شاب وفتاة على خشبة مسرح «روابط» في القاهرة، يرويان قصة عجوزين تلصّصا عليهما في الشارع، ضمن عرض بعنوان «حكي يجر بطيخ» للبنانيين رؤى بزيع وجاد حكواتي. يختلق الشابان قصصاً حول حياتهما ويفترضانها كل حسب رؤيته لحياة هاتين الشخصيتين العجوزين. فيأخذ الشابان أدوار العجوزين، في لعبة مزدوجة ذكية توصلنا الى حبكة محكمة لتشابك الأحداث بين حكاية العجوزين وواقع الشابين. يعيش الشابان في أدوار العجوزين في هدنة بين حرب وحرب. يحاولان جاهدين قضاء وقت هادئ في هذه الفترة القصيرة. غير أن الهدنة هي فترات عصيبة يسيطر فيها الشعور بالخوف من فقدان أحدهما الآخر عند عودة إطلاق النار. الهدنة هي «قنبلة موقوتة» لا غير. عُرض العمل أخيراً ضمن برنامج «غداً»، وهو البرنامج الفرعي لمهرجان الربيع 2010 الذي نظمته مؤسسة المورد الثقافي، وهو يلامس الواقع اللبناني الذي تملؤه الحروب والاعتداءات، إذ يطرح تأثير الحرب وعواقبها على الإنسان من خلال تفاصيل حياة زوجين عجوزين ومعايشتهما أمورهما الشخصية اليومية في جو من الرعب الشديد. فتصبح التفاصيل الشخصية وبعض الذكريات التي يصران على ذكرها طوال الوقت، المحرك الأساسي للاستمرار في وجه الحرب التي اجتاحت حاضرهما. كما تزيد الحرب من هول الوحدة التي يعاني منها الإنسان وتبعد المسافات بين أفراد المجتمع. ويذوب مصير الشباب في حكاية عجز لتتشكل لحمة واحدة لأجيال مزقتها الحرب. بدأت كتابة النص المسرحي في ورشة «بداية اللعبة» في تونس 2009 التي ينظمها المورد الثقافي العربي سنوياً، والتي تهدف إلى إنشاء ملتقى عربي بين مسرحيين شباب. وكانت مجموعة العمل مثلت لبنان في هذه الورشة، وقدمت نواة عن المسرحية بإشراف لمخرج روجيه عساف وبالتعاون مع مسرح «الحمراء» في تونس، ثم استكمل العمل عليها في لبنان. يعتمد العرض على أسلوب الحكواتي والفرجة، وهما من صميم إرث المسرح الشعبي العربي. وهذا الأسلوب يخلق مسافة بين الحدث المسرحي والمتلقي ليصبح المتلقي هو الحكم الذي يقرأ الحدث بطريقة موضوعية. ويرى المتلقي واقعه في كثير من الأحداث لطبيعتها وواقعيتها وإمكانية حدوثها. كما تتميز المعالجة النصية والإخراجية للعمل بتداخل الأحداث والشخصيات بين حكاية وأخرى. واعتمد فريق العمل على الحفاظ على بساطة الطرح وعلى إيقاظ الحس الفطري لدى المشاهد لكي يقترب العمل من قلوب جميع الناس بغض النظر عن اختلافاتهم الاجتماعية. رؤى بزيع حاصلة على دبلوم دراسات عليا في الفنون المسرحية من الجامعة اللبنانية – معهد الفنون الجميلة 2009. ويعد هذا العمل هو أول عمل احترافي من تأليفها وتمثيلها وإخراجها. شاركت بزيع ممثلة في العديد من الأعمال المسرحية والتحقت بورشات عمل في فن التمثيل وفن الرقص مع مخرجين عرب. أما جاد حكواتي فشارك في العديد من الأعمال المسرحية، كما عمل أيضاً محرك دمى لثلاث مسرحيات هي: «كراكيب»، «بيتك ياستي»، «ياللا ينام مرجان»، لفرقة مسرح الدمى اللبنانى. واشترك حكواتي في ورشة عمل «بداية اللعبة» تونس 2009. ومن خلال تلك المشاركة نال هو ورؤى بزيع جائزة المنحة المالية التي يقدمها المورد لأفضل عمل مسرحي خلال هذه الورشة.