لا تقتصر معاناة أم عبدالله على الفقر وقلة الحيلة، فمشكلتها الأبرز أن زوجها وابنها الأكبر مصابان بأمراض نفسية. وتقول: «لا أكاد وزوجي وأطفالي الستة نسكن في شقة حتى نُطرد منها، لعدم قدرتنا على دفع الإيجار المستحق عن الشقة، أو للتصرفات التي يقوم بها زوجي وابني، والتي تزعج الجيران»، موضحة أنهما «لا يعرفان النوم بشكل منتظم، ويقومان دائماً بإغلاق الأبواب بقوة، أو الصراخ طوال اليوم، ما يزعج الجيران، فيطلبون مني معالجة المشكلة، ولكن لا حيلة لديّ». واطلع مسؤولو الجمعية في المنطقة التي تسكنها أم عبدالله على مشكلتهم، وطلبوا منها البحث عن شقة، ليساعدوا في دفع الإيجار. ولكن بحسب كلامهم أن «المشكلة لن تُحل»، فالإزعاج الذي يتسبب به زوجها وابنها للجيران لن يتوقف، مضيفة: «نحتاج إلى أرض صغيرة لتبني عليها الجمعية ملحقاً صغيراً، لنستقل فيه عن الآخرين، من دون إزعاج أحد». وتردف: «إن كنت لا أستطيع تدبر أبسط الأمور في معظم الأحيان، ولا أستطيع حتى تدبر مسألة اللباس لأبنائي، فكيف سأتدبر مبلغاً لشراء أرض صغيرة، بحسب طلب الجمعية، ما جعلني في حيرة من أمري. وأخشى أن تصبح عائلتي يوماً في الشارع، إذ مرّت علينا سنوات طويلة، ونحن ننتقل من شقة إلى أخرى، ومصيرنا في النهاية الطرد منها». وفارق زوج أم عبدالله الأول، وهو شقيق زوجها الحالي الحياة، إثر هبوط حاد في الضغط، إضافة إلى إصابته بتكسّر الدم، فتزوجت بشقيقه المصاب بمرض نفسي. كما أن ابنها الأكبر من زوجها الأول مصاب بالمرض نفسه، وكلاهما يتلقى العلاج في مستشفى الصحة النفسية. وتقول: «زوجي وابني عاجزان عن العمل، بسبب المرض النفسي، وترددهما على المستشفى في شكل مستمر. وفي بعض الأحيان يتم تنويمهما». وتحصل العائلة على مبلغ شهري قدره 1714 ريالاً، من الضمان الاجتماعي، يتسلمه شقيق زوج أم عبدالله، لأن بطاقة الصراف الآلي في حوزته، فيسدد منه قيمة الإيجار الشهري للشقة (800 ريال)، وفاتورة الكهرباء، ويسلمها 800 ريال، هو المبلغ المتبقي، الذي يصرفون منه على بقية حاجاتهم. ولا تتذكر أم عبدالله آخر مرة قامت فيها بشراء ملابس جديدة لأبنائها، «نحصل على ملابسهم من أهل الخير، أو الجيران الذين يقدمون لنا ملابس أبنائهم القديمة. وكثيراً ما يردد أبنائي الصغار جملة نريد ملابس جديدة، وألعاباً. إلا أنني لا أستطيع توفيرها لهم. أما الكبار خصوصاً الفتيات، فيطلبون ما لا أطيقه، ولا أعلم ما الذي أفعله لهم، فلا توجد لديّ وظيفة، ولو كانت بسيطة تساعدني في كل تلك التكاليف، وإن وجدت فلمن أترك زوجي وابني، وهما في هذه الحال. إذ لا تضمن تصرفاتهما، فهما بحاجة إلى متابعة دائمة. وفي النهاية لا أملك إلا البكاء، فيرجعون عن مطالبهم، لأتقطع حسرة وألماً». بعد طردهم من الشقة الأخيرة، توجهت إلى منزل والد زوجها، الذي لا يسكنه أحد، إلا أن شقيقه قام بطردهم. وقال لهم «لا حق لكم في السكن». وتضيف: «أبنائي الثلاثة الذي أنجبتهم بداية من شقيقهم المتوفى، والثلاثة المتبقين، من شقيقهم المصاب بمرض نفسي، فكيف لا يكون لي حق السكن؟».