوب اليمن بدعم من قوات التحالف العربي، ونجح في استعادة مدينة زنجبار عاصمة المحافظة من مسلحي تنظيم «القاعدة» بعد معارك ضارية، وتقدم داخل المدينة بعد سيطرته على منطقة «الكود» الواقعة على مشارفها، وذلك في سياق حملة عسكرية ضخمة بدأت فجر أمس انطلاقاً من عدن لاستعادة مدن أبين من قبضة التنظيم. ونقلت وكالة «رويترز» عن سكان في زنجبار ومصدر عسكري، أن عشرات المقاتلين الموالين لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» قتلوا في الاشتباكات. وفي محافظة مأرب (شرق صنعاء)، قالت مصادر قبلية إن ثلاثة مسلحين يعتقد أنهم من عناصر التنظيم قتلوا أمس في غارة شنتها طائرة من دون طيار يرجح أنها أميركية، استهدفت سيارة كانت تقلهم في منطقة وادي عبيدة، وأدت الغارة إلى احتراق السيارة وتفحم جثث القتلى. وأضافت مصادر محلية أن مجموعات من مسلحي التنظيم انسحبت من الأطراف الغربية والشمالية لزنجبار. كما كشفت مصادر عسكرية وقبلية عن وصول قوات ضخمة للجيش وقوات التحالف إلى منطقة «المسيلة» في وادي حضرموت، في سياق التمهيد لعملية عسكرية أخرى لتحرير مدن ساحل حضرموت من مسلحي التنظيم، بما فيها مدينة المكلا عاصمة المحافظة. وقال شهود إن التنظيم أعاد نشر مسلحيه في مدينة المكلا وفي المناطق الجبلية القريبة منها، وأقام حواجز للتفتيش على طول الطريق التي تربط بين المكلا ووادي حضرموت، استعداداً للمواجهة المرتقبة مع قوات الجيش والتحالف. في هذا الوقت، تواصلت أمس في الكويت جلسات المشاورات التي ترعاها الأممالمتحدة بين وفدي الحكومة الشرعية والانقلابيين الحوثيين وحزب صالح، والرامية إلى إحلال السلام ووقف الحرب واستعادة المسار السياسي استناداً إلى «المبادرة الخليجية» وقرار مجلس الأمن الدولي 2216. وشهدت الجلستان الصباحية والمسائية أمس، توتراً بين الوفد الحكومي ووفد الانقلابيين، في ظل تعنت الحوثيين وحزب صالح وتمسكهم بإعادة النظر في الإطار العام لجدول المفاوضات ورفضهم الدخول في أي نقاش قبل تثبيت وقف إطلاق النار في مختلف الجبهات. وأكد الوفد الحكومي المفاوض برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي، أنه «لا يمكن تحقيق تقدم حقيقي في المشاورات إلا بتطبيق النقطة الأولى من الأجندة المتفق عليها، وهي تعزيز مسار الثقة، المتمثل بإطلاق سراح المعتقلين كافة وفتح الممرات الآمنة لتدفق المساعدات الإغاثية إلى كل المدن والمحافظات، وبخاصة محافظة تعز. وقال مصدر حكومي يمني إن المشاورات الجارية في الكويت تركز حالياً على موضوع بناء الثقة، على رغم مراوغات الانقلابيين، مستنكراً استمرار الحوثيين في خرق الهدنة. وأوضح المصدر في تصريحه إلى «الحياة»، أن المشاورات لا تزال في بداياتها، مشيراً إلى أن النقاش يدور حول خطوات لبناء الثقة تشمل عدداً من المحاور، أهمها: وقف إطلاق النار، إطلاق المختطفين، وفتح ممرات آمنة لدخول المساعدات الغذائية والإنسانية، إضافة إلى إصرار الحكومة على مناقشة ثلاث قضايا هي: الانسحاب من المدن، تسليم أسلحة الميليشيات الانقلابية والحوثية للدولة، وعودة مؤسسات الدولة اليمنية وأجهزتها. وأضاف المصدر أن المبعوث الأممي ولد الشيخ اقترح أن يلتقي برؤساء الوفدين في اجتماع مغلق، إلا أن الوفد الحكومي رفض، لعدم وجود أي مبرر للقاء، لأن وفد الحوثي وصالح لم يبد أي حسن نية في كل المحاور، ومنها وقف إطلاق النار، وبالذات في تعز، وتنفيذ إجراءات بناء الثقة. وتوقعت المصادر أن يسعى ولد الشيخ إلى التوفيق بين الوفدين عبر اقتراح مسار متزامن يتم خلاله تشكيل لجان منهما لمناقشة النقاط الخمس في الوقت نفسه، وصولاً إلى بلورة اتفاق شامل للأزمة اليمنية لإنهاء الحرب واستعادة المسار الانتقالي السياسي الذي انقلب عليه الحوثيون بالقوة. ميدانياً، اتهمت القوات المشتركة ل «المقاومة والشعبية» والجيش الوطني، مسلحي الحوثيين وقوات صالح بمواصلة خرق الهدنة في جبهات تعز والجوف ومأرب. وقالت إن الميليشيات كثفت قصفها على أحياء مدينة تعز بمختلف أنواع الأسلحة، كما كشفت عن مقتل عدد من عناصر الجيش والمقاومة جراء القصف، بينهم القيادي حمزة المخلافي، وهو شقيق قائد المقاومة في تعز حمود سعيد المخلافي. وكشفت مصادر ل «الحياة»، عن أن ميليشيات الحوثي واصلت خرق الهدنة في جبهة مديرية حرض وميدي، واستهدفت مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، كما تسللت في اتجاه ميدي، وقام عناصرها بزرع ألغام حول مبنى لجنة مراقبة تثبيت الهدنة، وأصاب أحد تلك الألغام ضابطاً من اللجنة، ما أدى إلى وفاته. من جهة أخرى، تمكنت القوات السعودية من رصد متسللين بالقرب من الحدود السعودية، ولم يتم الرد عليهم التزاماً بالهدنة، كاشفة عن القبض على متسللين حاولوا تهريب مواد ممنوعة إلى السعودية.