بعد سبع سنوات على تعهده، في يومه الأول في المكتب البيضوي، إغلاق معتقل غوانتانامو، طرح الرئيس باراك أوباما أمس خطة شاملة على الكونغرس في هذا الصدد، يريد البيت الأبيض تنفيذها قبل انتهاء عهد أوباما في 21 كانون الثاني (يناير) 2017. لكنها تواجه معارضة عنيفة من الجمهوريين، علماً أن الكونغرس أقرّ عام 2011 قانوناً يمنع نقل معتقلين إلى الولاياتالمتحدة. وعرض أوباما الخطة التي أعدّها وزير الدفاع آشتون كارتر، قائلاً: «لا أريد إحالة هذه المشكلة على الرئيس المقبل، أياً يكن». وسأل: «هل سنسمح ببقاء هذا الأمر 15 سنة أخرى؟». وأضاف: «إبقاء هذه المنشأة مفتوحة يتعارض مع قيمنا، ويقوّض مكانتنا في العالم، كما يؤذي شراكتنا مع الدول الأخرى. وهي تُعتبر وصمة عار في سجلّنا الواسع في حفظ أعلى معايير سيادة القانون»، في إشارة إلى تقارير عن انتهاك المعتقل القوانين الدولية، وممارسة التعذيب وانعدام وجود محاكم عادلة فيه، إضافة إلى احتجاز معظم السجناء لأكثر من عشر سنين من دون محاكمة. ونبّه إلى أن «غوانتانامو لا يعزّز أمننا القومي، بل يهدده»، لافتاً إلى أن إغلاقه هدفه «طي صفحة» من تاريخ الولاياتالمتحدة. وحذر من أن المعتقل يساعد «الإرهابيين في التجنيد والتحريض ضد الولاياتالمتحدة». وحض الكونغرس على تخصيص «جلسة عادلة» للاستماع إلى خطته، معتبراً أنها تتيح إغلاقه «إلى الأبد». وقال مسؤولون أميركيون إن الخطة تشمل 13 موقعاً في الولاياتالمتحدة لنقل المعتقلين إليها، بما في ذلك سبعة سجون موجودة في كولورادو وساوث كارولاينا وكنساس، إضافة إلى ستة مواقع أخرى في قواعد عسكرية. وذكر مسؤول أن كلفة نقل المحتجزين وإغلاق غوانتانامو ستراوح بين 290 و475 مليون دولار، مضيفاً أن وضع المتبقين في أماكن احتجاز في الولاياتالمتحدة، سيقلّ عن كلفة إبقائهم في المنشأة الكوبية بما بين 65 و85 مليون دولار. ولذلك ستُغطَّى الكلفة كاملة خلال 3-5 سنوات، إذ إن المعتقل تزيد تكاليفه على 100 مليون دولار سنوياً، كما يحتاج إلى نحو 225 مليون دولار، في إصلاحات وتكاليف بناء، إذا بقي مُستخدماً. وفتح الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو بوش معتقل غوانتانامو عام 2002، لاحتجاز أجانب يُشتبه في تورطهم بالإرهاب، واستجوابهم بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001. وخلال ذروة فترة تشغيله عام 2003، استقبل غوانتانامو 680 معتقلاً، لكن هذا العدد تراجع الآن إلى 91 معتقلاً، بينهم 35 وافقت السلطات على نقلهم إلى دول ثالثة، بحلول الصيف المقبل، في حين سيبقى الآخرون محتجزين لفترة غير محددة، إما في انتظار مثولهم أمام محكمة عسكرية، وإما لاعتبارهم خطرين جداً، ما يجعل إطلاقهم غير ممكن، ولو لم تُوجّه اليهم اتهامات محددة. وحين تسلّم أوباما منصبه مطلع 2009، كان هناك حوالى 245 في المعتقل. الخطة التي سُلِّمت إلى الكونغرس أمس، تشكّل محاولة أخيرة لتفي الإدارة تعهد أوباما إغلاق غوانتانامو، وإقناع الكونغرس بالسماح لوزارة الدفاع بنقل أقل من 60 معتقلاً إلى الولاياتالمتحدة، حيث يُحتجزون في سجون تخضع لتدابير أمنية مشددة. لكن زعيم الغالبية الجمهورية في مجلس النواب بول ريان، اعتبر أن خطة أوباما «تخالف القانون في شأن نقل معتقلين إلى الأراضي الأميركية»، فيما رأى السيناتور الجمهوري جون ماكين أنها «ليست شاملة للتعامل مع إرهابيين مستقبلاً». أما المرشح الجمهوري للرئاسة ماركو روبيو، فاعتبر أن الخطة «بلا معنى»، وزاد: «لن نعيد قاعدة بحرية مهمة إلى ديكتاتورية شيوعية معادية للولايات المتحدة»، في إشارة إلى كوبا التي يزورها أوباما الشهر المقبل.