أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بإحالة جميع المتهمين في قضية فاجعة سيول جدة (25-11-2009)، التي ذهب ضحيتها العشرات، إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام كل في ما يخصه، للتحقيق فيها واستكمال الإجراءات النظامية بحقهم. وكلّف وزارة الشؤون البلدية والقروية بفتح وتمديد قنوات تصريف السيول الثلاث حتى مصاب الأودية شرقاً، كما وجّه اللجنة الوزارية المعنية بمعالجة وتطوير الأحياء العشوائية بالإشراف على إعداد وتنفيذ مخطط جديد شامل ومتكامل لشرق محافظة جدة، وطلب من وزارة المياه والكهرباء التخلص من بحيرة الصرف الصحي نهائياً خلال عام. وقال خادم الحرمين في نص الأمر الملكي أمس: «انطلاقاً من مسؤوليتنا تجاه الوطن والمواطن والمقيم استهداء بقول الحق جل جلاله «إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً» وقول النبي (صلى الله عليه وسلم) «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، واستصحاباً لجسامة خطب هذه الفاجعة وما خلفته من مآسٍ لا نزال نستشعر أحداثها المؤلمة وتداعياتها حتى نقف على الحقيقة بكامل تفاصيلها لإيقاع الجزاء الشرعي الرادع على كل من ثبت تورطه أو تقصيره في هذا المصاب المفجع، لا نخشى في الله لومة لائم، فعقيدتنا ثم وطننا ومواطنونا أثمن وأعز ما نحافظ عليه ونرعاه، جاعلين نصب أعيننا ما يجب علينا من إبراء الذمة أمام الله تعالى بإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح انتصاراً لحق الوطن والمواطن وكل مقيم على أرضنا، وتخفيفاً من لوعة ذوي الضحايا الأبرياء وتعزيزاً لكرامة الشهداء - رحمهم الله - بإرساء معايير الحق والعدالة، وبناء على ما تقتضيه المصلحة العامة أمرنا بإحالة جميع المتهمين في هذه القضية إلى هيئة الرقابة والتحقيق وهيئة التحقيق والادعاء العام كل في ما يخصه بعد استكمال قضاياهم من جهة الضبط الجنائي استناداً للمواد (24، 27، 28) من نظام الإجراءات الجزائية، وذلك للتحقيق فيها واستكمال الإجراءات النظامية بحقهم ويؤخذ في الاعتبار المسارعة في ذلك». ووجّه الملك عبدالله باستكمال التحقيق مع بقية من وردت أسماؤهم في التقرير (تقرير لجنة التحقيق وتقصي الحقائق) أو المطلوب سماع أقوالهم أو من يتطلب التحقيق استدعاءه في فاجعة سيول جدة وذلك من الجهات المختصة في وزارة الداخلية، وفرز أوراق مستقلة لكل من وردت أسماؤهم في التحقيق وليست لهم علاقة مباشرة بمسار فاجعة جدة وإحالتهم إلى جهات التحقيق المختصة. وطلب أن تتولى وزارة الشؤون البلدية والقروية في شكل عاجل فتح وتمديد قنوات تصريف السيول الثلاث حتى مصاب الأودية شرقاً وتمديد القناة الشرقية لتصب في شرم أبحر، وأن تعمل إمارة منطقة مكةالمكرمة ووزارة الشؤون البلدية والقروية على إزالة جميع العوائق أمام جميع العبارات والجسور القائمة وتحرير مجاري السيول، إما بقنوات مفتوحة أو قنوات مغطاة، وأن تزيل كل من إمارة منطقة مكةالمكرمة ووزارة الشؤون البلدية والقروية «العقوم» الترابية التي تحيط بالأراضي الواقعة في بطون ومجاري الأودية، وأن تعالج وزارة المياه والكهرباء وضع بحيرة الصرف الصحي وتتخلص منها نهائياً خلال عام من تاريخه. كما دعا إلى إيقاف تطبيق المنح والبيع والتعويض وحجج الاستحكام على الأراضي الواقعة في مجاري السيول وبطون الأودية. نظام للتوثيق وآخر لتنظيم تملك العقار كلّف خادم الحرمين الشريفين في الأمر الملكي وزارة العدل بالعمل على استصدار نظام متكامل للتوثيق، يشمل الشروط اللازمة في كتاب العدل وبقية الموثقين وتحديد اختصاصاتهم ومسؤولياتهم وإجراءات عملهم وطريقة محاسبتهم والعقوبات عن مخالفاتهم، وأن تنسق وزارة العدل ووزارة الشؤون البلدية والقروية لإصدار نظام ينظم تملك ومنح العقارات لتلافي السلبيات السابقة التي أدت إلى التعدي على الأراضي والتملك بطرق غير مشروعة بالمخالفة للأنظمة والتعليمات. وأمر بتنفيذ قرار مجلس الوزراء الذي تعمل بموجبه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وهيئة المساحة الجيولوجية والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، لإعداد دراسات عن المناطق المعرضة لأخطار السيول، وأن تكون شاملة لجميع مناطق المملكة والاستفادة من ذلك في معالجة أوضاع الأودية ومجاري السيول على أن يكون في شكل عاجل. وطلب من هيئة الخبراء في مجلس الوزراء العمل على تطوير أنظمة الرقابة والضبط ووحدات الرقابة الداخلية بما يمكنها من أداء مهماتها، وأن تقوّم وزارة الداخلية - المجلس الأعلى للدفاع المدني - إدارة الحدث والاستجابة من الجهات المعنية والاستفادة منها مستقبلاً على مستوى المملكة. ووجه الملك عبدالله بن عبدالعزيز اللجنة الوزارية المعنية بمعالجة وتطوير الأحياء العشوائية بالإشراف على إعداد وتنفيذ مخطط جديد شامل ومتكامل لشرق محافظة جدة، وأن تعد وزارة الشؤون البلدية والقروية وأمانة محافظة جدة المخطط وتنفذه، مشدداً على ضرورة سرعة إنفاذ قرار مجلس الوزراء المتعلق بتحديد أراضي وقف العين العزيزية لضمان منع التعدي عليها وتنمية إيراداتها ومراقبة تحصيلها من جهة مستقلة، وتأكيد إيقاف بيع أراضيها. وأمر بتشكيل لجنة من وزارة المالية، وديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق، وإمارة منطقة مكةالمكرمة، لحصر جميع الشركات، والمؤسسات، والمكاتب الاستشارية التي ثبت تقصيرها وإهمالها، ومن يتبين لاحقاً تقصيره أو إهماله، وإحالة الجميع إلى اللجنة الوارد ذكرها في المادة (78) من نظام المنافسات والمشتريات الحكومية، في حين تدرج وزارة الداخلية جرائم الفساد المالي والإداري ضمن الجرائم التي لا يشملها العفو الوارد في ضوء التعليمات والأوامر والتنظيمات المتعلقة بمكافحة الفساد. يذكر أن مدينة جدة كانت على موعد مع كارثة خلال تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، تمثلت في سيول اجتاحت أحياء ودمرت مئات البيوت والسيارات وقتلت أكثر من 123 شخصاً وأبقت الآلاف من دون مأوى.