في الوقت الذي يتزايد فيه عدد اللاجئين السوريين المتكدسين الآن على حدود تركيا ليصل إلى عشرات الآلاف، كثُر اللغط حول محاولات من جانب أنقرة لإبقاء أبوابها مغلقة بعدما ظلّت مفتوحة لفترة طويلة أمام الفارين من الحرب. فقد أدى هجوم تشنه قوات الحكومة السورية المدعومة من روسيا حول مدينة حلب إلى فرار أكثر من 30 ألفاً إلى بوابة أونجو بينار على الحدود التركية في الأيام القليلة الماضية، ويقول مسؤولون إن عشرات الآلاف غيرهم ربما كانوا في الطريق. وخلق ذلك مفارقة مريرة بالنسبة إلى تركيا. فعلى رغم الإشادة بها لاستقبالها أكثر من 2.5 مليون لاجئ سوري، فإنها تواجه ضغوطاً لمنعهم من مواصلة الرحلة المحفوفة بالأخطار إلى أوروبا ولمنع العناصر المتشددة من التسلل عبر الحدود المملوءة بالثغرات لتنفيذ هجمات سواء في تركيا نفسها أو في دول أخرى. ومع ذلك تجد تركيا نفسها في مواجهة مطالب بالسماح لهؤلاء السوريين بالدخول إلى أراضيها رغم أنها تحاول إبقاء البوابات مغلقة في أونجو بينار وتقديم المساعدات لهم عبر الحدود. وقال مسؤول حكومي كبير يتولى التعامل مع مشاكل الهجرة موضحاً أن الوضع على الحدود تغيّر في السنوات الأخيرة: «لدينا الآن اعتبارات أكبر بكثير ... فهناك منظمات إرهابية لم تكن موجودة عندما بدأ الصراع السوري». وأضاف أن عدداً متزايداً من اللاجئين لا يريد سوى استخدام تركيا كمعبر إلى أوروبا على رغم الأخطار. وقال: «إذا سمحنا للجميع بالدخول سنشهد أيلان كردي آخر»، في إشارة إلى طفل سوري غرق في أيلول (سبتمبر) الماضي خلال محاولته عبور البحر مع عائلته إلى الجزر اليونانية. وتتولى جماعات خيرية تركية توصيل الغذاء وغيره من الإمدادات إلى قرى الخيام على الجانب السوري من الحدود في مواجهة أونجو بينار وتقول السلطات المحلية إنه لا داعي لفتح البوابات حتى الآن. وكان الرئيس رجب طيب إردوغان قال إن تركيا ستسمح بدخول اللاجئين إذا اقتضت الضرورة. وقال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أمس الثلثاء إنه يرى إمكانية وصول 70 ألفاً من اللاجئين إلى الحدود بين البلدين وإن تركيا لن تغلق البوابات الحدودية. وتقول تركيا منذ فترة طويلة إن السبيل الوحيد المستدام لإدارة سيل اللاجئين يتمثل في إقامة «منطقة آمنة» داخل سورية تتمتع بحماية دولية يمكن منح النازحين المدنيين الملاذ فيها دون الحاجة الى عبور الحدود إلى الأراضي التركية. ولم تكتسب هذه الفكرة تأييداً من القادة الغربيين، لكن تركيا تنفّذها على نطاق محدود في أونجو بينار. وقال المسؤول الحكومي التركي: «ما لم تكن حياتهم معرضة للخطر وما لم يكن هناك خطر وشيك فالترتيبات القائمة على الجانب السوري تسع النازحين». وفي المخيمات عند باب السلامة على الجانب السوري حيث يلعب الأطفال في حارات أرضها طينية بين صفوف من الخيام يسفعها المطر، بدأ البعض يتساءل عما إذا كانوا لا يزالون موضع ترحيب في بلد كانوا يرون فيه ملاذاً مضموناً. وقالت دليلة جمالي التي هربت من درعا قرب الحدود الأردنية: «أنا هنا منذ شهر. انتظر أن تفتح تركيا الباب». وأضافت: «لا يوجد سرير أو طعام ولا ملابس. اضطررنا للنوم في مناطق مبللة ولا شيء يغطينا. لا يوجد ما نطعم به الأطفال... كل ما نريده هو الدخول إلى تركيا». وتشعر تركيا عضو حلف شمال الأطلسي التي تشترك مع سورية في حدود طولها 900 كيلومتر بإحباط متزايد لعدم بذل المجتمع الدولي المزيد لوقف قصف القوات السورية والقوات المتحالفة معها بما فيها روسيا والذي ترى أنه السبب الرئيسي في موجة الهجرة. وقال يلجين أقدوغان نائب رئيس الوزراء وهو من قدامى مستشاري أردوغان: «من لا يستطيعون أن يقولوا أوقفوا القصف يقولون أوقفوا موجة الهجرة. إذا كنتم جادين أوقفوا أصحاب هذه القسوة».