حرّكت معالم 400 قطعة أثرية نادرة عرفت ببعدها الحضاري وإرثها الثقافي في الجزيرة العربية شجون الأميركيين بعد أن اطلعوا على تاريخ الحضارة الإنسانية في الجزيرة العربية، الممتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) حتى عصر الدولة السعودية، وذلك في خمس ولايات تجولت فيها مقتنيات معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة عبر العصور»، الذي نظمته الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني على مدى عامين. ونظّم معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة عبر العصور» في كل من: واشنطن، وبيتسبيرغ في ولاية بنسيلفانيا، وهيوستن بولاية تكساس، وكانساس في ولاية ميسوري، وسان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، وقرأ زواره تاريخ الجزيرة العربية وما حمل من معلومات تصف حجم التراث الكبير الذي جسّد قيمة المجتمعات التي عاشت على أرض الجزيرة بمختلف مكوناتهم حتى قيام الدولة السعودية. وسعى المعرض إلى تعزيز التواصل الثقافي بين السعودية والولاياتالمتحدة الأميركية، وذلك في إطار العلاقات المشتركة بين البلدين، والتأكيد على أن المملكة ليست طارئة على التاريخ بل مهد الحضارات الإنسانية الضاربة في القدم، إلى جانب ما تتمتع به من مكانة إسلامية ودور إقليمي ودولي مؤثر في السياسات الدولية، فضلاً عن مكانتها التاريخية بوصفها ملتقى للحضارات على مر القرون التي توّجت بحضارة الإسلام. وغطت القطع المعروضة الفترة التي تمتد من العصر الحجري القديم (مليون سنة قبل الميلاد) حتى عهد الدولة السعودية، مبرزة تاريخ عصور ما قبل التاريخ إلى العصور القديمة السابقة للإسلام، ثم حضارات الممالك العربية المبكّرة والوسيطة والمتأخرة، مروراً بالفترة الإسلامية والفترة الإسلامية الوسيطة، حتى نشأة الدولة السعودية بأطوارها الثلاثة إلى عهد الملك عبدالعزيز آل سعود. وأقيمت أولى محطات معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة عبر العصور» في الولاياتالمتحدة الأميركية عام 2012، وذلك في متحف فرير وساكلر بمؤسسة سميثسونيان في واشنطن، وافتتحه رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة سميثسونيان وين كلوف، واستمر ثلاثة أشهر زاره خلالها أكثر من 700 ألف زائر، منهم 90 ألفاً زاروا المعرض في مقر المتحف، و610 آلاف عبر موقع المعرض الإلكتروني، وموقع مؤسسة السميثسونيان. كما تم تنظيم فعالية خاصة بتكريم مُعيدي القطع الأثرية لعدد من الأميركيين والأميركيات ممن ولدوا وعاشوا في المملكة مع آبائهم العاملين في شركة أرامكو السعودية، وقاموا بإعادة القطع الأثرية إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. وعلّق على المعرض رئيس متحف سميثسونيان في واشنطن البروفيسور جوليان ريبي قائلاً: «إنه أماط اللثام في الوقت المناسب عن حقب الماضي الثرية في شبه الجزيرة العربية». وقال حاكم ولاية بنسلفانيا الأميركية توم كوربت: «إن المعرض أوضح للشعب الأميركي صورة التاريخ العريق للمملكة، مبيناً أن كل قطعة معروضة في المعرض تنطق بحضارة ممتدة في عمق التاريخ حتى 9 آلاف عام»، بينما أوضح رئيس جامعة روبرت موريس غريغوري أن المعرض يشكل فرصة كبيرة للتعريف بالثقافة والحضارة السعودية ومدى ما تمتاز به من عمق تاريخي. أما المحطة الثالثة للمعرض فكانت في (متحف الفنون الجميلة) في مدينة هيوستن، وانطلقت فعالياته في 18 كانون الأول (ديسمبر) 2013، واستمر ثلاثة أشهر حظي خلالها باهتمام إعلامي مكثف، وإقبال كبير من المجتمع الأميركي بفئاته المختلفة. وحينها استقبل الرئيس جورج بوش (الأب) الرئيس الأسبق للولايات المتحدة الأميركية الأمير سلطان بن سلمان، في مكتبه بمدينة هيوستون بولاية تكساس بحضور جيمس بيكر وزير الخارجية الأميركي الأسبق الذي وصف المعرض بالرائع، مبيناً أنه استعرض تاريخ المملكة الغني، ويدعم العلاقات المميزة بين المملكة العربية السعودية والولاياتالمتحدة الأميركية. وكانت المحطة الرابعة للمعرض في متحف «نيلسون - أتكينز للفنون» في مدينة كنساس في ولاية ميسوري، ودشن في 23 جمادى الآخرة 1435ه، واستمر ثلاثة أشهر اطلع خلالها سكان الولاية على تاريخ المملكة وحضارتها الممتدة عبر العصور، والتعريف بما تكنزه المملكة من إرث تاريخي وثقافي عريق. وأخيراً حط معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» رحاله في «سان فرانسيسكو»، وافتتحه الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في 27 تشرين الأول (أكتوبر) 2014 في متحف الفن الآسيوي في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، بحضور حشد من المهتمين بالشؤون الثقافية ورجال الأعمال والشخصيات البارزة في الولاية. وقال الأمير سلطان: «أكدت الاكتشافات الأثرية أن الجزيرة العربية لم تكن مجرد معبر للبشر قبل 20 ألف سنة، بل أنها في الحقيقة كانت موطناً للكثيرين وكانت مركزاً لانطلاق عدد من الهجرات والقوافل، مبيناً أن الدين الإسلامي وحضارته العظيمة نزلت في أرض شهدت تداولاً حضارياً كبيراً منذ عصور ما قبل التاريخ». وبعد ثلاثة أيام من عمر المعرض، وقّع الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز في نيويورك مذكرة تفاهم مع مدير متحف متروبوليتان في نيويورك توماس كامبل في شأن التعاون في مجال المتاحف.