سطع نجم فرقة «الجيتس» المصرية منتصف سبعينات القرن العشرين، وسط تقلبات في المجتمع على كل الأصعدة، فدخلت مصر في منعطف تاريخي، رمى بظلاله على الحالة الموسيقية أيضاً، وتغيُّر وصل إلى حد الانقلاب على مملكة الطرب والأغاني الطويلة التي لا تخرج عن معاني الهجر ولوعة الفراق وليالي الشوق، تلك التي لم يعد لها مكان في عصر الانفتاح الذي دشنه الرئيس أنور السادات. بيد أن الفرقة ابتعدت عن الفن طويلاً قبل أن تعود لتحيي حفلات في ساقية الصاوي. يقول الملحن والموزع ومؤسس الفرقة سمير حبيب: «رأيت الناس ينتظرون السيارات الكبيرة التي تحمل مشروب «سفن آب» ويشترون الزجاجات ويشربها البعض من دون انتظار تبريدها! بالفعل كان هناك ولع بكل ما هو آتٍ من الغرب. وربما بعد سنوات طويلة من الانغلاق وسيطرة نمط أحادي في الحياة، من الطبيعي أن أول ما يتأثر به الجمهور، الفنون والموسيقى لأنها نقطة الالتقاء الأكثر انتشاراً وتردداً وسهولة». ويرى حبيب في الوقت ذاته أن هناك روحاً جديدة سرت في الموسيقى والغناء من حيث الشكل والمضمون بعد تراجع الغناء الكلاسيكي على رغم «أني أصبحت في ما بعد من مريدي غناء أم كلثوم، وأدعي أن لدي مقتنيات من تسجيلاتها النادرة». ويراجع الفنان أوراق الذكريات عائداً إلى نقطة البداية مع أول ألبوم للفرقة وعنوانه «معقولة حلاوتك دي» مع المطرب هاني حافظ (إنتاج «صوت القاهرة»). ولتسجيل الألبوم الأول حكاية، إذ لم تكن الفرقة قادرة على تحمّل تكاليف التسجيل، ومع ثورة آلة التسجيل (الكاسيت)، راح بعض المعجبين يسجلون مباشرة حفلات قدّمت في بعض الفنادق، ما ساهم في انتشار الفرقة وشهرتها. الحفلات التي عادت بها «الجيتس» من خلال ساقية الصاوي، تنوعت بين أغاني الفرقة الأصلية وبعض الأغاني الأجنبية - العربية مثل «يا نخلتين في العلالي» التي لحنها ووزعها أندريه إيدر وTake me back to Cairo و»مصطفى يا مصطفى»، إلى جانب بعض أغاني فرقة «بوني أم» في عصرها الذهبي ولكن على طريقة «الجيتس» مقطع بالإنكليزية ومقطع على اللحن ذاته لكن بالعربية. في حين قدمت سهى مطربة الفرقة أغنية «أحسن ناس». ويقر حبيب بفضل بعض الأشخاص على بلورة شكل الفرقة، مثل الممثل الكوميدي الراحل نبيل الهجرسي الذي كان قريباً من الوسط الموسيقي وكان متزوجاً من الفنانة إسعاد يونس شقيقة المغنية الأولى لفرقة «المصريين» بقيادة هاني شنودة والتي ظهرت في وقت متزامن مع «الجيتس». وتعد أغنية «طلب القهوة» من الأغاني التي ساهمت في صَوغ مزاج غنائي جديد في نهاية السبعينات يتسم بالحداثة والعبثية، إلى جانب أغانٍ مثل «أنا مش عابر سبيل» لعلي الحجار، و»بنتولد» لمحمد منير. ويضيف حبيب: «تعرفت وقتها على المطرب محمد منير من خلال شركة «سونار» للإنتاج الفني حيث كان يعمل مصمم دعاية وكان يفترض أن يضع تصوراً لغلاف. واستمعت إليه لكن لم يحدث تعاون بيننا بل نشأت علاقة صداقة لأن معظم ألبوماته الأولى كان يتم تسجيلها في الأستديو الخاص بي «أيكوساوند»». أما عن إطلاق اسم «الجيتس» على الفرقة فيرجعه حبيب إلى الصدفة، «فأثناء سيرنا في ميدان التحرير رأينا إعلاناً ملوناً ومضيئاً لشركة طيران بهذا الاسم. وعن توقف الفرقة طويلاً يقول حبيب: «للأسف لم تكن مهنة الموسيقى في ذلك الوقت تضمن حياة مستقرة، لذلك فضلنا أن يشرع كلاً منا في تكوين حياته الخاصة. وأنا بقيت قريباً من الوسط الفني إذ كان يأتي بعض الفنانين لتسجيل أعمالهم في أستديو «أيكوساوند»، ومنهم محمد منير وعمرو دياب».