تجمع مؤشرات التوقعات المحلية والدولية على أن النمو الاقتصادي في المغرب سيسجل هذه السنة أحد أضعف معدلاته خلال السنوات العشرين الأخيرة، وقد لا يتجاوز النمو الإجمالي في نهاية السنة 1.3 في المئة مقابل نحو 4.7 العام الماضي، علماً أن الاقتصاد المغربي ظل يتطور بمتوسط سنوي يزيد على 4 في المئة طيلة العقد الأخير. وربطت المندوبية السامية في التخطيط (وزارة التخطيط) التي كانت وضعت توقعات سابقة عند نحو 2.4 في المئة، بين تراجع النمو وشح تساقط الأمطار واحتمال تحقيق موسم زراعي ضعيف في الصيف المقبل، في وقت عجزت القطاعات الإنتاجية غير الزراعية عن تعويض النقص المسجل في الزراعة التي تمثل 16 في المئة من الناتج ويعمل فيها 33 في المئة من القوى العاملة. وأشارت في تقرير صدر أمس الى أن الأوضاع الاقتصادية تتميز بتأثير الظروف المناخية في الاقتصاد الوطني والمساهمة المتواضعة للنشاطات غير الزراعية في نموه، فضلاً عن ضعف الاقتصاد العالمي وتباطؤ النمو في معظم الدول الصاعدة وانخفاض حاد في أسعار المواد الأولية. وقال الوزير احمد الحليمي: «المغرب استفاد عام 2015 من تراجع الأسعار العالمية للمواد الأولية ما ساعد في إصلاح صندوق المقاصة، من دون ارتفاع ملموس للأسعار، وتقلص عجز الموازنة إلى 4.4 في المئة من الناتج الإجمالي، وتراجع العجز التجاري للسلع بنحو 18.7 في المئة، والعجز الجاري لميزان المدفوعات الخارجية بنحو 3.2 - في المئة، وارتفع احتياط الموجودات الخارجية إلى 224.6 بليون درهم، كما انخفض عجز السيولة المصرفية من 68.4 بليون في 2013 إلى 16.5 بليون عام 2015». واعتبر الحليمي أن الاقتصاد المغربي لم يتمكن مع ذلك من تجاوز صعوبات الأوضاع والمناخ، ولم يستفد كثيراً من تراجع أسعار المواد الأولية بسبب «الظاهرة البنيوية التي تكمن في ضعف نمو القطاع غير الزراعي، حيث انتقلت وتيرة نموه من 4.7 في المئة سنوياً من 2004 إلى 2012 إلى 2 في المئة فقط ما بين 2013 و2015». واعتبر أن تطور صادرات السيارات وقطع الطائرات والتقنيات الحديثة لم تعوض نشاط قطاع الملابس والصناعات الغذائية المنتجة لفرص العمل، والتي تراجعت صادراتها من 40 في المئة عام 2007 إلى 29 في المئة عام 2015. وساهمت نشاطات الخدمات المالية والعقارية والخدمات المقدمة للشركات ب 32 في المئة. وانتقلت وتيرة نموها من نحو 6 في المئة كمتوسط سنوي خلال الفترة 2004 - 2012 إلى 1.8 في المئة العام الماضي. وتميل الدراسات الاقتصادية إلى اعتبار أن المهن العالمية الناشئة في المغرب كصناعة السيارات والطائرات، التي عرفت دينامكية مهمة في السنوات الأخيرة، وساهمت في تحسين مستوى تنافسية الصادرات، لم تتمكن من النهوض بالنسيج الإنتاجي والرفع من القيمة المضافة للقطاع غير الزراعي، ما يفسر ضعف النمو الاقتصادي في حال شح الأمطار. ويتوقع المصرف المركزي أن يقل النمو الاقتصادي عن 2 في المئة نهاية العام الحالي، ووضع البنك الدولي توقعات نمو عند 2.7 في المئة، وهي مرشحة للانخفاض.