استبقت موسكو محادثات حاسمة غداً مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري حول الملف السوري بتصعيد لهجتها والتلويح باستئناف عملياتها العسكرية في شكل منفرد في حال لم تستجب واشنطن لمطالب روسية في خصوص التنسيق بين وزارتي دفاع البلدين في مراقبة الهدنة في سورية. لكن مسؤولاً أميركياً قال ل «رويترز» في جنيف: «اطلعنا على التقارير الإعلامية الخاصة بمخاوف روسيا في شأن انتهاكات وقف القتال. أياً كان من يدلي بهذه التصريحات هو مضلل لأن هذه المسائل تم بحثها في شكل مطوّل بالفعل وما زال يتم بحثها في شكل بناء». وصدر موقف المسؤول الأميركي الذي لم تذكر «رويترز» اسمه بعد فترة وجيزة من إعلان قائد دائرة العمليات العامة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، سيرغي رودسكوي، أن روسيا «مستعدة لبدء تنفيذ الاتفاق في شأن آلية مراقبة سير الهدنة في سورية من جانب واحد اعتباراً من الثلثاء»، مبرراً ذلك بأن واشنطن لم تستجب لاقتراحات روسية المتكررة بعقد اجتماع على مستوى وزارتي الدفاع لتنسيق عمل مشترك للمراقبة. وقال المسؤول العسكري الروسي: «في ظل غياب رد الفعل الأميركي على هذه المقترحات، ستبدأ روسيا الاتحادية اعتباراً من 22 آذار (مارس)، بتنفيذ القواعد التي تنص عليها الاتفاقية، من جانب واحد»، موضحاً أنه «سيتم استخدام القوة العسكرية، بعد تلقي أدلة مُوثَّقة عن انتهاكات منهجية للالتزامات التي تمَّ التعهد بها، في إطار الإعلان «الروسي - الأميركي» لوقف الأعمال العدائية في سورية، والذي بدأ سريانه في 27 شباط (فبراير) الماضي. وأعلن رودسكوي أن روسيا اقترحت على الولاياتالمتحدة عقد لقاء في موسكو أو في أي مكان آخر، لمناقشة الاتفاق، لكنها لم تتلقَّ رداً حول الاقتراحات الروسية الخاصة بالرقابة على وقف إطلاق النار على رغم أنها أرسلتها إلى واشنطن منذ 25 شباط أي بعد مرور ثلاثة أيام فقط على توقيع الاتفاق الروسي - الأميركي وقبل يومين من بدء تطبيقه. واللافت في التلويح الروسي باستئناف العمليات العسكرية أنه يستبق زيارة كيري التي ينتظر أن يلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الروسي سيرغي لافروف. وكانت أوساط روسية أشارت في وقت سابق إلى أن هذه اللقاءات ستكون حاسمة لجهة ترتيب اتفاقات روسية - أميركية تهدف إلى دفع طرفي الصراع في سورية إلى تحقيق تقدم في مفاوضات جنيف. واعتبر محللون روس أن موسكو تهدف من خلال تصعيد لهجتها قبل زيارة كيري إلى ممارسة ضغوط على واشنطن لدفعها إلى مزيد من التنسيق مع الروس ميدانياً في سورية، كما أشار خبراء إلى أن مفاوضات جنيف تشهد تعثّراً ما يعني أن تصعيد اللهجة الروسية ربما يهدف إلى تخفيف الضغوط عن الوفد الحكومي السوري في هذه المفاوضات. ديبلوماسياً، أشاد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف بالعمل المشترك لروسياوالولاياتالمتحدة في تسوية الأزمة السورية، ووصفه بأنه «فعّال في كثير من النواحي»، على رغم أنه أشار إلى «بعض الاختلافات الجوهرية» في مواقف الطرفين حيال سبل دفع العملية السياسية. وقال ريابكوف أن موسكو تأمل بأن تعمل واشنطن على التأثير في معارضي الحل السلمي و «نعمل في هذا الاتجاه منذ زمن طويل من دون جدوى». وأكد نائب الوزير الروسي ضرورة تكثيف العمل في التسوية السورية، وأن روسيا ستبلغ كيري خلال زيارته بأنه «من أجل الخروج بحل من شأنه أن يكون مقبولاً لدى جميع السوريين، فإن على الولاياتالمتحدة وغيرها من المشاركين في التحالف ضد داعش إبداء مقدار أكبر من الفاعلية في العمل المشترك». في السياق، أعلن رئيس لجنة مجلس الفيديرالية (الشيوخ) للدفاع والأمن فيكتور أوزيروف أن روسيا «ستشن ضربات ضدَّ المجموعات الإرهابية التي ستخالف نظام وقف إطلاق النار حتى إذا تخفّت تحت غطاء المعارضة المعتدلة التي انضمت إلى نظام وقف النار». على صعيد آخر، أعرب نائب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، يحيى القضماني، في حديث إلى وكالة «سبوتنيك» الروسية عن الأمل في أن تتعاطى موسكو في شكل إيجابي مع موضوع تمثيل الهيئة للمعارضة السورية في المفاوضات، علماً أن روسيا تدعو الأممالمتحدة إلى إشراك أطراف أخرى في المعارضة في مفاوضات جنيف.