كابول - أ ف ب، رويترز - شنت حركة «طالبان» أمس، هجمات باستخدام قذائف وانتحاريين اجتماع المجلس القبلي الموسع (لويا جيرغا) الذي عقد في حضور حوالى 1600 ممثل عن القبائل والمجتمع المدني لبحث ارساء السلام والقضاء على التمرد في افغانستان. ولم تعطل الهجمات اعمال «جيرغا السلام» الذي وفر اجراءات حمايته 12 الف عنصر امن، على رغم سقوط اربع قذائف قرب موقع الخيمة الضخمة التي نصبت في جامعة في العاصمة الافغانية من اجل استضافة الاجتماع، وأخرى قرب فندق كبير في محيط الحرم الجامعي. وأعلنت السلطات مقتل انتحاريين واعتقال ثالث وجرح شخصين احدهما مدني، موضحة ان المهاجمين تخفّوا باستخدام براقع، وتحصنوا في منزل قرب الجامعة، فيما فرّ بعضهم، ما استدعى تمشيط الشرطة المنطقة باستخدام مروحيات. وسمعت طلقات نار متفرقة حول مقر المؤتمر حتى بعد مرور ساعات على وقوع الهجمات. ودوّى اول الانفجارات لدى إلقاء الرئيس الافغاني حميد كارزاي الذي يسعى الى جلب «طالبان» الى طاولة المفاوضات، كلمة الافتتاح. وتوقف لفترة قصيرة وقال ساخراً وسط تصفيق الحضور: «يحاول احدهم اطلاق قذيفة. لا تخافوا، فلنواصل اجتماعنا». وقال في كلمته: «تتمثل مسؤولية الحكومة في اعادة عناصر طالبان المسؤولين عن القمع الذين فروا من البلاد وحملوا السلاح ضد النظام الى افغانستان. هناك آلاف من طالبان في هذا الوضع. انهم ببساطة اناس مثلنا». وأنهى كارزاي كلمته وغادر المكان في قافلة مسلحة مع تحليق طائرات هليكوبتر في السماء. وأعلنت «طالبان» التي نددت باجتماع «جيرغا السلام» باعتباره «اداة دعاية لقوى الغزو، ووسيلة لتقديم عذر لمواصلة الولاياتالمتحدة حربها في أفغانستان»، مسؤوليتها عن الهجمات. وقال الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد: «صعد اربعة انتحاريين الى سطح بناية قرب خيمة الجيرغا، وهم يهددون الخيمة، مستخدمين قذائف وأسلحة خفيفة وأحزمة ناسفة». وبدأ الاجتماع بتلاوة سور من القرآن الكريم أمام 1600 مشارك يمثلون إثنيات وقبائل وسلطات محلية ومنظمات غير حكومية، اضافة الى ديبلوماسيين اجانب. وستبحث «الجيرغا الاستشارية الوطنية للسلام» الثالثة منذ اطاحة نظام «طالبان» نهاية 2001 الإجراءات التي يجب اتخاذها لإخراج البلاد من الحرب التي تحصد مزيداً من الارواح سنوياً بين المدنيين وأيضاً بين القوات الدولية. وتدعو النقاط الرئيسة في خطة كارزاي الى اصدار عفو عام عن مقاتلي «طالبان» الذين ينبذون العنف والتمرد ويقبلون بالدستور، ومنحهم تدريباً ووظائف ومشاريع تنمية في المناطق التي يعيشون فيها. كما يطالب برفع عدد من مسؤولي الحركة من لائحة الاممالمتحدة السوداء، ومنح آخرين حق اللجوء الى دول اسلامية صديقة. ودعم المجتمع الدولي اجتماع «الجيرغا» الذي سبقه اعلان كارزاي خطة مصالحة مع «طالبان»، «باعتبار ان اهدافه نبيلة» لكنهم يشككون في جدواه. ويزيد تعقيد الموقف تنافس باكستان والهند وإيران بل حتى روسيا على بسط النفوذ في البلاد. وكان وزير الخارجية السابق عبدالله عبدالله الذي خسر امام كارزاي في الانتخابات الرئاسية العام الماضي قرر مقاطعة الاجتماع. وقال: «النتائج التي سيتوصل اليها الجيرغا لن تقربنا من السلام»، مضيفاً: «لا يعرف الناس جدول الاعمال، والمدعوون لا يمثلون الشعب. يبدو هذا الحدث بالنسبة إليّ مجرد ممارسة للعلاقات العامة». ويتزامن الاجتماع مع نشر القوات الاجنبية تعزيزات كان وعد بها الرئيس الاميركي باراك اوباما نهاية 2009، ما سيرفع عدد القوات الاجنبية في افغانستان الى 150 الف جندي بحلول آب (اغسطس) المقبل. وقال المحلل السياسي هارون مير المقيم في كابول ان «الهجوم قد يوجه ايضاً رسالة الى مؤتمر كابول الدولي المقرر في 20 تموز (يوليو) المقبل»، مضيفاً: «لا اعرف عدد المبعوثين الغربيين الذين سيخاطرون بالمجيء الى كابول اذا كان يمكن وقوع هجمات مماثلة». على صعيد آخر، قتل جندي دنماركي وجرح خمسة آخرون احدهم في حال الخطر في حادثين منفصلين في ولاية هلمند (جنوب). وسقط الجندي القتيل وجرح اثنان من زملائه في انفجار قنبلة لدى مرور دوريتهما قرب قاعدة بريدزار التي تبعد حوالى 6 كيلومترات شمال شرقي مدينة غيريشك. وبعد اربع ساعات على الحادث، جرح ثلاثة جنود دنماركيين بانفجار عبوة ناسفة خلال عملية في المنطقة ذاتها. وينتشر حوالى 750 جندياً دنماركياً في افغانستان معظمهم في هلمند تحت القيادة البريطانية.