سارت موسكو خطوة إضافية لتثبيت استبعاد الحديث عن مسألة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد كشرط لاستئناف ونجاح جولة المفاوضات المقبلة، وسعت إلى التقليل من أهمية السقف الزمني الذي حدده أخيراً وزير الخارجية الأميركي جون كيري للتوصل إلى دستور جديد. وبعد مرور أيام على إعلان الخارجية الروسية أن «واشنطن بدأت تتفهم أكثر الموقف الروسي حول مسألة دور ومصير الرئيس الأسد»، جدد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أمس، تأكيد موقف بلاده أن رحيل الأسد لا يمكن أن يكون شرطاً مسبقاً لمواصلة المفاوضات السورية. وقال ريابكوف لوكالة أنباء «إنترفاكس» الروسية، إنه «من المهم أن تبدأ أطراف المفاوضات في الجولة المقبلة، في 11 نيسان (أبريل)، إجراء اتصالات مباشرة، وألا تتحول المفاوضات إلى سلسلة لقاءات بمشاركة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ووفود الدول الأعضاء في مجموعة دعم سورية»، مضيفاً أن «على السوريين بدء محادثات في ما بينهم في نهاية المطاف». لكن رياض نعسان آغا عضو الهيئة العليا للمفاوضات، قال تعليقاً على تصريحات ريابكوف: «من الواضح أن هذا التصريح يهدف إلى وقف عملية المفاوضات وحرمان الهيئة العليا للمفاوضات من أي أمل في مواصلة المحادثات». وأضاف: «ما الذي سنناقشه إذا لم نناقش مصير الأسد؟»، وفق ما أوردت «رويترز». وفي مؤشر جديد إلى استمرار الخلافات مع واشنطن حول جوانب عدة في ملف التسوية السورية، قال ريابكوف إنه «لا يمكن تحديد الفترة الزمنية لوضع الدستور، لأن ذلك يتطلب عملاً تحضيرياً»، مؤكداً أن المطلوب «العمل بشكل شامل ومتواز على قضايا الدستور وغيرها من جوانب العملية السياسية في سورية». وحملت إشارة نائب الوزير توضيحاً للموقف الروسي من مسألة السقف الزمني الذي تحدث عنه كيري بعد محادثات في موسكو قبل أيام مع الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره الروسي سيرغي لافروف، علماً بأن كيري كان أشار إلى «تفاهم روسي- أميركي» حول هذه النقطة. وفي السياق ذاته، شدد ريابكوف على ضرورة «ضمان التمثيل المناسب لأكراد سورية من أجل إنجاح الجولة المقبلة من المفاوضات»، مشيراً إلى أن هذا الأمر «يعد شرطاً ضرورياً لإنجاح الجولة المقبلة». وأعلن الديبلوماسي الروسي أن المشاورات الروسية- الأميركية ستتواصل اليوم على مستوى نائبي الوزيرين لتذليل الملفات الخلافية، مؤكداً أنه ينوي عقد لقاء الأربعاء مع نظيره الأميركي توم شينون لبحث مسائل التسوية السورية وموضوع إيران والعلاقات الروسية الأميركية، وقال إن زيارة شينون إلى موسكو تأتي «امتداداً لمحادثات الجانب الروسي مع كيري». اللافت أن العودة إلى اثارة موضوع الرفض الروسي الحازم لإدراج ملف رحيل الأسد في المرحلة الراهنة، تلقى دفعة قوية بعد التقدم الذي أحرزته قوات النظام في تدمر، ونشرت وسائل الإعلام الحكومية الروسية تقارير مطولة عن الدور الذي تقوم به «الحكومة الشرعية» في مواجهة الإرهاب. وأشار خبراء روس إلى أن على المجتمع الدولي «أن يدرك أن حكومة الأسد هي الشريك الرئيس في الحرب على الإرهاب». ولم يستبعد عدد منهم أن «يبدأ عدد من الأطراف الدولية بفهم هذه الحقيقة، لأنه لا يمكن أن نطلب من رئيس يحقق انتصارات على الإرهاب التنحي». واعتبر محللون أن دمشق لا يمكن أن تمنح المعارضة إنجازات سياسية فشلت في تحقيقها على أرض الميدان. في الأثناء، حمل رئيس ممثلية أكراد سورية في موسكو رودي عثمان بقوة، على ما وصفه ب «غياب الرغبة الدولية في ضم الأكراد إلى العملية التفاوضية»، مقللاً من فرص مسار جنيف من النجاح في حال استمر الموقف الحالي. وقال عثمان في حديث لوكالة أنباء «تاس» الروسية، إن «المشكلة ليست في ما يشاع حول معارضة تركيا حضور الأكراد المفاوضات، وهذه مجرد مبررات واهية»، معتبراً أن ما يعطل الحضور الكردي «غياب الإرادة الدولية». على صعيد آخر كشفت قناة «زفيزدا» (النجمة) التلفزيونية الروسية القريبة من وزارة الدفاع عن وجود نظام صواريخ «إسكندر» في سورية. وظهر قاذف الصواريخ الخاصة بنظام «إسكندر-إم» المتطور في مقطع فيديو بثته القناة خلال تقرير عن تحميل طائرة شحن عسكرية «روسلان» قبل انطلاقها من قاعدة حميميم العسكرية في ريف اللاذقية. وكان القاذف على مسافة أمتار خلف الطائرة خلال تصوير التقرير. ولم تعلن موسكو سابقاً عن تزويد قواتها في سورية بنظام «إسكندر» المتطور القادر على ضرب الأهداف على بعد 500 كيلومتر. ويجري التحكم في صواريخه إلكترونياً. وفي السياق العسكري ذاته، واصلت موسكو إحصاء أرباحها من العملية العسكرية في سورية، واعتبر سيرغي غوريسلافسكي نائب رئيس شركة «روس أبورون إكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية الروسية أمس، أنه بفضل العملية الروسية في سورية ارتفع بشكل ملموس الاهتمام بالسلاح الروسي على المستوى العالمي، وباشرت عدة دول في الشرق الأوسط إجراء محادثات لشراء المقاتلة القاذفة «سوخوي-34». وقال غوريسلافسكي إن «الأحداث أكدت صحة اختيارنا هذه الطائرة من أجل دفعها إلى التصدير، إذ أبدت عدة دول في الشرق الأوسط حالياً اهتماماً خاصاً بها»، مشيراً إلى رزمة الحجوزات المتوقعة للعام الحالي لبلدان عربية تزيد على 8 بلايين دولار، وهو رقم يبلغ أضعاف معدله في السنوات الماضية.